هوريزون.. مستكشفو الأفق الفلسطيني

من بين اهتمامات الشباب الفلسطيني المتعددة، تجد شريحة منهم متعة في خوض المغامرة واستكشاف ربوع وطنهم السليب، برغم ما يواجههم من مخاطر وعقبات.

ومن خلال صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تحمل اسم “Horizon” أو “الأفق”، أطلق الشاب علاء الهموز مشروع جولات استكشافية أسبوعية، باتت تجتذب العشرات من هواة المغامرة وركوب الدراجات الهوائية.

ويعمل الهموز (26 عاما) من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، دليلا سياحيا مجتمعيا، وينتظر الحصول على الترخيص بهذا الشأن من وزارة السياحة والآثار.

ويقول الهموز لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، إن الجولات التي ينظمها تجتذب في كل مرة مجموعة مختلفة من كل مكان في فلسطين، والتي تحرص على خوض تجربة التجوال بالمسارات الجبلية والقرى الفلسطينية.

ويتولى “الهموز” مهمة رسم مسار كل جولة قبل الإعلان عنها، حيث يقوم بجولة أولية على دراجته يحدد خلالها المسار والمحطات التي سيمر بها، ويقول: “أحدد المسار من خلال رسم مسارات استكشافية وتجربتها، ومن ثم اختيار المقاطع الأفضل منها”.

ويضيف: “نعمل من خلال الجولات على التعريف بالأرض الفلسطينية ومواقعها الجمالية والتاريخية، من خلال مسارات تمر بمواقع عديدة، لتجمع الجانب الجمالي للطبيعة مع جانب المغامرة والمتعة والمعرفة”.

وبسبب الخصوصية التي تعيشها الضفة من انتشار للمستوطنات وحواجز الاحتلال، فإن عملية الاستكشاف الأولي التي يجريها الهموز تكتسب صفة الضرورة، لتفادي أية مخاطر قد تهدد المشاركين بالجولة، لذا فهو يأخذ ذلك بعين الاعتبار عند رسمه للمسار.
 

null
متعة الاستكشاف
وفي ظل ازدهار جولات الاستكشاف بربوع الضفة في السنوات الأخيرة والتي تركز على السير على الأقدام، تتميز جولات “Horizon” باستخدام الدراجات الهوائية.

ويقول الهموز: “اخترنا الدراجة لأنها هوايتنا بالأصل، ولكونها دليلا رائعا ووسيلة تأخذنا لكثير من الأماكن التي يصعب على أية وسيلة أخرى الوصول إليها وفي يوم واحد”، ويؤكد أن قيادة الدراجة الهوائية رياضة فاخرة، ولها فائدة عظيمة على الحالة النفسية والصحية.

ومع ذلك، لا تقتصر الجولات على ركوب الدراجات، فهناك مسارات مشيا على الاقدام، وأخرى يتم فيها التخييم تستمر لعدة أيام.

ويشارك بمسارات المشي بمعدل 20 مشاركا، في حين يرتفع المعدل قليلا في مسارات الدراجات، وتعدّ الضفة الغربية بكل تضاريسها ميدانا لجولات “Horizon”، ويشمل المسار مناطق جبلية وشوارع معبدة.

خلال الجولة التي قد تمتد لنحو عشر ساعات، يحرص المشاركون على التمتع بجمال الطبيعة والآثار، وخوض المغامرة، والاستماع لقصص وشرح حول المواقع التي يمرون بها.

كما يستثمر بعضهم الجولة لالتقاط صور للمناطق التي يمرون بها، ونشرها على الصفحة الخاصة، لتعريف الآخرين بهذه الأماكن، وتشجيعهم على المشاركة بالجولات القادمة.

وبسبب وعورة المسارات الجبلية، يتطلب أن يكون المشارك على قدر كاف من الخبرة لقيادة الدراجة، وتحتاج بعض المسارات لأشخاص أفضل مستوى، لكن الهموز يحرص دائماً على اختيار مسارات مناسبة للجميع، لإتاحة المجال أمام كل من يرغب بالمشاركة.

ويقول: “نزود المشتركين بجميع التفاصيل الممكنة من خلال استبانة التسجيل لكل مسار”.

ويتحمل المشاركون بالجولات رسوم اشتراك تتفاوت من مسار لآخر، وتعتمد على موقع المسار وتكاليف المواصلات، وبدل استئجار دراجة جبلية ممتازة وخوذة، وخدمات الإرشاد، بالإضافة لتوفير ما يلزم من مستلزمات الإسعافات الأولية ومعدات الصيانة للدراجة.
 

null
أفكار جديدة
ويستعد الهموز قريبا لخوض جولة طويلة بمفرده في الأردن تسمر ١٤ يوما، لاستكشاف مسارات بطول ٨٠٠ كيلومتر على دراجته، وهو ما اضطره لتجميد جولاته المحلية والعديد من خططه بهذا المجال إلى حين عودته.

وهو يحمل في ذهنه العديد من الأفكار والخطط لتطوير مساراته الاستكشافية، وتشمل تلك الأفكار تجهيز الدراجات لكي تحمل الأدوات الخاصة بالمبيت والتخييم وجميع ما يلزم المستكشف.

ويبذل الهموز جهدا كبيرا في رسم كل مسار جديد، وهو ما يحتاج منه لجهد كبير حتى يكون المسار آمنا وبعيدا عن أية مخاطر، وتتطلب عملية استكشاف المسار تكاليف مالية وقضاء أيام وأوقات طويلة.

ويرى بأن طبيعة الأوضاع في فلسطين تحرم هواة التجوال من ممارسة هذه الهواية بالشكل الذي يمارسها به غيرهم في باقي دول العالم.

ويقول: “نحن نستغل فقط أقل من ١٠٪ من جمال ومسارات فلسطين، لذلك فإننا محصورون بحيّز ضيق، ومع ذلك فنحن نعيد له الحياة بجولاتنا”.

ويبدي الهموز تفاؤلا بزيادة الاهتمام بجولات الاستكشاف في أوساط المواطنين في السنوات الأخيرة، ويصفه بأنه ممتاز في السنوات الست الماضية، وضخم في السنة الأخيرة تحديدا.