تكية أهل الخير.. عنوان يقصده الفقراء والمحتاجون بخانيونس

بين أزقة منطقة البلد بمحافظة خانيونس جنوب قطاع غزة؛ تفوح رائحة الطعام المنبعث من مطبخ خصص لتقديم الوجبات للأسر الفقيرة والمحتاجة؛ لتكون ملاذاً آمناً لتلك العائلات في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر على سكان القطاع.

تكية “أهل الخير”.. عنوان يقصده الفقراء والمحتاجون من أبناء محافظة خانيونس، لتقدم لهم وجبات الإفطار في شهر الخير والبركة؛ في صورة تعكس حجم التعاون والتماسك مع الأسر الفقيرة والمحتاجة.

رائحة الطعام المنتشر في المكان، تعطي الإشارة بانتهاء مرحلة الطبخ والبدء بمرحلة توزيع الوجبات على مستحقيها، لتأخذ طريقها إلى منازل الفقراء؛ حيث تقدم أشهى الوجبات الساخنة.

ومع ساعات الصباح يتوجه الطباخ أبو فادي (51 عاماً) من منزله حيث المكان المخصص لطبخ الوجبات الساخنة، من أجل تحضير الوجبات اللازمة للفقراء الذين يبدؤون بالتوافد مع ساعات العصر لاستلام وجباتهم.

ويشعر أبو فادي بالسعادة البالغة أثناء تحضيره وتجهيزه للطعام، مستغلاً وقته في قراءة القرآن الكريم أثناء انتظاره نضج الطعام.

وضمن فريق من المتطوعين بتحضير الوجبات والطعام للمحتاجين، ينهمك الشاب العشريني أمير فروانة في وضع وتجهيز الطعام في علب خاصة؛ معلناً البدء في عملية التوزيع.

وحول شعوره بالعمل في تحضير وتجهيز الطعام للأسر الفقيرة والمحتاجة، يقول فروانة لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” بأنه يكون في قمة السعادة أثناء عمله، متمنياً أن يتقبل الله عز وجل منه هذا العمل.

وما أن ينتهى الشبان المتطوعون من تجهيز الوجبات لمستحقيها؛ تبدأ العشرات من الأسر الفقيرة باستلام الوجبة المخصصة من اللحم الطازج مع الأرز، أو الطبائخ الفلسطينية كالباميا واللوبيا والفاصوليا وغيرها من الأصناف.

الخمسيني مروان الباز، أحد المحتاجين الذين حضروا لاستلام وجبتهم، وكانت عبارة عن السمك مع الأرز، يقول لمراسلنا “إن الظروف الصعبة وعدم قدرته على العمل بسبب وجود غضروف في ظهره؛ هي التي تدفعه لتلقي مثل هذه المساعدات”.

ويخفي الباز الذي يعيل أسرة مكونة من 9 أشخاص نظرات الحسرة والقهر؛ متمنياً أن تنتهي الظروف الصعبة التي يمر بها أبناء شعبنا في أسرع وقت.

وأوضح الباز أنه يتلقى الوجبات من التكية بمعدل مرتين إلى ثلاثة مرات في الأسبوع نظراً لوضعه الاقتصادي الصعب الذي يمر به، مقدماً الشكر للقائمين على هذا المشروع.

من ناحيته قال سعيد فروانة أحد القائمين على التكية، إن هذا المشروع جاء بمجهود كريم من ثلاثة من رجال الأعمال المشهورين في محافظة خانيونس؛ حيث توافقوا على تأسيس هذه التكية لتكون ملاذاً للفقراء والمحتاجين.

وأوضح فروانة أن الفكرة لاقت رواجاً كبيراً بين أهل الخير في المحافظة، ما دفع الكثير من أهل الخير بالاستعداد للمشاركة في تقديم المساعدة وتوفير الاحتياجات اللازمة للتكية.

وأشار إلى أن التكية فتحت أبوابها للفقراء والمحتاجين مع حلول شهر رمضان المبارك، مؤكداً أن العمل سيستمر في التكية طيلة أيام العام بجهود أهل الخير.

وأضاف: “في بداية الأمر كانت التكية مقتصرة على منطقة البلد لوحدها، ولكن بجهود أهل الخير امتدت لتصل مناطق محافظة خانيونس كافة”.

وتابع: “بدأنا العمل بتوزيع وجبات على 300 أسرة فقيرة، إلى أن وصل التوزيع في هذه الأيام إلى 700 أسرة”، مشيراً أنه لا تقبل مساعدة من أي تنظيم، وأن الأمر مقتصر على أهل الخير فقط”.

وتتنوع الأصناف والأطباق التي تقدم للفقراء ما بين الطبخات الفلسطينية المشهورة والمعروفة، إلى الوجبات الرئيسية كالأزر والدجاج والسمك، بهدف تعويض احتياجات الفقراء والحفظ من كرامتهم.

ولفت إلى أن معدل الوجبات التي تقدم في اليوم الواحد تصل إلى 150 وجبة، جمعيها تأخذ طريقها لمنازل الفقراء وأصحاب الحاجة، الأمر الذي يشعر القائمين عليها بالسعادة والأمل بنيل الأجر من الله عز وجل، خاصة في شهر رمضان المبارك.

ويعتمد القائمون على التكية في تحديد الحالات الاجتماعية على باحث اجتماعي يخصص من قبل التكية، ليتأكد من تطابق الشروط  على الأسر المعوزة، وإعطائها كابوناً خاصاً لاستلام وجباتهم.

ولفت إلى أن الوجبات المقدمة في التكية تترواح بواقع وجبة أو اثنتين في  الأسبوع لكل أسرة، موضحاً أن بعض العائلات الكبيرة والأشد فقرا تستثني وتقدم لها من 3 إلى 4 وجبات في الأسبوع.

ويأمل القائمون على التكية أن يتطور العمل فيها ليغطي 1000 أسرة، من أجل تقديم أكبر قدر من المساعدة للأسر الأشد فقراً في المحافظة.