عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

فلسطين خارج صندوق العدالة الأمريكية

خليل عليان

الأمريكيون الذين يرتبون «صفقة القرن» لحل القضية الفلسطينية «خارج الصندوق» بشكل مختلف، غير تقليدي، أو من منظور جديد ويتضمن التفكير خارج الصندوق الحلول الابتكارية الخلاقة والإبداعية.

لكن «التفكير خارج الصندوق» في الحالة الفلسطينية من منظور أمريكي يعني الخروج من صندوق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني والمتمثلة في الشرعية الدولية.

لكن «التفكير خارج الصندوق» في الحالة الفلسطينية من منظور أمريكي يعني الخروج من صندوق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني والمتمثلة في الشرعية الدولية.

لقد تمادت الإدارة الأمريكية الحالية في ظلم الشعب الفلسطيني وتراجعت عن حل الدولتين الذي حاز موافقة معظم بلدان العالم بما فيه الدول الكبرى كما تراجعت عن إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيه شرقي القدس وسمحت لـ”إسرائيل” بخلق واقع يمنع عمليا من إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لم تكتف الإدارة الأمريكية الجديدة بهذا الظلم للشعب الفلسطيني بل هي تعمل على مبادرة جديدة سميت بصفقة القرن لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وهذه المبادرة لا تحقق العدالة للشعب الفلسطيني، وتتضمن التخلص من قرار الأمم المتحدة رقم 242 الذي نصّ على «انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في العام 1967″.

ويعني ذلك التنصل من القرار الدولي للأمم المتحدة رقم 194 الذي قرر «وجوب السماح بعودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم ويعني أيضاً تجاهل قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي حث على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ونص على «مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ العام 1967».

المسألة برمتها تتمثل في حرمان الشعب الفلسطيني الذي يقارب عدده 12 مليون نسمة من أبسط حقوقه في إقامة دولته كبقية شعوب العالم والإقامة والعيش في وطنه ووطن أجداده منذ آلاف السنين، وتمكين الصهيونية العالمية من الاستيلاء على كامل فلسطين التاريخية حتى إن الادارة الأمريكية الجديدة تفوقت في ظلمها للشعب الفلسطيني على ظلم الإمبراطورية البريطانية للشعب الفلسطيني والمتمثل في وعد بلفور الذي أعطى يهود العالم الحق في إقامة وطن قومي لهم على أنقاض الشعب الفلسطيني، وقد كان السر في هذا الظلم على الشعب الفلسطيني هو التخلص من يهود العالم في أمريكا والبلدان الأوروبية وفي روسيا وتجميعهم في بقعة واحدة هي فلسطين، وقد انطلت قواعد اللعبة على عامة اليهود الذين لم يدركوا أن تأييد الغرب للصهيونية لم يكن حبًّا في اليهود، وإنما للتخلص منهم وتهجيرهم من البلدان التي أقاموا فيها إلى فلسطين، وما زالت المؤامرة والظلم على الشعب الفلسطيني مستمرة رغم قبول القيادات الفلسطينية بـ22% أو أقل من 6000 كيلومتر مربع من أراضي فلسطين التاريخية البالغة 27.5 ألف كيلومتر مربع مع أن قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947 قد أعطى الفلسطينيين قرابة 44% من أراضي فلسطين التاريخية.

غريب أن أمريكا التي عرفت بالدفاع عن حقوق الإنسان وتقرير المصير للشعوب، تتنصل من هذه الأخلاقيات عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني، ورأي الإدارة الأمريكية الحالية مخالف للقانون الدولي واتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان وللشرعية الدولية المتمثلة في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية والسبب هو تمكين “إسرائيل” من الاستيلاء على القدس كاملة والضفة الغربية، وعدم تمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى أرضهم وبيوتهم في فلسطين، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شمعون بيريز قال بأحقية الفلسطينيين بأكثر ما يعرض عليهم من “إسرائيل” وأمريكا.

إذا كانت الإدارة الأمريكية لا ترغب في إقامة دولة للشعب الفلسطيني على أرض فلسطين وإنكار حق الفلسطينيين بالعودة إلى موطنهم في فلسطين التاريخية فلتبادر أمريكا وتعطيهم إحدى ولاياتها التي يقارب عددها 52 ولاية لكي يقيم عليها الفلسطينيون 

دعنا نواجه الحقائق على أرض الواقع، إذا كانت الإدارة الأمريكية لا ترغب في إقامة دولة للشعب الفلسطيني على أرض فلسطين، وإنكار حق الفلسطينيين بالعودة إلى موطنهم في فلسطين التاريخية، فلتبادر أمريكا وتعطيهم إحدى ولاياتها التي يقارب عددها 52 ولاية لكي يقيم عليها الفلسطينيون، أو إعطاؤهم ولاية في كندا التي تناصر الحركة الصهيونية في فلسطين، فما دامت أمريكا وكندا تعملان على حرمان الشعب الفلسطيني من العيش على أرض آبائه وأجداده فليفكر الفلسطينيون خارج الصندوق، ويطالبوا بإعطائهم إحدى الولايات في أمريكا أو كندا ليعيشوا عليها، وهذا ما تسعى اليه الحركة الصهيونية العالمية لتشتيت الشعب الفلسطيني خارج بلد آبائه وأجداده، وإلا فعلى الشعب الأمريكي والشعب الكندي الضغط على السياسيين في أمريكا وكندا للكف عن ظلم الشعب الفلسطيني، والعمل على إقامة دولته على أرض فلسطين وعودة اللاجئين الى وطنهم في فلسطين طبقا لقرارات الأمم المتحدة.

نقول لـ”إسرائيل” وأمريكا إن الشعب الفلسطيني لم يستنفذ خياراته المشروعة، وهناك خيارات للشعب الفلسطيني على منظمة التحرير الفلسطيني العمل على تحقيقها إذا تم تجاهل مطالبه في إقامة دولته في حدود أراضي عام 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها وهي:

1-سحب الاعتراف بـ”إسرائيل” كما نصت عليه اتفاقية أوسلو.

2- إلغاء اتفاقية أوسلو المعقودة مع “إسرائيل” عام 1994؛ لعدم التزام “إسرائيل” بتطبيق بنودها.

3- المطالبة بالرجوع إلى قرار التقسيم لعام 1947م، وهو المرجعية للشرعية الدولية الذي ينص على بقاء الشعب الفلسطيني في أرضه على مساحة تقارب 44% من أراضي فلسطين التاريخية.

4- الرجوع إلى الكفاح المسلح فلا يضيع حق وراءه مطالب.

على الفلسطينيين إن عاجلا أم آجلا تدارك الخطأ الذي وقع فيه الزعيم الراحل ياسر عرفات، وخليفته الرئيس محمود عباس الذي يطلق عليه مهندس أوسلو، والمطالبة بالرجوع إلى قرار التقسيم الذي وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصوتت لصالحه الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا، ولن يلوم الفلسطينيين كائن من كان في العالم، لأنهم جربوا الحلول السلمية التي لم تنصفهم لمدة سبعين سنة، ولم يتمكنوا من خلالها من تحقيق السلام المنشود بسبب حسن نواياهم التي ثبت فشلها في إرجاع حقوقهم السليبة!

يقول الشاعر العربي أحمد شوقي  في هذا السياق:

وما نيل المطالب بالتمني           ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال       إذا الإقدام كان لهم ركابا
وقول الشاعر أبو القاسم الشابي
إذا الشعب يوما أراد الحياة    فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن  ينجلي        ولا بد للقيد أن ينكسر.

المصدر: السبيل الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات