السبت 27/يوليو/2024

الحصاد المائي بفلسطين.. إرث من القرن الثالث قبل الميلاد

الحصاد المائي بفلسطين.. إرث من القرن الثالث قبل الميلاد

كما يخبر المزارعون بعضهم بعضًا بحجم الغلال عقب موسم الحصاد، فإن الفلسطينيين اعتادوا على مراقبة الحصاد المائي لهم مع دخول الكوانين من كل عام عبر آبار التجميع التي لا يخلو منها بيت فلسطيني؛ حيث يحدثون بعضهم عن امتلاء آبارهم وتخطي المياه فيها للحنجرة (عنق البئر).

ويعود استخدام آبار التجميع في المنازل في فلسطين إلى القرن الثالث قبل الميلاد؛ حيث استخدمت زمن الرومان في فلسطين وفي روما، وما تزال متوارثة حتى اليوم، وتعددت أشكالها ولكنها حافظت على نمطها الخاص من تقدم الأدوات والآلات المستخدمة في حفرها.

ويشير محمد أبو حسن، وهو أحد حفاري آبار التجميع في جنين، لمراسلنا، إلى أن حفر الآبار كان يأخذ نحو عشرين يوما في المتوسط، ولكن مع استخدام المعدات المتوسطة الحديثة أصبح يتم خلال أيام معدودة.


وأردف قائلاً: “في فلسطين، الآبار تأخذ -منذ القدم- الشكل المخروطي، ويساعد على ذلك الطبيعة الجبلية، وطبيعة التربة؛ حيث يُحفر في الصخر بطبقة صلبة ثم يُنزل لأربعة أو خمسة أو ستة أمتار في طبقة من “الحثان” أقل صلابة نطلق عليها  “الحور”، ثم ما نلبث أن نصل لطبقة صخرية صلبة نقف عندها لتشكل أرضية البئر.

ونبّه بأن الشكل المخروطي هو تصميم هندسي قديم لتوزيع الأحمال داخل البئر، فنحن نحفر بالتوالي: الحنجرة ويكون طولها مترين، ثم المتر الأول ارتفاعه بمتر عرضًا، والمتر الثاني ارتفاعه بمترين عرضًا، والمتر الثالث ارتفاعه بثلاثة أمتار عرضًا، والرابع بأربعة عرضًا وهكذا… حتى يتشكل الشكل المخروطي، وغالبية الآبار لدينا متوسط سعتها (4*4 و5*5 م).

مصدر لتجميع مياه الأمطار

ويعدّ المهندس الزراعي مازن عواد أن الحصاد المائي عبر آبار التجميع مصدر مهم من مصادر الحصول على مياه نقية في المنازل، كما أنها تسهم في تخفيض مدى استنزاف المياه الجوفية.

وتابع لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن متوسط مساحة أسطح البيوت لدينا في الغالب تتراوح بين 150-200 متر مربع، وخلال موسم الشتاء يضخ كل منزل في بئر التجميع ما لا يقل عن 20 كوبًا (20000 لتر)، وقس على عدد المنازل.

وأكد أن هذه كميات كبيرة من المياه التي يُستفاد منها قبل أن تتسرب في شقوق الأرض أو تكون عرضة للتبخر أو الولوج للبحار عن الأودية والأنهار، كما أنها توفر على المجتمع أموالاً طائلة؛ حيث إنها تستخدم كمصدر ماء احتياطي يغطي بشكل كبير احتياجات الشرب والحاجيات المنزلية خلال فترة الشتاء والربيع.

كما نبّه بأن الأسطح الإسمنتية المنتشرة في فلسطين من أفضل الأسطح لجمع مياه الأمطار، وذلك من ناحية كمية المياه التي يمكننا جمعها منها، من إجمالي الكمية الساقطة، ومن ناحية إمكانية المحافظة على نظافتها، وبالتالي نظافة الماء، علمًا بأن المواد المكونة للأسطح الإسمنتية لا تتفاعل مع الماء، الأمر الذي لا يؤثر على طعم الماء ورائحته.

يذكر أن الأمطار هي المصدر الرئيس للمياه في فلسطين، فعليها يتغذى الخزان الجوفي والمجاري المائية المختلفة، كما يعتمد عليها في ري مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

وتقدر كميات مياه المطر التي تسقط على فلسطين بحوالي 10 مليارات متر مكعب، يتبخر منها ما بين 60 -70%، ويتسرب إلى باطن الأرض حوالي 25%، ويجري الباقي على شكل سيول باتجاه البحر، كما يؤثر التباين التضاريسي لفلسطين على معدل سقوط الأمطار السنوي من 100 مليمتر في الأغوار إلى 650 مليمترًا في المرتفعات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات