الإثنين 12/مايو/2025

أحمد يوسف.. قلم الرصاص رفيقي

أحمد يوسف.. قلم الرصاص رفيقي

كثيراً ما أطل الدكتور أحمد يوسف الإعلامي والسياسي الفلسطيني على الناس من شاشات التلفاز ووسائل الإعلام لكنها المرة الأولى التي يفسح فيها المجال متحدثاً عن تجربته الشخصية وصديقه الدائم (القلم).
 
كان يوسف الحاصل على دراسات عليا في الهندسة من أمريكا أحد الشخصيات التي عرضت تجربتها مع الحياة ضمن برنامج (TEdx)، الذي أقيم في جامعة فلسطين، وقدم نماذج من الإلهام والتحدي لشخصيات متنوعة في أعمار مختلفة.

وظهر الدكتور يوسف أمام مئات الحضور في قاعة جامعة فلسطين حاملاً قلم رصاص كبير رافقه طوال عشرات السنين كما يقول، وحمل أفكاره ورؤيته للتعايش بين الأديان والثقافات.

غزة هي العالم

في مطلع عمره، اعتقد يوسف أن غزة هي أكبر شيء في العالم، لكن مشاهدته لفيلم هندي نقل صوراً من الطبيعة الخلاّبة أفهمه أن العالم أكبر من غزة.
 
سافر يوسف لإكمال دراسته الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها تنقل بين بلدان العالم، ومعه القلم الذي أيقظه كثيراً ليكتب مقالات نشرها في وسائل إعلام أجنبية كثيرة.

ويضيف: “كان القلم هذا والممحاة معي في كل مكان، استخدمتهما كثيراً وكتبت فشاركني القلم ترحالي، أيقظني من النوم لأكتب”.

 
وعرض يوسف على شاشة مكبّرة صوراً من 50 عاما مضت لطفولته، وأخرى من مراحل مختلفة في حياته، وهو في جلسات حوار مع شخصيات من أديان وثقافات مختلفة في الولايات المتحدة وبلدان أوروبية.
 
ويتابع: “زوجت ابنتي  لواحد تركي والأخرى لرجل هندي، الناس تعودوا مصاهرة من مثلهم، لكنني أردت أن أصل للعالم ونقل قضيتي ومجد وطني من خلال أبنائي وأحفادي وودت لو زوجت ابني من صينية أو روسية”.
 
عالم متصادم

مضت الحياة على نسق متباين في تجربة د. يوسف، فقد زادت معرفته بثقافات وديانات الشعوب، واكتسب أصدقاء كثيرين من مثقفين ورجال دين لكنه اكتشف أن في العالم كثير من الصدامات.
 
ويتابع: “كلنا نحب التعايش والانطلاق باتجاه الآخر وننفتح على الكون لكننا في لحظة نخاف الاختلاف رغم أن الله جعلنا مختلفين، ولما تجولت في العالم وجدت غزة تكاد لا تظهر على الخارطة”.
 
عقد يوسف العزم أن يحمل فلسطين فوق قلمه وفي قلبه في كل مكان يزوره في العالم، فشارك سياسيين وأدباء وكتّاب فتفاجأ أن في كل مكان خير.
 
أحداث سبتمبر

شكلت أحداث سبتمبر (2001) منعطفاً في حياة المسلمين والعرب في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الهجمات على برجي التجارة العالمي.
 
يقول يوسف إنه عاش التجهّم والذهول في ملامح الأمريكان حين أصابهم الهلع، وفي الأيام الأولى بدأت تتسلل أخبار عن وجود مسلمين خلف الحدث.
 
ويضيف: “ارتعدت فرائص المسلمين خوفاً من الاعتقالات والملاحقة، وبدأت استدعاءات لكثيرين من الجالية المسلمة، هناك أصدقاء لنا هدّؤوا من روعنا وفتح كثيرون من جنسيات مختلفة مؤسساتهم لنا”.
 
وعرض يوسف صوراً من الأسابيع الأولى لأحداث سبتمبر التي عانى فيها المسلمون في الولايات المتحدة ما اضطرهم كثيراً للتعبير صراحةً عن تضامنهم مع أمريكا بارتداء العلم أو الظهور أمام شعارات وصور وطنية لأمريكا.
 
وتابع: “بدأ الأمريكان بعد أحداث سبتمبر يسألون عن الإسلام وكتبت عدة كتب عن التعايش وتلاقح الأفكار، والغريب أنني مكثت سنوات طويلة أتنقل في أمريكا لا أحمل بطاقة هوية ولا جواز سفر حتى وقعت أحداث سبتمبر”.

كما تحدث عن تجربته حين سافر إلى سويسرا عام (1998) في مهمة إنسانية، وطاف عدة مدن فوجد عدة لغات وثقافات وحالة تعايش بين الناس، فيما تفاجأ بتحوّل عاصمة أيرلندا الشمالية لمدينة سياحية رغم أنباء العنف القديمة عنها.
 
وطالت رحلة يوسف دولا أخرى مثل أفغانستان و النرويج وباكستان ومعظم أوروبا فحلّ فيها ضيفاً في كثير من المؤتمرات، وتحدث كمثقف عن قضيته ومتطلبات التعايش.
 
وبعد تجربة خصبة من الترحال والكتابة في وسائل الإعلام وإقامة المؤتمرات والحوارات مع كثيرين من دول عدة، شدّ الحنين للوطن الدكتور يوسف فقرر العودة لغزة.
 
ويؤكد د. يوسف أنه قرر سداد ما أسماه بالدين للوطن، وأن قلمه شكّل بوصلة سلوك وتفكير، ومداده جسّد حالة إلهام دائم ومنارة للكتابة.
 
وختّم حديثه بعبارات مؤثرة عن حزنه على والده الذي فارق الحياة دون أن يراه، وقد زار قبره عندما وصل غزة قائلاً: “ها قد عاد أحمد رافعاً رأسك وحقق كل ما تمنى”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات