السبت 04/مايو/2024

حبيب: 4 أسباب تمنع الحرب على غزة.. ولهذه الأبعاد تغيرت علاقة مصر وحماس

حبيب: 4 أسباب تمنع الحرب على غزة.. ولهذه الأبعاد تغيرت علاقة مصر وحماس

أكّد الخبير الأمني والمحلل السياسي إبراهيم حبيب، أنّ السلطة الفلسطينية لا تمتلك الجرأة على مصارحة الشعب بفشل خيار التسوية، وأن ما تمارسه هو عبارة عن تدليس وذر للرماد في العيون وإضاعة للوقت لبقاء الحال على ما هو عليه.

وأوضح حبيب في حوار مطول مع “المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ الإدارة الأمريكية الحالية أعجز من أن تطرح حلولاً حقيقية قابلة للتطبيق، واصفاً إياها بأنها يمينية صهيونية بامتياز، “وبالتالي فإنّ كل ما تفعله الآن هو محاولة تدوير عملية السلام وليس إحياءها” كما قال.

وفي سياق آخر، وصف الأكاديمي الفلسطيني، التفاهمات بين القاهرة وحركة “حماس” أنّها تأتي في إطار تفاهم تكتيكي مرحلي، عازياً ذلك إلى أنّ الإدارة المصرية الحالية شكّلت إعادة إنتاج للنظام السياسي القديم والدولة المصرية العميقة.

وأوضح حبيب، أنّ هذه التفاهمات لا يمكن بناء طموحات عليها لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة، مبيناً أنّه لا يوجد أي تغيير جذري في الاستراتيجية المصرية تجاه العلاقة مع حركة حماس، بل إنّ ما حدث هو تغيير تكتيكي مرحلي فقط.

وتوقع الخبير الأمني، ألا تقدم “إسرائيل” خلال عام أو عامين على شن حرب جديدة ضد قطاع غزة، مبيناً أنّ بناء الجدار العازل على حدود قطاع غزة يكلفها هذه المدة، فيما لا زالت الجبهة الصهيونية الداخلية تعاني من تبعات حرب عام 2014، سيما في ملف الجنود الأسرى الذي لم يشهد أي تقدم حقيقي.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف تنظر إلى ما تطرحه واشنطن من حلول لما يسمى بـ”السلام الإقليمي”؟

الإدارة الأمريكية الحالية أعجز من أن تطرح حلولاً حقيقية قابلة للتطبيق بقدر ما هي فقاعات في الهواء في ظل ضعف هذه الإدارة وتعقد المشهد الإقليمي، وبالتالي ربما هذا الطرح إعادة عملية السلام وليس عمل سلام كمحاولة تدوير.

برأيك ما هي الأسباب؟

الأسباب عديدة، أولها فيما يتعلق بالإرادة الأمريكية لتحقيق السلام، فلا يوجد إرادة حقيقية، ومنذ تولي رعاية “إسرائيل” بعد عام 1960، لم يكن هناك إرادة أمريكية لإقامة سلام عادل وشامل في المنطقة مع إدراكنا تماماً لقدرة الولايات المتحدة على تحقيق ذلك، سيما أن هناك قرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة يمكن الاستناد إليها في تحقيق هذه المبادئ، وأعتقد أن الفلسطينيين قدموا ما فيه الكفاية من تنازلات وقبول بهذه القرارات برغم إجحافها بالحقوق الفلسطينية، إلا أنها للأسف جوبهت برفض إسرائيلي وعدم ضغط أمريكي إزاء تحقيق هذه العملية.

وعلى مستوى الإدارة الأمريكية، لا زالت ضعيفة ولا يوجد لها رؤية، ونحن نتحدث عن 22 مسؤولاً في إدارة ترمب غادر حتى اللحظة في مدة لم تتجاوز 9 أشهر، وهذا يعطي مؤشرا على ضعف هذه الإدارة، بالإضافة إلى أن ملف الشرق الأوسط ليس مرتبطا بالرئيس بل مرتبط بالكونغرس، كما أنّ الضغط “الإسرائيلي” الموجود في الكونغرس لا يعطي ضوءا أن اللوبي الصهيوني في أمريكا يسعى لإقامة سلام دائم في المنطقة العربية وفي الأراضي الفلسطينية على وجه التحديد.

كما أن هناك معوقات على المستوى “الإسرائيلي” أبرزها، أنّ هناك استراتيجية لمنع إقامة أي دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وخصوصاً على الضفة الغربية التي تعدّها “إسرائيل” جزءا من أراضيها التوراتية، ومنذ توقيع اتفاقية أوسلو بدا هذا الأمر واضحاً وحاولت هذه الاتفاقية ترسيخ الواقع وتأجيل القضايا الاستراتيجية إلى التفاوض النهائي وهو الذي لم نصل له حتى اللحظة منذ أكثر من 18 عاماً.

هناك مخطط “إسرائيلي” لمنح المستوطنات “الإسرائيلية” حق الإدارة الذاتية أي مجالس حكم محلي، وهذا يشي بما تخطط له “إسرائيل”، وهي أنشأت الإدارة المدنية وفعلتها، وباتت تطالب المواطنين الفلسطينيين في الضفة وغزة بالتواصل معها دون الرجوع إلى السلطة، وهذا يعطي مؤشرا أن “إسرائيل” باتت تضعف دور السلطة إلى أن تصل إلى مرحلة وتنهي وجودها عندما تكمل السيطرة على الضفة الغربية.

كما أنّ الذي يسيطر على الحكم الآن في “إسرائيل” هو اليمين الصهيوني، الذي لا يؤمن بفكرة الدولتين بل فكرة الدولة الواحدة أو إقامة مشروع تبادل أراضي بدون تسوية سياسية، كما هو مطروح في أراضي الجليل والمثلث بأن يكون هناك تبادل للسكان.

كما أنّ المنطقة العربية والدولة العربية تعيش حالة عجز استراتيجي، وهذا ما يعجزها أن تضغط باتجاه تحقيق سلام مع “إسرائيل”، وهي تعيش مرتاحة، والمبادرة العربية لم يعد لها آذان صاغية، وفكرة الحل الإقليمي هي أن تصل لكل الدول العربية، وهو وصلت إليه فالآن الدول العربية تطبع مع “إسرائيل” بدون مقابل، وكما تحدث نتنياهو أن “إسرائيل” لديها علاقات غير مسبوقة مع

أغلب الدول العربية.

لكن لا زال هناك طموح لدى السلطة أن يكون هناك نتائج إيجابية؟

الرئيس عباس وفريقه أكثر الناس إدراكا أن هذه الإدارة لن تعطيهم شيئا، الإدارات الأمريكية المتعاقبة والتي كان لديها ميول للموقف الفلسطيني أفضل من ذلك لم تستطع أن تقدم شيئا، نتيجة للتعنت الصهيوني والضغط اللوبي.

نحن نتحدث عن إدارة صهيونية يمينية متطرفة في الولايات المتحدة وبالتالي تتبنى الموقف الصهيوني بشكل شبه كامل، وأعتقد أن السلطة بقيادتها، وأن أمريكا لا تريد حلاًّ، وأن ما يجري محاولة لذر الرماد في العيون وإبقاء الحال على ما هو عليه.

الأخطر من ذلك أن السلطة لم تمتلك الجرأة بمصارحة الشعب الفلسطيني بما يجري، وهناك تدليس على الشعب الفلسطيني برغم إدراك هذه القيادة بفشل خيار التسوية الذي يعدّونه خياراً استراتيجياً.

غزة ومصر

كيف تابعت هذه التفاهمات منذ البداية ؟

ما جرى من تفاهمات مصرية حمساوية برعاية ربما دحلانية لا يرتقي أن نبني عليه طموحات لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة، وذلك لعدة أسباب موضوعية، فالإدارة المصرية الحالية بعد عام 2013 وتنحية الرئيس مرسي، شكلت إعادة إنتاج للنظام القديم والدولة العميقة في مصر، وهو في جوهر عقيدته السياسية يعادي الحركات الإسلامية وحماس على وجه التحديد، وكان ممتداً من أيام الرئيس مبارك، وبالتالي شكل النظام وعقيدته لم تتغير، وحالة العداء لحماس ازدادت أكثر عما كانت عليه، نظراً لاستهداف جماعة الإخوان المسلمين.

العداء ازدادت تداعياته، ورأينا حملة إعلامية مسعورة ضد حماس وغزة، ولا أدنى من ذلك اعتقال 4 شبان فلسطينيين أثناء سفرهم، وهو يجعلنا نطرح تساؤلاً لشكل هذا التغير في الموقف المصري، وإذا أردنا تحليل الأمر بشكل منهجي يجب أن ندرك أين نقف من هذا التغيير، فأي تغيير في المواقف السياسية تجاه الآخر له أربعة أشكال، تغير استراتيجي في المواقف والعلاقة، تغير هدفي، تغير برنامجي وهو أقل من الهدفي، والأخير هو تغير تكتيكي.

التغير السياسي الاستراتيجي ينتج عن تغير سياسي أمني مفاجئ في النظام السياسي للدولة أدى إلى تغيير المنظومة والاستراتيجية والرؤية، وبالتالي تغيير برنامج والأهداف والأدوات، وهو ما لم يحدث في مصر تجاه حماس.

والتغير الثاني الهدفي وهو ما يعني تغير جزئي في الاستراتيجية وهو لا يحدث إلا من خلال عاملين أساسيين، عامل خارجي أي أن هناك حدث إقليمي كبير أدى إلى تغير موازين القوى في الإقليم دفعت إدارة الدولة لتغيير بعض استراتيجيتها مع حركة حماس وهذا لم يحدث، وعامل داخلي أن هناك تغيراً جزئياً، حتى التغير الهدفي ليس موجوداً.

التغير البرنامجي أن حالة العداء لا زالت موجودة، ولكن لتخطي العلاقة وتحقيق بعض المصالح تتطلب تغيير بعض الوجوه، وهو ما لم يحدث، ولم يغيروا الملف من المخابرات إلى وزارة الخارجية.

أما التغير التكتيكي المرحلي بإبقاء الحال على ما هو عليه، ولكن نظر الطرفين أن هناك وجود علاقة مؤقتة للوصول إلى الأهداف، وبمجرد انتهاء العلاقة يعود كل شيء إلى ما كان عليه، فالتفاهمات المصرية تأتي في هذا الإطار.

ولكن برأيك ما هي أبعاد هذا التغير التكتيكي تجاه غزة ؟

نعم، هناك أربعة أبعاد: أمنية داخلية، سياسية مصرية، إقليمية، إسرائيلية، البعد الأهم بالنسبة لمصر إزاء الوضع الأمني في سيناء والذي خرج عن سيطرة الجيش المصري وهو ما يشكل هاجساً للجيش المصري والسلطات المصرية وقد يكون له تبعات صعبة، وسبق لمصر أن طلبت من حماس أن يكون لها دوراً أمنياً في سيناء، إلا أنّ الأخيرة رفضت لأنها تحصر صراعها مع “إسرائيل” وهو موقف مبدئي بالنسبة لها وهي لا تريد الخوض في صراعات عربية داخلية.

أما الشق الآخر، هناك بعض المعدات تدخل إلى غزة كان مطلوباً من حماس وبطريقة ما أوقفوا الأنفاق، وستكون التجارة من فوق الأرض، ولكن الأمر بالكاد يكون بـ”القطارة”.

العامل السياسي، أن عباس أهان السلطات المصرية برفضه المصالحة مع دحلان الذي يعدّ الورقة المصرية الأولى في الملف الفلسطيني، وبالتالي تأديب عباس بالضغط عليه من خلال قطاع غزة الذي يشكل له معضلة.

البعد الإسرائيلي الخاص بشأن قطاع غزة، فإسرائيل تريد الظهور أمام العالم أنها لا تحاصر غزة، وتريد أن تلقي الأمر في حجر مصر، والجميع يدرك تماماً أن تقنين الكهرباء من “إسرائيل” كان يصحبه إدخال كميات وقود موازية من مصر، وهذا يعطي مؤشرا أن الإجراءات المصرية لا تتم إلا بتوافق “إسرائيلي” تام، وهدفه الأساسي تخلي “إسرائيل” عن بعض المسئولية، وبالتالي لن تتورع مصر من التضييق بالكامل على قطاع غزة في المراحل القادمة.

أيضاً هناك بعد إقليمي تدخلت به السعودية والإمارات في محاولة لخلخلة الأحلاف السياسية التي تتمتع بها قطر في ظل حالة الصراع القائم بين قطر والسعودية والإمارات من جهة أخرى، ودخلت الأخيرة لتقديم بعض المشاريع والهبات المالية في محاولة لسحب حماس من الحلف القطري وبالتالي الإتيان بها إلى الحلف الإماراتي الذي لم يكن حلفاً في مرحلة من المراحل وسينقلب الأمر وستكون سيفاً مسلطاً على رقبة حماس.

أعتقد أن هذه العوامل شكلت مظلة عامة للتغير في الموقف المصري الذي لم يكن أكثر من تغير تكتيكي مرحلي، والبناء على الموقف المصري في هذه الحالة ليس إلا بيعاً للوهم وتضليل الناس في هذا الإطار، وعلى قيادة حماس أن تكون أكثر وعياً وإدراكاً للتعامل مع الملف المصري، وليس هناك مشكلة في ذلك ولكن عدم قراءة الصورة بشكل دقيق يعود بنتائج وخيمة، لأن التجربة والخطأ في إدارة الحكم لا يتحملها فقط السياسي بل يدفع ثمنها كل المواطنين.

إذن لماذا تلاشى التفاؤل حول الواقع على الأرض وأين العقدة في الأمر؟

لست من أنصار التشاؤم ولكن مع قراءة الصورة على حقيقتها، فمن باع الوهم للناس هو من يتحمل مسؤولية التشاؤم في هذا الأمر، الصورة هكذا ولم تتغير.
ولا أعتقد أن كشعب فلسطيني عاطفي، بل لدينا وعي على مستوى العالم”، لكن الناس تأخذ بتصريحات السياسيين وهذا له انعكاس مؤدي إلى فقدان الثقة وله نتائج عكسية.

كيف يمكن لحماس تجاوز الأزمة على أرض الواقع ؟

يمكن لحركة حماس أن توجد مراكز بحثية تعطيك صورة حقيقية للقرار قبل اتخاذه، يمكن لها أن تبني تقدير موقف حقيقي للخصم وهي لديها من الكوادر والمختصين القادرين على تقديم

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات