الأحد 12/مايو/2024

البنايات القديمة في نابلس.. تاريخ يبتلعه غول الاستثمار

البنايات القديمة في نابلس.. تاريخ يبتلعه غول الاستثمار

عندما تتكلم لغة المال تغيب كل اللغات لدى الكثيرين، وتهمل العديد من الشعارات، بل وقد تطمس القناعات والأفكار المقدسة تمامًا.. كما هو حاصل الآن مع ظاهرة هدم البنايات الأثرية في مدينة نابلس التي سيحل مكانها مشاريع تجارية استثمارية.

وأثيرت مؤخرًا قضية هدم كثير من البنيات القديمة التي تتمتع برمزية خاصة في مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، تمامًا كما حصل مع سينما العاصي قبل أشهر، وقصر لواحظ عبد الهادي المعروف بجماله وموقعه المميز في حي رفيديا في مدينة نابلس، والذي طالته مؤخرًا أسنان الجرافات الضخمة التي بدأت بهدمه استعدادًا لإقامة مول تجاري مكانه.

مجزرة تاريخية

المهندس أحمد اشتيه، العامل بأحد المكاتب الهندسية والمهتم بالمواقع الأثرية، وصف ما تتعرض له المواقع الأثرية عمومًا -كما حصل مع قصر لواحظ عبد الهادي- بأنه مجزرة تاريخية وثقافية بغض النظر عن الأسباب والمسببات والذرائع.

وتابع اشتيه، خلال لقاء له مع “المركز الفلسطيني للإعلام“: “في البداية أريد التأكيد على أن تلك المباني تعبر عن هوية المدينة، وهي جزء من الموروث الثقافي والحضاري الذي تتباهى به المدن والدولة، وتعدّ واجهة تحكي عن تاريخ المناطق التي توجد فيها”.

وفي الوقت الذي شدد فيه اشتيه على أن تلك المباني، من يملكها أولاً هو المواطن، وبالتالي له الحق بالتصرف بها، فإن أصحاب القرار في المدينة بإمكانهم أن يمنعوا التعرض لمثل تلك الأماكن، من خلال شرائها وتحويلها إلى معالم تتحول إلى مزارات أو تحويلها بذاتها لمصالح تجارية ومطاعم على شكلها الحالي دون التغيير فيها بهدمها، مضيفًا: “يقع على عاتق الجهات الرسمية من سلطة وبلدية مسؤولية رسم هوية وتاريخ وثقافة المدينة، فنجد كثيرا من الدول تحافظ على أي معلم، ولو كان بيتا تاريخيا للحافظ عليه وللتشبث به”.

حماية التاريخ

وطالب اشتيه الجهات المسئولة كافة في مدينة نابلس العمل على حماية الأماكن الأثرية وتوثيق التاريخ وكافة المعالم، باعتبارها معبرة عن هوية وتاريخ وأصالة مدينة نابلس التي تعدّ جاذبة للآلاف من السائحين سنويًّا، على حد قوله.

وعزا اشتيه التمادي بحق الأبنية القديمة إلى عدة عوامل في مقدمتها سيطرة لغة المال على أي لغة أخرى، بالإضافة إلى إهمال جانب التنظيم في البنايات في المدينة وحتى الشوارع، الأمر الذي جعل من تلك المشاريع تقام على حساب البنايات القديمة الأثرية ودون إعطاء أي اعتبار لمكانتها الحضارية والتاريخية والرمزية المجتمعية.

وللحفاظ على ديمومة تلك المباني وحمايتها من أي استهداف بحجة التطور والارتقاء الاقتصادي اقترح اشتيه سن القوانين التي من شأنها أن تحمي تلك البنايات والأماكن الأثرية من الاستهداف أو التعدي عليها والعمل من أجل الحفاظ عليها وتوثيقها في خرائط وسجلات خاصة، تجعل كل من يأتي إلى المدينة يصل إليها بسهولة، وفي تلك الحالة نكون قد شجعنا السياحة من خلال إقامة بعض المشاريع، كما قال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات