الواقع الصحي بغزة بين منع الاحتلال وابتزاز السلطة

تسارعت وتيرة الأزمات التي عصفت بغزة مؤخرا بشكل غير مسبوق، بعد تهديدات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقطاع “بخطوات غير مسبوقة”، فالقطاع الصحي، يعاني مشاكل نقص الدواء والمستلزمات الطبية وعدم توفر قطع الغيار للأجهزة الطبية، وصولا إلى منع سفر المرضى لتلقي العلاج بالخارج نتيجة إغلاق المعابر، وتتقاقم هذ الأزمات مجتمعة، بانقطاع التيار الكهربائي في معظم ساعات اليوم.
أثر الحصار على الواقع الصحيعلى مدار 11 عاما من الحصار كانت هناك سياسات عنصرية ممنهجة لتقويض منظومة العمل الصحي من الاحتلال “الإسرائيلي”، وصولاً إلى منع الاحتلال مرضى غزة من الوصول الآمن إلى المشافي سواء في الضفة الغربية أو فلسطين المحتلة عام 48 عبر معبر (بيت حانون – ايرز)، إضافة إلى الإغلاق المستمر لمعبر رفح البري، (ترك تأثيراً مباشراً على الاحتياجات الطبية لمرضى غزة في ظل محدودية الواردات الدوائية لغزة).
كما تزداد الأوضاع خطورة بنقص المرافق الطبية الكافية والملائمة للاعتماد الذاتي بسبب إرث الاحتلال “الإسرائيلي”، وفي الظروف العادية تعطي سلطات الاحتلال المرضى الذين يتعذر علاجهم في القطاع تصاريح خاصة تمكنهم من دخول “الخط الأخضر” للعلاج في الداخل المحتل أو الضفة الغربية أو الأردن، ويكون ذلك عبر نظام معقد من الإجراءات “الإسرائيلية” التي تستغرق وقتاً طويلاً، وتتطلب من المرضى حصولهم على العديد من الوثائق للنظر في إمكانية منحهم التصاريح اللازمة للعلاج.
منع السلطة التحويلات
وإلى جانب السياسات “الإسرائيلية” الخانقة لقطاع غزة، ووفق تصريحات لوزارة الصحة في غزة، فإن السلطة الفلسطينية باتت ترفض -بشكلٍ غير معلن- الجزء الأكبر من التحويلات الطبية للعلاج في الخارج، ما أسفر عن تفاقم الأوضاع الصحية لآلاف المرضى الذين تعجز مستشفيات القطاع عن تقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم، وأدى إلى وفاة ما لا يقل عن ثمانية أشخاص (ثلاثة منهم من الأطفال) خلال الأيام الماضية نتيجة رفض تحويلهم للعلاج في الخارج، كما أن الإجراءات الجديدة تشكل خطورة على صعيد وقف إرساليات الأدوية وحليب الأطفال لغزة.
نسبة العجز
ووصل عدد الأدوية التي انعدمت بالكامل في “مستودع أدوية غزة المركزي” إلى 170 صنفًا، بنسبة 33% من إجمالي عدد أصناف الأدوية الأساسية، فيما لا يزال نحو 37 صنفًا من أصل 67 من أدوية مرض السرطان معدومة في مستشفيات القطاع، وهو ما يعني أن نحو 70% من الرعاية الطبية والخدمات المقدمة لمرضى السرطان باتت متوقفة بشكل شبه كامل.
إلى جانب ذلك، يواجه القطاع الصحي عجزًا بنسبة 40% في المسلتزمات والمستهلكات الطبية (270 صنفا)، بحسب معلومات حصل عليها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، من الإدارة العامة للصيدلة في قطاع غزة.، كما أن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية يشكّل خطورة بالغة إلى جانب ذلك على عمليات التخدير، والعناية المركزة، وغسيل الكلى، والرعاية الصحية الأولية.
الكادر الطبي
ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية ليس التحدي الوحيد الذي يواجه القطاع الصحي حاليًّا؛ فلا تزال مستشفيات القطاع تواجه عجزًا ملحوظًا في الكوادر الطبية المتخصصة.
وتحتاج وزارة الصحة في غزة سنويًّا إلى توظيف ما يقارب (800) موظف جديد ضمن الكوادر العاملة في القطاع الصحي، والتي منع معظمها مـن السفر خارج القطاع لتلقي برامج تدريبية في تخصصات معينة، وهو ما يتسبب بزيادة العبء على المستشفيات، ويدفع بآلاف المرضى إلى الانتظار لفترات تصل إلى 18 شهرًا لإجراء عمليات جراحية عاجلة، في الوقت الذي يبقى فيه المعبران الأساسيان (إيرز/ بيت حانون، ورفح) مغلقين معظم الوقت أمام الحالات الإنسانية والمرضية.
عدد المرضى
ويصل عدد المرضى الذين يحتاجون إلى تحويلات طبية للعلاج في مستشفيات خارج القطاع إلى أكثر من (1000) مريض شـهريًّا، في الوقت الذي ترفض فيه السلطات “الإسرائيلية” التحويلات لقرابة 50% منهم، فيما لا يزال نحو (20000) شخص -من بينهم حالات إنسانية ومرضية- مسجلين للخروج عبر معبر رفح، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
ويذكر أن 240 طفلا ومئات مرضى السرطان والتليف الكيسي لا يتلقون العلاج بسبب ذلك؛ لعدم تحويل السلطة في رام الله ميزانيات وزارة الصحة في غزة إليها.
وقد وصلت حصيلة المتضررين الأساسيين من الأزمة 321 مصابا بالتليف الكيسي، وغالبيتهم من الأطفال، ومرضى السرطان، وحوالي 240 طفلاً يعانون من مشاكل في النمو ويحتاجون إلى حليب علاجي.
نقص الوقود
وتوقفت عمليات خدمات المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة مؤخراً، نتيجةً حتمية لتوقف محطة الكهرباء الوحيدة عن العمل، وقلّصت الخدمات المقدمة وأجّل عدد كبير من العمليات الجراحية بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الوقود المخصص لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات، وهو ما يشكل تهديدًا مستمرًّا لحياة مئات المرضى الذين يحتاجون الرعاية الصحية المستمرة داخل المستشفيات.
وبسبب انخفاض إمدادات الوقود للقطاعات الحيوية في القطاع، فإن مستشفيات القطاع تعمل الآن بشكل حصري على احتياطي الوقود الذي تقدمه هيئة الأمم المتحدة في حالات الطوارئ.
وفي ظل النقص الحاد في الوقود، فإنهم يشغلون المستوى الثاني من المولدات الكهربائية، لإعطاء الخدمات الطبية فرصة أطول مع ما يتوفر من كمية وقود إسعافية.
الآثار السلبية التي يخلفها توقف تقديم الخدمات الطبية للمرضى في قطاع غزة:
• أزمة الأدوية ونقصها واختفائها من الأسواق.
• توقف خدمات النظافة العامة، وتكدس النفايات والمخلفات في الشوارع والأحياء السكنية وتحولها إلى مستنقعات للعديد من الأوبئة والأمراض.
• أزمة الوقود التي ستؤدي إلى تعقيد الحياة العامة بشكل غير مسبوق.
• نتيجة لانقطاع الكهرباء، ستتعرض العديد من الأدوية المخزنة، والتي تتطلب تبريدًا، للتلف.
المراجع:
• منظمة حقوقية: قطاع غزة على شفا كارثة صحية، الجزيرة نت.
• “تحذيرات من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة”، مجلة المجتمع.
• الحصار الإسرائيلي يقوّض المنظومة الصحية في قطاع غزة (مقابلة)، وكالة قدس برس.
• بعد خفض الكهرباء.. السلطة الفلسطينية تضيق على المرضى لإخضاع غزة، موقع البديل.
• تحذير فلسطيني من خطورة تدهور الأوضاع الصحية في قطاع غزة، وكالة الأنباء (سبا).
• المؤسسات الصحية الأهلية: غزة تعاني من آثار الحصار نتيجة نقص الموارد، موقع دنيا الوطن.
• ملادينوف: غزة سجن كبير يعاني من الأوضاع الصحية الخطيرة، وكالة مجال الإخبارية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...

الدويري: عمليات القسام برفح تمثل فشلا إسرائيليا مزدوجا
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-...

شركات طيران دولية تلغي رحلاتها لتل أبيب عقب قصف مطار بن غوريون
الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركات طيران دولية، صباح اليوم الأحد، إلغاء رحلاتها إلى "تل أبيب"، عقب قصف مطار بن غوريون الدولي. وبحسب...

مؤسسة حقوقية: آلاف المعتقلين بسجون الاحتلال يواجهون عمليات قتل بطيئة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام يواجه الأسرى في سجون الاحتلال تصاعدًا غير مسبوق في عمليات التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، التي تمارسها الإدارة...

جماعة أنصار الله: واشنطن تجاهلت تحذيراتنا لأنها لا تأبه بحياة الصهاينة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قالت جماعة أنصار الله اليمنية، الأحد، إن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تأبه بحياة الإسرائيليين رغم توجيه تحذير لها...

مدير المستشفيات الميدانية بغزة: المجاعة قادمة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بقطاع غزة، مروان الهمص، إن أغلب سكان قطاع غزة يعيشون تجويعاً ينفذه...

إصابة 43 فلسطينيًا باقتحام قوات الاحتلال البلدة القديمة في نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 3 فلسطينيين بينهم طفل، برصاص قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي و40 آخرون بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، إثر اقتحام...