السبت 06/يوليو/2024

الحركة الإسلامية في الـ48 .. الدور ومحددات الموقف الإسرائيلي منها

الحركة الإسلامية في الـ48 .. الدور ومحددات الموقف الإسرائيلي منها

أسهمت هزيمة يونيو/حزيران 1967، ومصادرة الاحتلال “الإسرائيلي” أملاك الوقف الإسلامي، واحتكاره حق تعيين رجال الدين، في ظهور صحوة دينية داخل الأراضي المحتلة عام 48، وتوجهت شريحة من الشباب للدراسة في الكليات الإسلامية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعادوا منها وهم يحملون توجها إسلامياً حركياً بأبعاد اجتماعية وثقافية وسياسية.

وكان عبد الله نمر درويش واحداً من هؤلاء الشباب الذين شكلوا على إثر ذلك الحركة الإسلامية في فلسطين 48 في أوائل سبعينيات القرن العشرين، وعملوا في واجهات اجتماعية متعددة عبر جمعيات خيرية وخدمات طبية، وأندية رياضية، وفتح مكتبات وقاعات للمطالعة.

الجذور:
تعود الجذور الأولى للحركة الإسلامية في فلسطين 48 إلى أوائل السبعينيات؛ حيث تضافرت عدة عوامل أدت إلى تصاعد التيار الإسلامي لدى عرب الـ48، من أهمها:

– حرب 1967 التي أدت إلى فقدان الثقة بالأنظمة السياسية العربية القائمة.

-استئناف الاتصال المباشر بالفلسطينيين وعلماء الدين في الضفة الغربية وقطاع غزة إثر حرب 1967 بشكل أوجد حوافز منشطة للعودة إلى الدين، وساعد على هذا نشاط الحركات الإسلامية في الضفة والقطاع، مثل حركات: الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي والجهاد.

– توجه عدد كبير من الشباب العربي إلى الدراسة في الكليات الإسلامية في الضفة الغربية، مثل كلية الشريعة في الخليل، المعهد الديني في نابلس الذي تخرج فيه الشيخ عبد الله نمر درويش أحد أقطاب الحركة الإسلامية في أوائل عهدها.

– الثورة الإسلامية في إيران، وتحقيقها لفكرة إقامة الدولة الإسلامية.

– تراجع الفكر اليساري في الدول العربية لحساب الاتجاه الإسلامي، وتعاظم دور الحركات الإسلامية في العالم العربي.

وقد ظهرت النواة الأساسية للحركة الإسلامية في فلسطين 48 بمنطقة المثلث عام 1971، وهي منطقة أكثرية سكانها عرب مسلمون، تمتد بين كفر قاسم وأم الفحم على الحدود بين فلسطين والضفة الغربية.
ثم توسعت الحركة بعد ذلك وأقامت مراكز في منطقتي الجليل والنقب، وكان الشيخ عبد الله نمر درويش من أوائل المبادرين إلى تأسيس الحركة الإسلامية.

وبعد توقيع “إسرائيل” ومنظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية أوسلو، والاعتراف المتبادل بينهما، وقع خلاف بين قادة الحركة بشأن تأييد الاتفاقية. وفي عام 1996 اشتد الخلاف وانقسمت الحركة إلى قسمين: الجناح الشمالي بقيادة رائد صلاح، الجناح الجنوبي بقيادة إبراهيم صرصور.

 الأيديولوجية:
نشأت الحركة الإسلامية، وتبنت فكرًا مشابهًا بل ومنبثقًا من فكر الإخوان المسلمين؛ فاهتمت بإنشاء البنية التحتية المتمثلة في المعاهد الدينية والمؤسسات والنوادي والعيادات الطبية ورياض الأطفال وغيرها.

هذه المنشآت أصبحت مراكز دعوة إلى الدين وغرس تعاليمه في نفوس الشبيبة العربية منذ نعومة أظافرهم، فنشأ جيل من الشباب الملتزم تجاه الحركة الإسلامية الذي يرى أن حل القضية الفلسطينية يرتبط بمبدأ الحركة “الإسلام هو الحل”.

وقد عبر أحد كبار الحركة وهو الشيخ عاطف الخطيب عن ذلك بقوله: “إن الحركة الإسلامية تؤمن بأفضلية الحل الإسلامي للقضية الفلسطينية عن طريق إقامة حكومة إسلامية على أرض فلسطين ينعم تحت حكمها المرتكز على شريعة الله اليهود والنصارى والمسلمون”.

ولأن هذا الحل يبدو غير واقعي ويدرك قادة الحركة الإسلامية ذلك جيدًا؛ فقد قال الشيخ الخطيب (قبل اتفاق أوسلو): “إنهم لا يمانعون حلا وسطا مع المنظمة (منظمة التحرير الفلسطينية) يجرى من خلاله تحرير أي بقعة من فلسطين وإقامة السيادة الفلسطينية عليها”.

 المؤسسات التابعة للحركة الإسلامية 
لأن الحركة الإسلامية في الداخل المحتل تتبنى فكرة “المجتمع العصامي”، الذي يحاول بناء مؤسسات اجتماعية واقتصادية خاصة به، فقد أنشأت سبعة عشر مؤسسة تنشط في عدة مجالات، و تنتشر في أم الفحم، يافا، الناصرة، كفر كنا، النقب، حيفا، ومن أبرزها:

• مؤسسة الأقصى للوقف والتراث:
تعد أبرز المؤسسات التي تتبع للحركة الإسلامية، فلا يكاد يذكر نشاط أو انتهاك للمسجد الأقصى، إلا ويكون من كشفه القائمون على هذه المؤسسة، وهي تقف خلف الكثير من الوثائق والصور التي تفضح الاحتلال في حفرياته، كما أنها تعمل على مقاضاة الاحتلال بعد قيامها بتقديم القائمة والأدلة الموثقة التي تمتلكها للقضاء الإسرائيلي.

وتتصدى المؤسسة للمخططات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الأقصى وكافة المقدسات، ويشغلها صيانة المقدسات الإسلامية من مساجد ومقابر ومصليات والعمل على ترميمها في الداخل الفلسطيني ومدينة القدس، وبسبب دورها الفعال أقدم الاحتلال على إغلاقها.

• مؤسسة “اقرأ” لدعم التعليم في المجتمع العربي:
تعد مؤسسة “اقرأ” الذراع الطلابي للحركة الإسلامية، تأسست الجمعية قبل عقدين، من أجل أن تعمل على ترسيخ مفهوم القدس والأقصى عند الطلاب الأكاديميين، ففي ظل السياسة التعليمية الإسرائيلية السلبية تجاه التعليم العربي، تدعم “اقرأ” كل ما يساند ويسهل أمور الطلاب العرب في تخطي العقبات التي يواجهونها خلال مسيرتهم التعليمية.

• مؤسسة البيارق:
تنشط هذه المؤسسة التي تأسست عام 2001، في مجال تسيير حافلات مصلي الـ48 للمسجد الأقصى، وهي واحدة من أبرز المؤسسات التي تعمل على دعم وإعمار المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وذلك من خلال نقل آلاف المصلين من أبناء فلسطينيي 48 عبر حافلاتها يوميًّا للصلاة في الأقصى.

• مؤسسة حراء لتحفيظ القرآن الكريم:
إنشاء المؤسسة كان نتاجًا لثمرة جهود سابقة تعمل على نشر مشروع تحفيظ القرآن الكريم بين المسلمين خاصة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس لتعميق ارتباطهم بالأرض؛ خاصة في ظل ما يواجهونه بالإضافة إلى قلة الحفظة وغياب جسم متخصص في شؤون القرآن الكريم وبرامجه.

• صندوق الإسراء للإغاثة والتنمية:
ويعمل الصندوق على تمويل المشاريع التي تخدم مسلمي 48 الذين يشدّون الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، كتزويد المؤسسات التي تنقل المصليين بحافلات، وكأن يقوم الصندوق بترميم مسجد الزيتونة التاريخي في مدينة عكا، أو أي من المساجد والمقدسات في الداخل الفلسطيني والقدس.

• صحيفة صوت الحق والحرية:
عنى بالجوانب: الدعوية، التحقيقات الصحفية، الشئون الأدبية، مجالات الأسرة، وغيرها من الزوايا الثابتة، وتنشر فيها مقالات لكبار العلماء والمفكرين المسلمين، وتعمل على مكافحة دعاوى “الأسرلة”، وتذويب فلسطينيي الداخل في مجتمع غريبة أطواره ومعتقداته وعاداته عن أخلاقهم وعاداتهم ودينهم.

 • مؤسسة النقب للأرض والإنسان:
قبل ثلاثة عشر عام، تأسست هذه المؤسسة للعناية بشؤون النقب، والعمل من أجل تعزيز صمود وثبات أهالي النقب، لذلك تقوم المؤسسة على مشاريع متنوعة تشمل كافة مناحي الحياة في النقب، من مشاريع إنسانية وصحية وتوعوية.

 انقسام الحركة:
نجحت “الحركة الإسلامية” الموحدة في الفوز برئاسة العديد من البلديات العربية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، عبر انتخابات محلية ضمن سعيها لتحسين أحوال فلسطينيي 1948 مثل أم الفحم، وكفر قاسم وكفر برا وجلجوليةوراهط، وتقاسمت مجالس أخرى مع قوائم عربية أخرى منافسة.

إلا أن فريقاً كبيراً من الحركة الإسلامية رفض تماماً المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي لأسباب تتعلق برفضها إضفاء الشرعية من قبلها على إسرائيل.
ولهذا انقسمت الحركة قسمين عام 1996:

• الجناح الشمالي:
ويقوده الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال الخطيب وهو يعارض المشاركة في انتخابات الكنيست لأنه يعتبر هذا – بشكل غير مباشر – “اعترافًا بالدولة”، والتي بنظره يجب تغييرها بدولة فلسطينية تتبنى الشريعة الإسلامية.
ولهذا سعت الحكومات الإسرائيلية لمواجهة الجناح الشمالي، وصلت لحد التحقيق حالياً مع كبار شيوخ الحركة وسجن بعضهم، وتم إبعادهم عن القدس، وأخيراً التهديد بإخراجها عن القانون وبالتالي مطاردة أعضائها، ووسمهم بأنهم على تواصل مع حركة “حماس”.

وزاد الغضب الإسرائيلي على الحركة عقب انخراطها في دعم الانتفاضة في الضفة الغربية، عام 1987، عندما أسست الحركة “لجنة الإغاثة الإسلامية”، من أجل مساعدة الأيتام والأرامل من مصابي الانتفاضة، ممّا أدّى، لتصعيد العداء لها داخل الحكومة الإسرائيلية.

• الجناح الجنوبي:
يضم مؤسس الحركة الشيخ “نمر درويش”، ويقوده حاليّاً الشيخ حماد أبو دعابس، والذي خلف الشيخ إبراهيم صرصور، الذي مثّل الحركة الإسلامية في البرلمان الإسرائيلي منذ 8 سنوات (تحظى الحركة بتمثيل في الكنيست منذ انقسام الحركة إلى شقّ جنوبي وشقّ شمالي عام 1996) وهو أكثر براغماتية، فلا يعترف بحق إسرائيل في القيام كدولة يهودية، ولكنه يقبل المشاركة في مؤسسات الحكم الإسرائيلية للتأثير من الداخل.
وعقب توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، تعمّق الجدل داخل الحركة: فبينما بارك المعسكر الجنوبي بقيادة نمر درويش ذلك الاتفاق، رفضها المعسكر الشمالي بقيادة الشيخ رائد صلاح، إلا أن هناك أنشطة عامة لخدمة فلسطينيي 48 تجمع الحركتين.

 حظر الجناح الشمالي
في يوم الثلاثاء 17 نوفمبر 2015، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراً بحظر الحركة الإسلامية(الجناح الشمالي) داخل الخط الأخضر، فيما استدعت بعضاً من قياداتها للتحقيق. وبررت الحكومة الإسرائيلية قرار الحظر بوقوف الحركة الإسلامية خلف تأجيج الاحتجاجات وأعمال العنف في المسجد الأقصى المبارك. وفور صدور القرار، داهمت الشرطة الإسرائيلية عدة مؤسسات تابعة للحركة وسلمت بلاغات استدعاء لعدد من قادة الحركة من بينهم رئيس الحركة الشيخ رائد صلاح ونائبه الشيخ كمال الخطيب.

ما هي الأسباب التي أدت لحظر الحركة الإسلامية من قبل دولة الاحتلال؟
• هدف دولة الاحتلال بضرب الرافد الأكبر للتواجد الإسلامي في المسجد الأقصى المبارك “الحركة الإسلامية”.

• تحجيم دور الحركة الفعال في التصدي لكل الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والأقصى، من اقتحامات، وتغير معالم مقدسة، وتوسعات، وسعى لتقسيم الحرم بين اليهود والمسلمين.

• حظر الحركة الإسلامية محاولةً واضحة للاستفراد بالمسجد الأقصى المبارك، وكسر طوق الحماية الأبرز الذي يحيط به، وهذا يؤشر إلى استمرار أجندة التقسيم الزماني والمكاني في قلب اهتمامات الحكومة الصهيونية.

• إبقاء اقتحامات المستوطنين و”جماعات المعبد” مستمرةً وتوفير حماية أمنية وعسكرية كبيرة لها”، حسب ما جاء في تقرير مؤسسة القدس الدولية.

 • سعي الاحتلال للتصدي لجهد الحركة الساعي لتأسيس مجتمع فلسطيني مستقل بمؤسساته في الداخل المحتل، فلا يمكن إغفال خوف الاحتلال مما يعتبر “خطرًا ديمغرافيًّا” على المجتمع الإسرائيلي.

 محددات الموقف “الإسرائيلي” من الحركة الإسلامية في فلسطين 48
منذ اطلاقتها حتى عام 1996:
تأثرت مواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من الحركة الإسلامية في فلسطين 48 بسلسلة من العوامل والمتغيرات التي أملت طابع التعامل الإسرائيلي مع الحركة. ففي هذه الفترة غضت المؤسسة الحاكمة في إسرائيل الطرف عن الحركة الإسلامية وأنشطتها، وسمحت لها ببناء مؤسساتها التعليمية والدينية والاجتماعية والإعلامية، وأتاحت لقادتها هامش مرونة كبير في التحرك والتفاعل مع الجماهير الفلسطينية، والتواصل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويعزى السلوك الإسرائيلي المتساهل هذا إلى عدة عوامل، منها:
• رغبة المؤسسة الإسرائيلية في إيجاد منافس أيديول

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

7 شهداء بعد قصف الاحتلال لمنزل في جنين  

7 شهداء بعد قصف الاحتلال لمنزل في جنين  

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 7 شبان فلسطينيين، صباح اليوم الجمعة، جراء قصف إسرائيلي بطائرةٍ مسيرة استهدف مجموعة من الشبّان في مخيم جنين...