الجمعة 26/أبريل/2024

الشوبكي: إعلان ترمب الفرصة الأقوى لإسقاط حل الدولتين

الشوبكي: إعلان ترمب الفرصة الأقوى  لإسقاط حل الدولتين

يرى المحلل السياسي الدكتور بلال الشوبكي، أنه  يجب على بعض الفصائل المعارضة لـ”أوسلو” أن تنتبه من الاحتجاج المبالغ فيه ضد قرار ترمب، فالأصل أن السفارة الأمريكية مشكلة أينما وجدت، في يافا أو بئر السبع أو القدس، فكلها فلسطين.

ويطالب الشوبكي، في هذا السياق، “أن يتم الاستفادة من قرار ترمب كمدخل لتقويض أوسلو، لا للمطالبة بالتراجع عنه (القرار)، وهو ما لا يتم الالتفات له بالشكل المطلوب، كما لا يجب إشغال الناس في قضايا جانبية في ظل قناعتها بفشل أوسلو والقائمين عليه، لا بل هذه فرصة لتقويض حل الدولتين وإسقاطه”.

وعن مدى قانونية “إعلان ترمب”، يقول الشوبكي: إن “الأمر مخالف لكل الاتفاقيات ومبادئ القانون الدولي”، أما سياسياً، “هذا القرار أظهر أميركا بشكل معزول دون أي حليف، وأهمية المشهد الحالي لا ترتبط بفلسطين وحدها، إنما بالنظرة إلى طبيعة النظام الدولي الحالي، فما عاد بالإمكان القول، أنه أحادي القطبية بشكل كامل”.

“الشوبكي” الحاصل على درجة الدكتوراه في السياسة المقارنة، وعضو شبكة السياسات الفلسطينية، وعضو الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية، يوضح، “بدا له (ترمب) وبشكل جليّ أنّه لن يستمر في الحكم أكثر من 3 سنوات أخرى، فإن لم يتم عزله بناء على مخرج دستوري في الولاية الأولى، فعلى الأرجح أنه لن يفوز بولاية ثانية، ولذلك يقوم في هذه المرحلة باتخاذ قرارات سريعة وانفعالية، كي لا يخرج من البيت الأبيض دون تحقيق شيء يذكر، بغض النظر عن مدى المنفعة المتحققة”.

أما بخصوص الضغط الجماهيري، بنظرة تفاؤلية يبين الشوبكي: “إذا ما استمر بشكل يؤثر على الشارع العربي، وبما يعيد ترتيب الأوضاع الأمنية في فلسطين، فأظن أن “إسرائيل” هي التي ستطالب ولو سراً أميركا بتأجيل تنفيذ القرار، فطبيعة النظام السياسي الأمريكي تسمح بالتراجع أو التعديل من خلال الكونغرس”.

“الشوبكي” غزير الإنتاج متابع لقضايا الحركات الإسلامية والقضية الفلسطينية والسياسات الدولية، التقاه “المركز الفلسطيني للإعلام”، فكان هذا الحوار الصريح الجريء، حول تداعيات موقف الرئيس ترمب تجاه القدس.

* بطاقة تعريفية

“الشوبكي” حصل على درجة الدكتوراه في السياسة المقارنة، وهو عضو شبكة السياسات الفلسطينية، وعضو الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية، صدر له العديد من الدراسات العلمية التي كان آخرها دراسة حول الانقسام السياسي الفلسطيني، باللغة الإنجليزية في ألمانيا.

كما ساهم في تأليف كتاب: “القضية الفلسطينية ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني في الدوحة”، وشارك في كتاب حول “فكر وممارسة حركة حماس” صدر في بيروت، كما صدر له دراسة حول “الأنظمة الهجينة في الوطن العربي”، ودراسة حول التحول الديمقراطي العنيف، كما صدر له كتاب “المتغيرات الدولية وأثرها على القضية الفلسطينية”، وكتاب “التغيير السياسي من منظور الإسلام السياسي”، إضافة إلى دراسات أخرى حول الحركات الإسلامية والتحول الديمقراطي.

فيما يلي نص الكامل للحوار :

– ما هي الدوافع التي أدت بالرئيس الأمريكي ترمب لاتخاذ هذا القرار؟

ترمب يقوم في هذه المرحلة باتخاذ قرارات سريعة وانفعالية، كي لا يخرج من البيت الأبيض دون تحقيق شيء يذكر، بغض النظر عن مدى المنفعة المتحققة.

لا يمكن النظر إلى قرار ترمب كما لو أنه حصيلة دراسات وتمحيص، وبالتالي لا بد أن تعود بالمنفعة عليه أو على أميريكا، ترمب وخلال ترشحه بدا واضحاً أنّه بسمات لا تنسجم كثيراً وبنية المؤسسات الديمقراطية، فهو الآن وبعد أشهر من الحكم، بدا له وبشكل جليّ انّه لن يستمر في الحكم أكثر من 3 سنوات أخرى، فإن لم يتم عزله بناء على مخرج دستوري في الولاية الأولى، فعلى الأرجح أنه لن يفوز بولاية ثانية، ولذلك يقوم في هذه المرحلة باتخاذ قرارات سريعة وانفعالية، كي لا يخرج من البيت الأبيض دون تحقيق شيء يذكر، بغض النظر عن مدى المنفعة المتحققة.

أيضا، كما كان ملاحظا أن فريقه المساند له وأعضاء من الكونجرس، أعلنوا ذلك صراحة للإعلام الأمريكي، بأن الرئيس يتفرد بالقرارات، فالأمر لا يتعلق بفلسطين والقدس فحسب، وإنما بالملف الإيراني أيضا، حيث تم علاجه بنفس الطريقة، فضلا عن قضايا أخرى كثيرة.

– هناك قراءة أخرى، أن ترمب بحاجة ماسة إلى دعم اللوبي الصهيوني، في هذا التوقيت، وبقراره هذا يحاول إثبات أنه الرئيس الأمريكي الأكثر قرباً لـ”إسرائيل”.
بالنسبة لي، لا أرجّح هذه القراءة، لتقديري أن اللوبي الصهيوني و”إسرائيل” أكثر حكمة من هذا التهور، ما كان يجري في العالم العربي قبل نقل السفارة كان لصالح “إسرائيل”، ولذلك لم تكن “إسرائيل” بحاجة إلى مثل هذا القرار الرمزي الذي يعيد إحياء القضية الفلسطينية.

– ما هي الآثار القانونية والسياسية لقرار ترمب ؟

من المهم قراءة التحرك العربي الشعبي، بعد سنوات من الانقسام، على أنه مؤشر على نقاء صورة القدس وفلسطين في الذهنية العربية

قانونياً، الأمر مخالف لكل الاتفاقيات ومبادئ القانون الدولي، وسياسياً، هذا القرار أظهر أميركا بشكل معزول دون أي حليف، وأهمية المشهد الحالي لا ترتبط بفلسطين وحدها، إنما بالنظرة إلى طبيعة النظام الدولي الحالي، فما عاد بالإمكان القول، أنه أحادي القطبية بشكل كامل.

في الشق السياسي أيضاً، من المهم قراءة التحرك العربي الشعبي، بعد سنوات من الانقسام، على أنه مؤشر على نقاء صورة القدس وفلسطين في الذهنية العربية، وما زال الشارع العربي عصي على محاولات التشويه.

– هل ترى أن الحراك الجماهيري والضغط الشعبي في فلسطين والعواصم العربية والإسلامية والعالم سيؤثر على القرار، وهل سيغير شيئا؟
بخصوص الضغط الجماهيري، إذا ما استمر بشكل يؤثر على الشارع العربي، وبما يعيد ترتيب الأوضاع الأمنية في فلسطين، فأظن أن “إسرائيل” هي التي ستطالب ولو سراً أميركا بتأجيل تنفيذ القرار، فطبيعة النظام السياسي الأمريكي تسمح بالتراجع أو التعديل من خلال “الكونغرس”.

بخصوص ردة فعل الجماهير، برأيي، هناك جمهوران، فلسطيني وعربي، فعلى الصعيد العربي، المطلوب تكثيف المسيرات والاحتجاجات وإعادة المكانة للقضية الفلسطينية، وعلى الصعيد الفلسطيني لا بد من استثماره لإفشال حل الدولتين.

– ما هو المطلوب فلسطينيا لمواجهة القرار؟
على الصعيد الفلسطيني، المطلوب الحفاظ على النمط الشعبي من الاحتجاج فقط، مع تحديد سقف الاحتجاج بشكل واضح، بحيث لا يزج بالناس إلى الشارع من أجل موضوع نقل السفارة، وإنما يجب الحشد لتكوين رأي عام مؤمن بفشل حل الدولتين، بحيث تجد القيادة الفلسطينية وربما العربية نفسها أمام ضرورة اجتراح خيارات جديدة تلقى توافقاً فلسطينياً عليها بعيداً عن حل الدولتين.

قرار ترمب ليس بالأمر السيء على المدى البعيد، فهو الفرصة الأقوى منذ عقود للضغط على من يتبنى خيار الدولتين، ومن الجيد لو استطاعت الفصائل المناوئة لأوسلو أن تخلق جبهة واحدة بعيداً عن الكيانات الايديولوجية

على هذا الأساس، أرى أن قرار ترمب ليس بالأمر السيء على المدى البعيد، فهو الفرصة الأقوى منذ عقود للضغط على من يتبنى خيار الدولتين، ومن الجيد لو استطاعت الفصائل المناوئة لأوسلو أن تخلق جبهة واحدة بعيداً عن الكيانات الايديولوجية، جبهة يكون هدفها توجيه الفلسطينيين نحو خيارات جديدة، بإسناد شعبي عربي.

– هل قرار الرئيس الأمريكي ترمب حول القدس، سيعجل عمليات التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني؟
عقب قرار الرئيس الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لدولة الكيان، لم يعد للناس مكاناً للوقوف في المنطقة الرمادية، وعليه، من المتوقع أن تبالغ بعض الأنظمة في اصطفافها إلى جانب “إسرائيل”، لكن الأمر الجيد، أن بعض الأنظمة ومعظم الشعوب ستساند الفلسطينيين.

خذ مثالاً الموقف الأردني وكذلك اللبناني، وإذا ما استمر التحرك الشعبي، ستتوالى المواقف المناصرة، لكن من الجيد الانتباه أن التحرك الفلسطيني يجب أن لا يستثني فلسطيني الداخل، ولو بالاستشارة السياسية ومشاركتهم في صناعة القرار، لأن الخيارات الفلسطينية المفترض استحدثها يجب ألا تقتصر على الضفة وغزة .

– ما مدى انعكاسات قرار ترمب على الاتفاقيات الموقعه كـ”أوسلو” مثلا؟
هنا يجب على بعض الفصائل المعارضة لأوسلو أن تنتبه من الاحتجاج المبالغ فيه ضد قرار ترمب، فالأصل أن السفارة الأمريكية مشكلة أينما وجدت، في يافا أو بئر السبع أو القدس، فكلها فلسطين، وعليه، يجب أن يكون قرار ترمب مدخلا لتقويض أوسلو، لا للمطالبة بالتراجع عنه، وهو ما لا يتم الالتفات له بالشكل المطلوب، كما لا يجب إشغال الناس في قضايا جانبية في ظل قناعتها بفشل أوسلو والقائمين عليه، لا بل هذه فرصة لتقويض حل الدولتين وإسقاطه.

– هل هناك غياب للرؤية الفلسطينية والعربية تجاه هذا التطور؟
يشعر المراقب أحياناً ان هناك غياب للرؤية، ما المطلوب الآن؟ التراجع عن نقل السفارة، هذا مطلب ساذج مع الاحترام للمطالبين به! المطلوب برأيي استثمار القرار الأمريكي لأقصى حد، بتعزيز فكرة فشل حل الدولتين، دون خلق أي أحداث من شأنها تقويض هذه الحالة السياسية الجديدة أمنياً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات