مثقفو فلسطين.. الانتفاضة تبحث عن نخبتها

عندما انطلق الفلسطينيون في انتفاضاتهم المختلفة في وجه المحتل الصهيوني، لم تكن مجرد حجر أو سلاح بسيط يضربون به وجه عدوهم، بل جعلوا من الانتفاضة ثقافة ذاع صداها في شتى أنحاء العالم.

فباتت الانتفاضة ثقافة وسلوكا فلسطينيا مقاوما في مواجهة الاحتلال، حتى تطورت وأصبحت تعبر عن مكنونات الصدور الفلسطينية، فالرسام مقاوم، والمغني مقاوم، والكاتب مقاوم، والكثير الكثير.

ويتفق مثقفون وكتاب في أحاديثٍ منفصلة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ إذكاء نار الانتفاضة يكون عبر اهتمام المثقفين بنشر الوعي بين عامة الناس.

وأكّد الكاتب الروائي يسري الغول من غزة، والكاتب والمحلل عصام شاور من الضفة الغربية، وصالح لطفي الباحث في مركز دراسات بأم الفحم، أنّ المثقف دوره يتخطى التنظير إلى العمل الفاعل في أرض الميدان بكل المقومات.

أدوات الانتفاضة

ويتفق الغول ولطفي على ضرورة أن يسخر المثقف الفلسطيني كل ما يمتلك من أدوات المقاومة من أجل دعم الانتفاضة والمقاومة بكل وسائل الكفاح ضد الاحتلال الصهيوني.

ويعدد لطفي، أنّ أبرز أدوات الانتفاضة والمقاومة التي يمتلكها المثقف الفلسطيني هو نشر الوعي بين عامة الناس، وقال: “المثقف له دور ثوري في سياق تراكم الوعي والمعرفة من خلال ترشيد الناس، ووضع المعطيات والمعلومات أمامهم حول ماهية الوضع”.

فيما دعا الغول، إلى خلق حالة ثورية دائمة لدى العامة، ليس من خلال العاطفة التي تشحن لساعات؛ بل من خلال مراكمات حالة ثورية على أرض الواقع.

وقال: “المثقف يجب أن يكون أول من يقاوم وآخر من ينكسر، فليس دوره تنظيري بل فاعل، وأن يسخر كل ما يمتلك من أدوات من أجل دعم الانتفاضة والمقاومة ودعم كل وسائل الكفاح ضد الاحتلال الصهيوني”.

فيما يؤكّد شاور، أنّ الشعب الفلسطيني لديه تنوع فكري وسياسي انعكس على ثقافته العامة ووعيه الجمعي، ولكن تغلب عليه الصبغة الإسلامية والثقافة المرتبطة بالدين والمقاومة، وهو ما يسّهل دعم انتفاضته الثورية كما يتفق المثقفون الثلاثة.

الزاد العقدي

ويتحدث الباحث لطفي، عن ضرورة ربط المواطن الفلسطيني بقدسه وتاريخه عبر الزاد العقدي، لافتاً إلى أنّ المدينة المقدسة هي حالة عقدية في مسيرة الإنسان المسلم والفلسطيني خصوصاً.

ويوافقه الكاتب الغول الرأي، عن أهمية الحديث بشكل واضح وصريح للفلسطيني حول الواقع الذي يعيش، مؤكدين أنّ الفلسطيني كلما ارتبط بالواقع كان أكثر تهيئة نفسية في مواجهة الاحتلال في المستويات والمواقع كافة.

وفي السياق ذاته، يشير الكاتب شاور إلى أنّ الاهتمام في تعزيز ثقافة المقاومة، والتمسك بالثوابت الوطنية الحقيقية أمر مهم، مبيناً أنّه لا بد من الإشارة إلى أن مفهوم الثوابت يختلف من شخص لآخر بناء على ثقافته السياسية، الغالبية الفلسطينية تعتقد وتؤمن بأن حدود فلسطين من البحر إلى النهر، وعاصمتها القدس الشريف، هي ثوابت لا يجوز التنازل عنها.

حالة ثورية

ويتفق معظم المحللين والمثقفين الفلسطينيين على ضرورة خلق حالة ثورية مستمرة في مواجهة الاحتلال ليس بالمواجهات الشعبية بالحجارة والنار، بل من خلال نشر ثقافة الوعي الثوري بين الناس.

ويعبر المثقفان لطفي والغول، أنّ الواقع الفلسطيني يمر بمشكلةٍ كبيرة من انتقال الحالة الثورية من الفعل إلى التنظير،ورد الفعل على التنظير، لكن لطفي يستثني حالة قطاع غزة من هذا التنظير إلى العمل على نشر ثقافة المقاومة والانتفاضة.

ويُلقي المثقفون، بالعتاب على مراكز الأبحاث التي لا يتعدى دورها التنظير، فيما دعا لطفي إلى ضرورة مواجهة السلطة بالوقع الذي تعيش عليه.

وقال الباحث الفلسطيني: “يجب وضع النقاط على الحروف، ومواجهة حركة فتح ممثلة بالسلطة بأن تأخذ إحدى الخيارات؛ إما العودة للمجتمع والشعب والعمل على التحرر، أو أن تتحول إلى ظاهرة لحدية في تاريخ الشعب الفلسطيني.

ويتحدث شاور، أنّ دور المثقف ينسحب إلى التأكيد على الثوابت الحقيقية بالدرجة الأولى مثلما مطلوب منه تعزيز ثقافة الصمود والصبر لدى الشعب الفلسطيني، مبيناً أنّ الإصرار على تصحيح المفاهيم سواء من خلال المقالات ومواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى في الحديث مع الأقارب والأصدقاء والتجمعات في الأماكن العامة عند طرح أي نقاش يتعلق بالقضية الفلسطينية وثوابت الأمة.