الأحد 12/مايو/2024

الأرمن أول من امتهن التصوير بفلسطين.. الحكاية الكاملة

الأرمن أول من امتهن التصوير بفلسطين.. الحكاية الكاملة

في مؤسسة المعمل للفن المعاصر في البلدة القديمة بالقدس، وعلى بُعد أمتار قليلة من دير الأرمن، المكان الذي احتضن أول مدرسة تصوير فوتوغرافي في فلسطين، قدم جوزيف مالكيان، مدير مشروع صور الشرق الأوسط وأرمينيا، محاضرة تناول فيها أوائل المصورين واستوديوهات التصوير في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط.

 وناقشت المحاضرة دور الأرمن في فن التصوير الفوتوغرافي في  الإمبراطورية العثمانية في القرنين التاسع عشر والعشرين، وأثرهم في تطور هذا الفن.
   
للمرة الأولى يزور مالكيان، الذي تنحدر عائلته من جذور أرمينية حيفاوية، فلسطين لاستكمال أجزاء من بحثه حول الموضوع ذاته.

بحث طويل
 فقد جاب المنطقة من مصر إلى الأردن ولبنان وتركيا؛ باحثا في أثر المصورين الأرمن المعروفين الذين وصل صيتهم العالم، ومفتشا عن أوائل استوديوهات التصوير التي ازدهرت في عهد الإمبراطورية العثمانية في القسطنطينية والقاهرة والقدس.

واستعرض مالكيان صوراً تنتمي إلى أرشيف صوري نادر جمعه خلال السنوات العشر الماضية، بدأت نواته عندما أنجز بحثا أجراه لكتاب حول التصوير الفوتوغرافي في الشرق الأوسط، أصدره عام ٢٠١١.

وكان اطلاعه على آلاف الصور من مجموعتي بيير ديغورد العثمانية ومجموعة جاكبسون الشرق أوسطية الفوتوغرافيتين التابعتين لمؤسسة جيتي للأبحاث في لوس أنجلوس، هو طرف الخيط الذي قاده للتوصل إلى بعض الاكتشافات.

الأرمن والتصوير
“تفاجأت أن معظم الصور الفوتوغرافية التي تنتمي لهاتين المجموعتين التقطها مصورون أرمنيّون، ومن هنا قررت أن أبحث عن الأسباب التي أدت إلى امتهان الأرمن في المنطقة التصوير الفوتوغرافي والأثر الذي تركوه على هذه الحرفة”، يقول مالكيان.

ويشير إلى أن الأرمن لعبوا دورا رياديا في انتشار وتطور التصوير الفوتوغرافي خلال حكم الإمبراطورية العثمانية؛ فقد كانوا ثاني أكبر أقلية اثنية بعد اليونانيين، وكانوا على علاقة وطيدة بالبعثات التبشيرية في الغرب؛ ما أدى إلى اطلاعهم على آخر التطورات التكنولوجية بما فيها التصوير.

ويرجع سبب توجه الأرمن للحرف اليدوية والصناعات ومنها صناعة الأدوية والكيميائيات التي ساعدتهم  في إتقان أساليب التظهير الكيميائية والطباعة التي كانت جزءا لا يتجزأ من عملية التصوير آنذاك إلى كونهم لم يتمكنوا من الالتحاق بالوظائف الحكومية والعسكرية.

ويشرح أنه وبالرغم من سيادة المعتقدات الدينية المحافظة التي رفضت التمثيل الفوتوغرافي للجسد الإنساني في تلك الفترة، إلا أن السلاطين العثمانيين أبدوا اهتماما خاصا بالتصوير الفوتوغرافي، واستخدموه للتوثيق، ولعكس صورة حديثة عن الإمبراطورية العثمانية للغرب، حسب قوله.

ويرى أن الصور الفوتوغرافية تحولت في ذلك الوقت إلى وسيلة لتغيير الصورة السلبية للإمبراطورية العثمانية في أوروبا وأمريكا؛ ما دفع السلطان عبد الحميد الثاني إلى تكليف مجموعة من المصورين الفوتوغرافيين معظمهم من الأرمن بتوثيق القسطنطينية التي كانت مدينة حديثة تعج بالحياة والسياح ومقرًّا لموظفي الحكومة البارزين؛ ليتباهى بها العثمانيون أمام الغرب، كما كلّفهم بإنتاج ألبومات كانت تهدى إلى الزوار والوفود الرسمية.

وفي المدّة التي صادفت اختراع التصوير وانتشاره، ازداد اهتمام المستشرقين بمنطقة الشرق الأوسط وتركيا، كما ازداد عدد الحجاج والسياح المتدفقين إلى المنطقة، وخلال زياراتهم  كانوا يشترون صورا تذكارية للأماكن التاريخية والدينية وتلك التي تظهر الشرق كما يتصورونه في مخيلاتهم، بمشاهده الطبيعية ومعماره وأهله البسطاء الذين يرتدون أزياء تقليدية.
 
ويقول مالكيان: إن المصورين الأرمنيّين كانوا سباقين في تلبية احتياجات السوق لمثل هذه الصور التجارية، والتي شكلت بالنسبة لهم مصدر دخل مهمًّا.

مراحل وتطور
ويقسم الباحث الأرمني تأثير الأرمن في التاريخ الفوتوغرافي في الشرق الأوسط إلى مرحلتين؛ الأولى تغطي الفترة المبكرة لظهور التصوير ما بين عام ١٨٥٠ و١٩١٥، حيث برز واشتهر مصورون أرمنيّون مثل الإخوة عبد الله، وهم أول من أنشأ أستوديو تصوير في القسطنطينية، وربطتهم علاقة وطيدة بالسلطان عبد العزيز الذي كلفهم بتوثيق جوانب مختلفة من الحياة في الإمبراطورية العثمانية.

أما المرحلة الثانية، كما يقول، فقد بدأت بعد “مذبحة الأرمن” في العام ١٩١٥، عندما وجد الناجون من المذبحة الذين استقروا في الشرق الأوسط دعما من الجاليات الأرمنية المستقرة هناك، والذين امتهن كثير منهم التصوير عملًا وفر لهم دخلا ثابتا ومضمونا، ما أدى إلى ازدياد عدد استوديوهات التصوير بشكل كبير وخاصة في مصر، وانتشارها في الأردن ولبنان وسوريا.

وسلط مالكيان الضوء على دور البطريك اساي غرابديان تحديدا، والذي أنشأ أول مدرسة تصوير فوتوغرافي في كاتدرائية سان جيمس للأرمن في القدس في عام ١٨٥٧، وكان لهذه المدرسة أثر كبير في تخريج عدد من المصورين الذين ساهموا في تطوير فن التصوير الفوتوغرافي في فلسطين وفي منطقة الشرق الأوسط في القرن التاسع عشر، حسب تعبيره.

ووفق مالكيان؛ فقد أنشأ تلامذة البطريرك استوديوهات تصوير في أماكن مختلفة في فلسطين ولبنان وغيرها من البلدان.

وذكر أن من أشهرهم غرابيد كريكوريان الذي أنشأ أستوديو تصوير في شارع يافا في القدس، وانتشرت صوره بين السياح والحجاج قبل أن يصبح في العام ١٨٩٨ المصور الرسمي للقيصر ويلهم الثاني خلال زيارته الأراضي المقدسة.

بحث مالكيان قاده أيضاً إلى اكتشاف ٦٠ استوديو لمصورين أرمنيين في مصر، أما في الأردن فقد اكتشف أربعة أجيال من المصورين الأرمن منذ عام ١٩٢٠، ويبدو أنهم أول من أنشأ استوديوهات تصوير هناك، وفق بحثه، ويعد زوهراب ماركيان أشهرهم؛ لكونه عمل مصورا للملك حسين حتى وفاته عام ١٩٩٩.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 3 مستوطنين بقصف المقاومة عسقلان

إصابة 3 مستوطنين بقصف المقاومة عسقلان

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب ثلاثة مستوطنين بجروح - فجر الأحد- جراء سقوط صاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينية على عسقلان المحتلة. وقالت هيئة البث...