الخميس 13/يونيو/2024

أبو تيلخ .. مخاطرة يومية في مهنة الأنبياء شرق رفح

أبو تيلخ .. مخاطرة يومية في مهنة الأنبياء شرق رفح

وسط الأراضي القريبة من السياج الأمني الصهيوني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة منذ عام 1948، يتنقل جمال أبو تيلخ بين قطيع الأغنام الخاص بعائلته، في رحلة يومية لا تخلو من المخاطرة.

ويقطع أبو تيلخ (22 عامًا) مئات الأمتار من منزله الواقع بمنطقة الشوكة شرق رفح جنوب قطاع غزة، إلى منطقة “صوفا” الحدودية التابعة لمحافظة رفح جنوب قطاع غزة، في “مهنة الأنبياء الأولى” مصطحبا قطيع أغنامه إلى الكلأ في المنطقة “الحدودية” التي تغيب عنها حركة المواطنين بفعل قربها من السياج الخاضع لسيطرة الاحتلال.

نمط حياة مختلف
بعمامته المميزة وعصاه الطويلة وهدوئه، يبدو أبو تيلخ مميزا، وهو يقود قطيعه ويرسم لحياته نمطا مختلفا عن أقرانه من الشباب.


null

ومع ساعات الصباح يخرج جمال بقطيعه إلى المرعى الذي اعتاد النزول فيه شرق منطقة الفخاري حيث الطبيعة الخلابة والعشب الأخضر المفضل لأغنامه.

ويستلقي صاحب البشرة القمحية على جنبه مستمتعا بأشعة الشمس الصفراء، فيما يرقب بعينيه الأغنام الموجودة في المحيط خشية خروجها عن القطيع وتعرضها للضياع.

وخلال تجول مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” في أرجاء المنطقة، توجه لجمال بسؤال عن طبيعة الحياة التي يعيشها، ومدى رضاه عن هذا العمل.

وبابتسامة عريضة ولهجة بدوية، أجاب أبو تيلخ: “حياتي بسيطة وجميلة في الوقت نفسه، أبدأ يومي بالخروج مع قطيعي في ساعات الصباح، وأنطلق بالمسير خلف القطيع حتى أصل إلى هذا المكان”.


null

ويتابع بعد أن قطع حديثنا نداء حمل صغير علق في بعض الأشواك: “نحن كبرنا على رعي الأغنام، وليس لنا مهنة غيرها، وأجد متعة كبيرة خلال عملي في مهنة الرعي، لاسيما وأن هذا القطيع خاص بعائلتنا”.

شهادة الأم وجرح لم يندمل
ولاحظ مراسل “المركز” الشاب الراعي وهو يعرج على قدمه اليمني، فسأله عن سبب الإصابة، لينكأ جرحا غائرًا لم يندمل في قلب جمال وذاكرته.

تنهد جمال قليلا، وقال إن هذه الإصابة ناتجة عن إطلاق قوات الاحتلال قذيفة مدفعية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة أدت إلى إصابته في بطنه وقدمه.

وصمت قليلاً ثم قال: “فقدت خلال هذه القذيفة والدتي (خضرة عواد أبو تيلخ (54عاما)) التي كانت معي في المكان نفسه، بعد أن كنا نرعى الأغنام خلال إحدى فترات التهدئة (22 يوليو/تموز 2014) بالقرب من الحدود كالعادة”.

ولم ينس جمال تلك اللحظات التي حمل خلالها أحشاءه على يديه من أجل مساعدة وإنقاذ والدته، موضحا أنه تعرض لحالة إغماء نقل على إثرها للمستشفى قبل أن يصل لوالدته.

وبقلب مليء بالأمل يتمني جمال الرحمة لوالدته التي تركته وحيدا، بعد أن تزوج إخوتُه ووالده وشقيقاته، ولم يتبقَّ سواه في المنزل.

مخاطرة يومية
ويعاني جمال من إطلاق جنود الاحتلال النار عليهم وعلى المزارعين والصيادين بين الحين والآخر، مستدركا: “رغم كل ذلك لن أترك المكان الذى تربيت فيه على رعى الغنم منذ الصغر، ولن أبتعد عنه حتى لو كلفني ذلك حياتي”.

وينتظر جمال بفارغ الصبر موسم الأمطار، الذي يؤثر تأخره على المراعي التي بدت حشائشها متآكلة من كثرة ورود الرعاة إليها، خاصة بعد الزحف العمراني الكبير للمساحات الخضراء التي كانت موجودة في السابق.


null

ومع ساعات الغروب يجمع جمال قطيعه ويعود عبر دربه الذي جاء منه، مستعينا بعصاه التي يهش بها على غنمه، فيما يبدو طرِبا بصوت الدّحيّة التي تنطلق من جواله عبر سماعات الأذن التي يضعها طيلة فترة الرعي.


null

null

null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات