عاجل

السبت 01/يونيو/2024

هل تعلن تركيا قريبًا إنهاء التطبيع مع الكيان الصهيوني؟

هل تعلن تركيا قريبًا إنهاء التطبيع مع الكيان الصهيوني؟

في مارس/آذار 1949 أصبحت تركيا أول دولة ذات غالبية مسلمة تعترف بالكيان الصهيوني، بل ومن أوائل الدول حول العالم.

وشملت العلاقات بين الجانبين التبادل التجاري والسياحة والاستثمار والتعاون السياسي والدبلوماسي والعسكري، وصولًا إلى مشاريع لتزويد الكيان بالمياه من تركيا، بحسب تقرير لـ”نيويورك تايمز”، في أغسطس/آب 1999.

إلا أن تلك العلاقات بدأت تتراجع تدريجيًّا منذ تولي حزب العدالة والتنمية، بقيادة الرئيس الحالي لتركيا، رجب طيب أردوغان، زمام الحكم في البلاد، عام 2002، بالرغم من احتفاظ التبادل التجاري بين البلدين بمستوياته المرتفعة.

وعام 2010، تسبب الاعتداء الصهيوني على سفينة تركية لكسر الحصار عن غزة، واستشهاد 9 أتراك على متنها، بتضرر العلاقات بشكل غير مسبوق؛ فقد استدعت أنقرة سفيرها، وطردت السفير الإسرائيلي لديها، وأنهت التعاون العسكري، وطالبت باعتذار رسمي وتعويضات لأهالي الضحايا، ولم تطبّع العلاقات، بالرغم من الضغوط الأمريكية على تركيا، إلا عام 2016.

وبالرغم من ذلك، فإن اللهجة الحادة، خصوصًا من أنقرة تجاه الكيان، لم تتغير، واستمرت تركيا في استنكار ممارسات الاحتلال وإبداء الدعم للفلسطينيين، الأمر الذي يبدو أنه قد يتطور إلى قطع جديد للعلاقات، ربما يكون نهائيًّا هذه المرة، ويشمل التبادل التجاري، لعدة اعتبارات.

ففي 25 سبتمبر/آب الماضي، أجرى إقليم كردستان العراق استفتاءً على الانفصال عن العراق، رأت فيه أنقرة تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وهدّدت باستخدام القوة في مواجهته، متهمة الكيان بدعم تقسيم دول المنطقة وخلق كيانات على امتداد حدودها الجنوبية التي تربطها بالعالم العربي، ونقلت رويترز، صبيحة يوم الاستفتاء، تهديد الرئيس التركي بقطع العلاقات مع الاحتلال، فيما نقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية عن رئيس الوزراء بن علي يلدرم، اتهامه الموساد بحثّ القيادات الكردية على الانفصال وبترتيب الاستفتاء.

من جانب آخر، فإن ذلك الاستفتاء دفع تركيا وإيران إلى تعزيز علاقاتهما لمواجهة مساعي تقسيم العراق، ووضع نهاية لعدد من خلافاتهما وخصوصًا في الملف السوري، الأمر الذي رأت فيه الصحف العبرية، ومنها “جيروزالم بوست”، في تقرير نهاية الشهر الماضي، تهديدًا للعلاقات مع أنقرة، ولمصالح الكيان بشكل عام.

فذلك التقارب التركي الإيراني الجديد يعني تشجيع أنقرة على إنهاء تطبيعها مع الكيان، كما يعني سحبًا لورقة حاجتها إلى موارد الطاقة من الكيان لصالح طهران، بحسب ما أشارت صحيفة “فاينانشل تايمز” الاقتصادية، في 5 أكتوبر/تشرين أول الجاري، وهي الورقة التي كان الاحتلال يستخدمها في تشجيع أنقرة على تطبيع علاقاتها معه، وقد عرض الرئيس الإيراني حسن روحاني، بالفعل، مطلع الشهر الجاري، تزويد تركيا بالمزيد من الغاز، لسد حاجتها لتنويع مصادر الطاقة وتخفيف الاعتماد شبه الكامل على روسيا.

وبالتزامن مع تلك التطورات، شهدت العلاقات التركية الأمريكية العديد من الاضطرابات منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف العام الماضي، والتي اتُّهم التركي المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، زعيم ما يسمى “الكيان الموازي” بالوقوف وراءها، وترفض واشنطن تسليمه إلى أنقرة بالرغم من إلحاحها.

وقد تطور ذلك الخلاف إلى أزمة حقيقية في الآونة الأخيرة، عقب إيقاف الجانبين منح تأشيرات دخول البلدين، على خلفية توقيف أنقرة موظفًا تركيًّا في السفارة الأمريكية بأنقرة، لعلاقاته مع متورطين في الانقلاب، عدا عن توجه تركيا لتعزيز تعاونها مع روسيا، على حساب حلف شمال الأطلسي “الناتو”، بالرغم من كونها عضوًا فيه، وهو ما توّجته بشراء منظومة S-400 الدفاعية الروسية، منتصف الشهر الماضي، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في الغرب، وخصوصًا في واشنطن، مع تقارير تتحدث عن ملامح نشوء حلف جديد يجمع روسيا وإيران والصين مع تركيا وباكستان، حليفي أمريكا القديمين.

ويرى مراقبون أن ذلك التوجه التركي قد ينعكس على تشجيع أردوغان وحزبه لاتخاذ خطوة جريئة بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، أو على الأقل للتهديد بقطعها للضغط على واشنطن.

وليست الأمور بأفضل حالًا مع الاتحاد الأوروبي الذي سعت تركيا لعقود إلى الانضمام إليه، فقد اتهمت الأخيرة دول الاتحاد بإيواء عناصر من جماعات إرهابية، والسماح لها بجمع الأموال والإقامة، علاوة على ممارسة التمييز بحقها في ملف الانضمام للاتحاد، وهو الملف الذي لطالما قيد الخيارات السياسة الخارجية لأنقرة، بما فيها علاقاتها مع مختلف الدول، وقد طالب رئيس الوزراء التركي، كما نقلت “الأناضول” قبل أيام، بروكسل أن تبتّ في الملف، سلبًا أو إيجابًا، ليتسنى لبلاده دراسة خياراتها.

جدير بالذكر أن إسطنبول التركية استضافت قبل أيام مؤتمر “رواد بيت المقدس”، بحضور واسع من مختلف دول العالم العربي والإسلامي، وبمشاركة لممثلين عن حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.

إلا أن الأبرز كان عقد “مؤتمر علماء الأمة في مواجهة التطبيع السياسي مع الكيان الصهيوني” على هامشه، والذي أصدر عشرات العلماء، في ختامه، السبت الماضي، بيانًا يتضمن فتوى بتحريم جميع أشكال التعامل مع الاحتلال، باعتباره “عدوًّا”، وعدّ من يعترف به “خائنًا”، وقد تكفلت الوكالة التركية الرسمية “الأناضول”، بنشر البيان، في خطوة قد يكون لها ما يتبعها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات