الجمعة 17/مايو/2024

مرضى التليّف الكيسي.. شبح الموت يزورهم كل يوم

مرضى التليّف الكيسي.. شبح الموت يزورهم كل يوم

يعاني 320 مواطنًا، معظمهم من الأطفال، بقطاع غزة، من مرض التليّف الكيسي، وهو مرض جيني وراثي نادر يصيب الغدد الإفرازية في الجسم ويؤثر على الرئة والكبد والبنكرياس والأمعاء وبقية الأعضاء.

ويحتاج مرضى التليّف الكيسي إلى كمية علاج شهرية منتظمة من (كبسولات) تسمى (كرايون) التي تساعد أجسامهم على امتصاص الطعام والعناصر الغذائية المهمة حتى لا تتدهور صحتهم ويصابوا بتليّف الكبد وضيق التنفس، وأعراض أخرى تهددهم بالموت، وعلاجهم غير موجود إلا في وزارة الصحة.

معاناة مضاعفة

المعاناة في منزل السيّد مصطفى جبر مضاعفة، فوجود طفلين من مرضى التليّف الكيسي الذي منعت وزارة الصحة برام الله وصول علاجهم لغزة ليس بالأمر الهيّن.

منذ شهور بدأت وزارة الصحة تقلّص كمية العلاج لمرضى غزة حتى منعته قبل أسابيع بالكامل ما أوقع مصطفى جبر والد الطفلين يوسف ومحمد في حيرة كبيرة.

يقول جبر لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “ولد يوسف (وعمره الآن 11 سنة)، ومحمد (8 سنوات) مصابين بالمرض، ولهما علاج مهم يلزمني منه 11 علبة لا تباع في الصيدليات وإذا لم يأخذوه لن يزيد وزنهم جرام واحد، وتظهر أعراض السعال والإسهال وأعراض أخرى”.

انقطاع العلاج عن الأطفال في كافة الحالات يعني نقص وزن سريع وهزل قوي، ثم ظهور لزوجة فوق الرئتين وسعال شديد بسبب تراكم المخاط وعدم امتصاص الأمعاء للطعام، ما يهدد بتلف أعضاء الجسم وحدوث الوفاة.

ويتجشّم جبر تكلفة توفير غذاء خاص من الفواكه واللحوم وأنواع علاج مساعدة، وهو بحاجة شهرية لـ(1100) كبسولة من علاج المرض حتى لا يقع طفلاه تحت خطر تليّف الكبد والرئة وتلف أعضاء أخرى في الجسم.

مناشدات ضائعة

بعد أسبوعين من انقطاع العلاج بالكامل تبرّعت إحدى المستشفيات في بيت لحم  بـ(500) علبة دواء للمرضى الـ(320) بقطاع غزة، ما يكفيهم لأيام محدودة، وقد جمعتهم مؤخراً عدة لقاءات مع مسئولين في (اليونيسيف) ومؤسسات إنسانية أخرى كلهم وعدوا دون جدوى.

ويحتاج الطفل عمّار خطاب (11 عامًا)، قرابة 10 علب شهرياً من أدوية التليّف الكيسي، وإلا دخل في طور من الإعياء العام وضعف الحركة يتطور لحالة اختناق.

يقول ياسر خطاب والد عمار لمراسلنا: “من يوم ولادته مكث 6 أشهر في المستشفى، وكان مريضا جداً ثم نقل لمستشفى تل هاشومير بإسرائيل ومكث في العناية المكثفة، ولما استقرت حالته بدأنا نأخذ العلاج حتى وقعنا الآن في مشكلة كبيرة”.

حاول خطّاب التواصل مع طبيب مصري أخبره بوجود علاج بديل، لكن إغلاق معبر رفح حال دون حصوله على العلاج، وحالياً يحاول شراء العلاج على نفقته الخاصة من الأردن.

ويتابع: “أرى ابني أمامي يتألم ولا ينمو مطلقاً، وأخشى من تدهور أجهزة الجسم مثل الكبد والرئتين، فحالته الصحية والنفسية الآن سيئة”.

علاج فاسد

ويعاني الطفل عبد المجيد السّباخي (14 عامًا) من التليّف الكيسي، ويقول لمراسلنا: “أزور المستشفى كل أسبوع للمراجعة والعلاج انقطع عنّي .. أريد أعيش زي الناس ويوفرولي العلاج، فأنا لا أستطيع اللعب ولا الجري وأشعر بالتعب”.

ويؤكد أشرف السّباخي والد المريض أن ابنه بحاجة شهرياً إلى 760 كبسولة علاج، وقد رفع له الأطباء العدد قبل شهور بعد أن كان يحتاج 560 كبسولة شهرياً.

ويتابع: “نموه ضعيف جداً ولا يستفيد من الطعام، لذا مضطر أعطيه كبسولات كرايون وإلا تدهورت حالته الصحّية، ومن شهور بدأ العلاج يقلّ حتى قطعته وزارة الصحة، وهو غير موجود في الصيدليات”.

اضطر والد الطفل السّباخي لإعطائه علاجا منتهي الصلاحية بعد أن تابع كل يوم ازدياد السعال وحالة عدم الاتزان وضيق التنفس الذي حرمه من اللعب مع شقيقيه.

منذ سنوات لم يزدد وزنه 3 كجم، وبعيد انقطاع العلاج هبط وزنه بشكل حادّ، لكن أكثر ما يقلق أشرف خطر تليّف الكبد الذي يهدد حياته طفله، في حين اضطر والده لتعويض العلاج بكمية مكلفة من الفواكه والطعام الخاص.

بعد تبرّع أحد المستشفيات في بيت لحم  بـ 500 علبة دواء وصل السباخي منها 8 علب تكفيه لأربعة أيام، حسب تأكيد والده الذي بدا مشغولاً في البحث عن بديل.

ويضيف: “الآن هناك كمية مخاط كبيرة في صدره ونحتاج التبخيرة كثيراً في اليوم، والكهرباء دائما مقطوعة، وأنا في حيرة وأتألم لما أسمعه يسعل بشدة، وهو في حالة هزل شديد”.

ويتابع د.كمال خطاب مدير مستشفى الأقصى بدير البلح حالة مرضى التليّف الكيسي عن قرب فهو ليس مسئولاً طبياً فقط بل يعالج ويتابع المرضى منهم، ولم يجد طريقة لمساعدتهم حتى الآن.

ويقول: “مرضهم حساس وإذا لم يتلقوا العلاج الذي ينظم أنزيمات الهضم الرئيسة في الجسم ستزيد اللزوجة في إفراز بعض الغدد وتصل مضاعفات خطيرة” .

ويلخّص خطاب أهم الأعراض التي يقع فيها المرضى بأنها (إسهال شديد – إعياء شديد – ضيق تنفس – التهاب رئوي) وفي حال انقطع العلاج يحدث فشل في التنفس وتليّف كبد.

ويضيف: “بدأ علاجهم يقلّ تدريجياً مطلع العام حتى وصلنا إلى انقطاع كامل، وناشدنا الجميع حتى تتراجع السلطة وتعيد وزارة الصحة برام الله صرف العلاج، واليوم نعيش أمام كارثة وكوارث أتوقع أن تصيب شرائح أخرى”.

وتعاملت وسائل الإعلام قبل شهر مع معاناة مرضى التليّف الكيسي كغيرهم من مرضى الحصار، تسلّلوا إلى نشرات الأخبار ومواقع الإنترنت ليومين، ثم ما لبثت أن طويت صفحتهم وغرقوا هم في همومهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن أسفها مما جاء في كلمة رئيس السلطة محمود عباس أمام القمة العربية...

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام في غمرة الكفاح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني رفضاً للاحتلال، وطلباً للحرية، ودفاعاً عن المقدسات، تتواجد ثلّة...

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام رحّبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالبيان الختامي الصادر عن القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عُقدت...