تقوع .. كيف أحرجت جنود إسرائيل بكمائنها؟
لم يكتفِ الاحتلالُ بسلب أراضي بلدة تقوع الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة لصالح المستوطنات المقامة على أراضيها، بل امتد في اعتداءاته إلى مواطني البلدة البالغ تعدادهم 14 ألف نسمة.
تقوع التي تمتد أراضيها لمشارف البحر الميت، بمساحة إجمالية تزيد عن 190 ألف دونم، لم يتبقَ منها اليوم سوى 25 ألف دونم، وسُمح مؤخراً للبلدية أن تُعطي مخططاً هيكلياً على مساحة خمسة آلاف دونم فقط، ومعظم أراضيها مصنفة “ب”و “ج” حسب اتفاق أوسلو، أو أنها محميات طبيعية، يُمنع على أحد من المواطنين استخدامها أو حتى تغيير معالمها، حسب رئيس البلدية حاتم صباح.
خمسُ مستوطنات
هذه المساحات والتقسيمات جعلت من السهل على الاحتلال سلب أراضي القرية لصالح المستوطنات الخمس المقامة على أراضيها، فثلاث بؤر استيطانية عزلت تقوع البلدة عن أراضيها الممتدة إلى البحر الميت من الجهة الشرقية، وأسمتها محمية طبيعية.
كما أن أكبر مستوطنتين بالمساحة وعدد المستوطنين وهما: “تقواع” و”نيكوديم” مقامتان على أراضي البلدة من الجهة الشمالية، يعني محاصرتها بالاستيطان من جهتين، إضافة الى شارع التفافي يمتد من الشمال إلى الغرب، يخنقها ويعزلها عن محيطها.
يسكن إحدى المستوطنتين الكبيرتين وزير جيش الاحتلال المتطرف “افيغدور ليبرمان”، وهذا له معناه في الحالة الأمنية التي يجب أن يبقيها جيش الاحتلال في المنطقة، إضافة الى مبرراته الدائمة في توسيع المساحات حول المستوطنات بالدواعي الأمنية، التي تكن الحجة الدائمة لسرقة الأرض والتوسع الاستيطاني.
null
مواجهات مستمرة
إذا مررت ببلدة تقوع على شارعها الرئيس من الجهة الشمالية والذي يبدأ مع منطقة تعرف بخربة الدير، وصولاً إلى منطقة المدرستين الأساسيتين: الجُرمق والخنساء، وحتى المدخل الغربي للبلدة، والمعروفة بمساحاتها المزروعة بأشجار الزيتون والأراضي الزراعية، تجد جنود الاحتلال يتمترسون على طول الطريق، مشاة ودوريات.
يضاف إلى ذلك برج المراقبة العسكري الذي وضعه الاحتلال عند مدخل البلدة الغربي، والقريب من مبنى البلدية، والذي يعدّ المدخل الرئيس لتقوع.
يقول الناشط في البلدة فؤاد سليمان، إن تواجد الجنود على طول هذه الطريق يتستفز الشبان والفتية وطلبة المدارس للمواجهة معهم، ويجعل الطالب المار من الطريق تحت ضغط نفسي وخوف مستمر، كما أن مداهمات الجيش شبه اليومية للمنازل والتفتيشات والتحقيقات الميدانية، وتعطيل حياة الناس لصالح مرور مستوطن، يؤدي إلى الاحتكاك الدائم والمواجهات العنيفة.
سُجّل في بلدة تقوع أكثر من 16 شهيداً، ومئات الجرحى، وأحد الشهداء، استشهد بعد دهسه من مستوطن يمر الشارع الرئيس في البلدة، وهو أسعد سليمان عام 1995، طالبٌ في المرحلة الأساسية، كما استشهد ثلاثة شبان عام 2017 فقط، أحدهم اتهمه الاحتلال بمحاولة طعن مجندة، وآخر اتُهم بمحاولة تنفيذ عملية دهس للجنود، وثالث أثناء المواجهات العنيفة التي تندلع في البلدة.
null
كمائن تُحرج الجنود
لا تستطيع اليوم أن تتحدث عن تقوع دون الإشارة الى الكمائن التي ينصبها الشبان والفتية لجنود الاحتلال المقتحمين للبلدة.
فدفع مجموعة من الجنود المدججين بأكثر الأسلحة تطورا، لمطاردة شاب أعزل هو أمر سهل، ولكن ما أن يدخل الجنود منطقة معينة حتى يفاجؤوا بوجود كمين يتم فيه رشقهم وآلياتهم بالحجارة والزجاجات الحارقة، ثم يتبع ذلك تصوير للواقعة ونشرها على صفحات التواصل الاجتماعي.
مثل هذه الأحداث دفعت قادة جيش الاحتلال لصب جام غضبهم على البلدة وأهلها، وجعل القصة في البلدة لا تنتهي.
ويؤكد الناشط فؤاد سليمان أن حملة الاعتقالات في تقوع تزداد مع ازدياد المواجهات، أو الأحداث في الأرض الفلسطينية المحتلة التي تنعكس دائما في البلدة.
ويحاول الاحتلال ردع أفعال المقاومة، بالاعتقالات اليومية التي تطال الفتية والأطفال في كثير من الأحيان، والذين لا تتجاوز أعمارهم 17 عاماً، فخمسون معتقلا في تقوع خلال أقل من شهر واحد، والاعتقالات تتم بعد التخريب والتهديد والوعيد، وتصل الأحكام بعد الاعتقال إلى أشهر وسنوات، وغرامات مالية بآلاف الشواكل.
وباختصار فإن البشر والأرض في تقوع مستهدفون بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتصل إلى نتيجة مفادها أن القضية دخلت في دوامة مستمرة، لن تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال ورحيله.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
بعد 5 مجازر .. ارتفاع حصيلة الإبادة الجماعية في غزة إلى 36224 شهيدًا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 5 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 53 شهيدا و357...
“كل العيون على رفح”.. صورة يشاركها الملايين في العالم
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام شارك رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة أنشِئت بالذكاء الاصطناعي تحمل عبارة "كل العيون على رفح" أكثر من 44 مليون مرة...
حرب الإبادة الجماعية بغزة تحرق أحلام طلبة الثانوية العامة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة والتي بدأت قبل 8 أشهر حرمت طلبة الثانوية العامة من أداء الاختبارات التي...
معسكر جباليا .. صمود ملحمي رغم الهولوكوست الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دمار كبير وإرادة بقاء وتحدٍّ .. هكذا يبدو المشهد في معسكر جباليا شمال قطاع غزة إثر انسحاب قوات الاحتلال "الإسرائيلي"...
قنابل الاحتلال تحرق عشرات المحال التجارية في السوق المركزي برام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام تسببت اقتحامات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، باندلاع حريق كبير في السوق الرئيس لمدينتي رام الله والبيرة....
تراجع كبير لمساعدات غزة وتنديد بهجمات الاحتلال على المستشفيات
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن كمية الغذاء والمساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة انخفضت...
أطباء بلا حدود تطالب بإنهاء حملة الموت والدمار التي يشنها الاحتلال على غزة
جنيف - المركز الفلسطيني للإعلام ندّدت منظمة أطباء بلا حدود بـ "حملة الموت والدمار" التي تشنّها إسرائيل على غزة، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار في...