عاجل

الثلاثاء 28/مايو/2024

الثمانيني أبو معزوز .. مسكون بحب أرضٍ سلبها الجدار

الثمانيني أبو معزوز .. مسكون بحب أرضٍ سلبها الجدار

ترنو عيناه بعيدا إلى أرضه خلف جدار الفصل العنصري شمال سلفيت، تغالبه دمعته أحيانا وينتصر عليها أحيانا، فالشوق كما يقول “نار كاوية”، لا ينفك مشهد قطف ثمار الزيتون، الذي اغتاله الاحتلال في مهده، يفارق مخيلته، ولسان حاله يرثي ما آلت إليه أرضه المسلوبة.

فجدار الفصل العنصري، سلب المزارع أحمد الدمس “أبو معزوز” (82 عاما) من مدينة سلفيت، أكثر من (60) دونما لعائلته، في منطقة وادي عبد الرحمن، ووادي هياج، ومنطقة السنابل، شمال المحافظة، يقول بحسرة: “لا أدري ماذا يفعل بها الاحتلال الآن، فتحن ممنوعون من دخول أراضينا، إلا في أيام قليلة خلال العام؛ وفي موسم الزيتون يسمحون لنا بأوقات قصيرة لجني الثمار، ولساعات محدودة خلال اليوم، دون الاكتراث لحالنا نحن المزارعين”.

“كنا مع أو قبل زقزقة العصافير، نمضي نحو حقول الزيتون، نشدو الأهازيج ، وكانت روح التعاون -العونة-  أفضل  مما هي عليه الآن، وكانت أيامنا أفضل وأجمل وكلها سعادة”، متذكرا تلك الأيام الجميلة في قطف ثمار الزيتون، قبل بناء الجدار، قبل أن يتنهد بعمق، ويتابع: “إلى أن جاء الاحتلال، وقلب الوضع رأسا على عقب، وحول فرحتنا وسعادتنا إلى شقاء وإذلال وتفتيش على البوابات”.


null
 عرس الزيتون

ويكمل “أبو معزوز” المسكون في مقارنات الماضي والحاضر، “في السابق كان موسم الزيتون عرسا وطنيا خالصا، كنا ننام في الأرض ونعيش الأمن والأمان ورغد العيش، والآن أصبح فقرا، وتفتيشا وإذلالا على بوابات الجدار، يمنع الدخول والخروج إلا بتصاريح، ولا يسمح لنا حتى أن نعرف ما جرى بأرضنا طوال العام، إلا خلال موسم الزيتون عندما يسمحون لنا بدخول أراضينا”.

ويذهب فينا بحديث آخر أكثر تشويقا، “الأن بدأ تقريبا موسم قطف ثمار الزيتون، من نوع (رصيص)، وبعدها ثمار الزيتون جميعها، صحيح أننا لا نعرف متى يسمح لنا بدخول أراضينا، لكننا سنواصل تحدي الاحتلال متشبثين بأرضنا نعتني بها رغم صلف الاحتلال”.

ويتابع: “الأرض تعني لنا كل شيء، (الحياة، والرزق الطيب، والمستقبل، والوطن، والعزة، والكرامة)، وكل إجراءات الاحتلال العقابية، لن تثنينا عن الحفاظ عن أرضنا، وسنموت فوقها رافعي الرؤوس، رواها بالدماء أجدادنا ونحن على العهد والدرب سائرون”.

ويرى أبو معزوز أن شجرة الزيتون تشكل معركة هوية مع الاحتلال، موضحا: “كلما حال الحول وجاء موسم قطف الزيتون تضاعف اهتياج الاحتلال، وأصبح جنوده ومستوطنوه كلاباً مسعورة وخطيرة للغاية، وأخذوا يتسابقون ويتنافسون في ابتكار وابتداع الوسائل والأساليب، لإفساد هذا الموسم، وترويع الفلسطينيين، وارهابهم بشتى الطرق لمنعهم من التوجه إلى بساتينهم وكرومهم لجني محصولهم”.

ويضيف: “بل حاول الاحتلال أيضاً السطو على شجرة الزيتون، وتقديمها للعالم من خلال المنشورات الدعائية والسياحية وطوابع البريد على أنها رمز لتاريخه وتراثه، للجذب السياحي”، ولكن لا يفت هذا في عضد الفلسطيني أو ينال من عزيمته وصلابة التحدي لديه، ولسان حاله لا ينفك عن القول: “هذا تاريخي، وجذوري، هذه زيتونتي، شاهد على حقيقتي وهويتي”، بحسب الثمانيني أبو معزوز.
توسع استيطاني

ويؤكد غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، أن الأراضي خلف الجدار سواء في سلفيت أو بقية محافظات الضفة الغربية، تتعرض لخسائر جسيمة خلال موسم الزيتون، نتيجة للأوقات الضيقة المعدة سلفا، والمسموح خلالها فقط بالقطاف، ونتيجة للتجريف والمصادرة، واعتداءات المستوطنين سواء على الحقول أو المزارعين.

وعن قانونية ما يقوم به الاحتلال خلال موسم الزيتون يقول، الباحث خالد معالي، إن إجراءات الاحتلال والتضييقات التي يمارسها الجنود على مزارعي خلف الجدار تخالف القانون الدولي الإنساني، والاحتلال مجبر بحسب القانون الدولي على عدم عرقلة موسم الزيتون والتضييق على المزارعين، كونه مصدر دخل وعمل يمنع المساس به للسكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال بحسب المادة (52) من اتفاقية جنيف الرابعة .

ويشير “معالي” إلى أن قرى وبلدات سلفيت، كما بقية محافظات الوطن، تعاني خلال موسم الزيتون من تضييقات الاحتلال وانتهاكاته، الهادفة إلى الطرد وتهجير المزارعين، لإفساح المجال أمام المستوطنين للتوسع الاستيطاني “المريح”، داعيا المؤسسات الحقوقية لتوثيق هذه الانتهاكات والوقوف بجانب المزارعين.


null

null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات