الأحد 12/مايو/2024

التحكم بالتصعيد .. هل ترسم إسرائيل معادلتها الجديدة مع غزة؟

التحكم بالتصعيد .. هل ترسم إسرائيل معادلتها الجديدة مع غزة؟

يبدو أن الأمر هذا اليوم 31-10 قد أصبح أوضح قليلا مما كانت عليه الأمور بالأمس، عقب استهداف نفق للمقاومة والإعلان عن استشهاد 7 مقاومين، فيما لا تزال عمليات البحث جارية لإنقاذ 5 آخرين يعتقد أنهم بداخل النفق.

إذا ما نظرنا للحدث بشكل أكثر عمقا، يتضح أن من مصلحة “إسرائيل” أن يتم تصعيد محدود ومسقوف بزمن لا يتعدى الساعات، والأهم من ذلك بدرجة معينة من التأثير على المقاومة بشكل خاص والشعب الفلسطيني بشكل عام، بحيث يتم استيعاب الضربة ومن ثم المضي قدما نحو الهدوء أو ما قد يسمى باللغة العسكرية “التحكم بالتصعيد”، وهكذا تستطيع حكومة “إسرائيل” أن تزعم أمام شعبها والمنطقة أنها حققت انتصارا معينا؛ فقد ضربت هدفا “شرعيا” ومجمع عليه “إسرائيليا”.

فالأنفاق قد حفرت عميقا في الذاكرة “الإسرائيلية” منذ حرب 2014 كخطر ورعب لا يعادله شيء آخر، كما أن النفق المستهدف اخترق الحدود، وكانت استخبارات الاحتلال تتابعه عن كثب، ووفق ادعائها منذ اللحظة التي دخل فيها الحدود، أضف إلى ذلك أن الأمر قد تم من خلال تكنولوجيا حديثة تزعم أنها تستخدمها بنجاح لأول مرة، وبذا يفتخر الشعب بإنجاز جيشه العظيم ويتم نقل الاهتمام الإعلامي والجماهيري من قضية الفساد والتحقيقات مع رئيس الوزراء نتنياهو وزوجته سارة، إلى قضية أمن قومي بالنسبة لهم.

 الحدث جاء أيضا ليثبت أن “الجيش” ما زال هو صاحب المبادرة في المنطقة حتى بعد مرحلة المصالحة، هكذا خطط متخذو القرار الأمني في “إسرائيل”، “إلا أن النجاح كان زائدا عن اللزوم” وفق تعبير المحلل العسكري لصحيفة هآرتس وهو عاموس هاريئيل، حيث ارتفع الشهداء الكبار في نوعيتهم وعددهم، وأشعلوا بذلك عاصفة من العواطف الصادقة والتي دبت الرعب في قلوب متخذي القرار الصهيوني، الذي لم يكن يتوقع ذلك على الأرجح، مما اضطره إلى نشر العديد من التصريحات والتغريدات لتهدئة الأمور.

ومن أبرزها التصريح الإشكالية على المستوى الداخلي للاحتلال ما صدر عن الناطق الرسمي باسم الجيش، حيث قال “لم نكن نقصد أن نستهدف الشهداء الكبار بل تدمير النفق وحده”، مما أثار عليه ضجة واحتجاجا في وسائل التواصل الاجتماعي بـ”إسرائيل” والتي تمثل جزءا مهما من الرأي العام المتحمس والمفتخر بعمليات جيشه العظيم وبإصابته الباهرة للنفق ومعه “الكبار”.

لقد فهموا من تصريح الناطق باسم الجيش أنه نوع من الاعتذار والتراجع والخوف من ردة فعل المقاومة الفلسطينية، إلى جانب هذا قامت “إسرائيل” بإرسال العديد من الرسائل لحماس بشكل خاص حيث ما زالت تعدها ووفق تصريحات الوزير  هنغبي المسؤول الأول عما يجري في قطاع غزة، وللمقاومة بشكل عام؛ وذلك من خلال المصريين بأن “إسرائيل” تريد التهدئة، وهى تعمل من أجلها، وفي هذا السياق قدر الجنرال احتياط “غيورا ايلاند” في حديثه لراديو إسرائيل (أن إسرائيل قد تستوعب ردا رمزيا من غزة شريطة أن لا يؤدي إلى أضرار وخسائر. لكنها لن تستوعب أي رد قاس، لأنه سيضطرها للرد ومن ثم الدخول في دائرة التصعيد المتبادل والخطير) وهى في كل الأحوال في حالة تأهب للطوارئ.

إنه بات من الواضح أن “إسرائيل” مهتمة بالتهدئة، وأن مصلحة غزة وعلى الرغم من المصاب الجلل هي في التهدئة أيضا وفي عدم السماح “لإسرائيل” بتخريب مخططات الشعب الفلسطيني بالمصالحة وتعزيز الوحدة الفلسطينية، مع الأخذ بالحسبان ضرورة تطوير استراتيجية وطنية مشتركة لمواجهة “لعبة التصعيد الإسرائيلي” والمتوقع أن تتكرر وتستمر وبمبررات وذرائع مختلفة، ما بين الفترة والأخرى.

أي أن تهدئة الأمور اليوم لا تعني أن “إسرائيل” لن تقوم بتصعيد آخر بعد أسابيع أو أشهر على الأكثر، طالما لم ينجح الشعب الفلسطيني في فرض معادلته الذهبية وهي”إقناع إسرائيل من خلال الردع وغيره، ودون التورط في حرب أو تصعيد كبير بأن تكاليف لعبتها باهظة عليها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات