الأحد 12/مايو/2024

2016 .. حراكات مطلبية تقابلها الحكومة بـحلول ترقيعية

2016 .. حراكات مطلبية تقابلها الحكومة بـحلول ترقيعية

يكاد عام 2016 أن يطوي أيامه الأخيرة تاركاً خلفه أزمات تأبى الرحيل من ذاكراة المواطنين؛ كونها ما تزال قائمة، خاصة مع العجز والإخفاق الحكومي في التعامل معها وحلها.

وشهد عام 2016، العديد من مطالب فئات مجتمعية وإضرابات وحراكات مطلبية تصاعدت رفضا لتهرب الحكومة من التزامتها واستخدامها أساليب ترقيعية لتسكين الأمور.

ولعل الحراك المطلبي والأزمة بين الحكومة والمعلمين التي بدأت معالمها مع بدايات الفصل الدراسي الثاني في مطلع العام 2016  وقضية الأسرى المقطوعة رواتبهم، هي أبرز الملفات التي سترحل إلى العام المقبل دون أن ترى نور الحلول في الآفاق القريبة، لاسيما أن تلك الأزمة ما تزال مستمرة وفي تصاعد.

وتأتي مشكلة الكهرباء وانقطاعها المتكرر في الضفة الغربية في المرتبة الثانية من حيث الملفات العالقة، والتي عجزت الحكومة عن وضع حلول جذرية لها؛ بل باتت  مصدر إحراج لها، في ظل عيش العديد من المدن في الظلام عديد الليالي دون التوصل لأي حل لها ولا سيما الصيف المنصرم، وهذا يعني تكرارها في أي لحظة وخصوصا مع قرب فصل الشتاء.

أزمة المعلمين في الصدارة

خالد شبيطة الناطق باسم حراك المعلمين وأحد القائمين على نقابة المعلمين الناشئة والمحاربة من الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية يقول إن العام 2016 هو عام كبيس بالنسبة لقطاع التعليم؛ نظرا لطريقة تعامل الحكومة مع ملف إضراب  المعلمين ومطالبهم المشروعة.

ويشير شبيطة خلال حديث خاص لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، إلى أن الحكومة ومنذ بداية الحراك في مطلع العام أخذت على عاتقها محاربة المعلمين ومطالبهم، بل شرعت بقمع أي حراك في هذا الصدد.

وبحسب شبيطة، فإن الحكومة منذ اللحظة الأولى للحراك وجّهت التهديدات، وأطلقت المؤسسات لديها كافة لمحاربة المعلمين بما فيها الأجهزة الأمنية، وذلك بشهادة كل من رأى الحواجز والملاحقات والتهديدات على شاشات التلفزة في بدايات الحراك.

وتابع: “مع نهاية الإضراب الكبير، وخروج الرئيس وتعهده بتحقيق المطالب أكملت  الحكومة مهمتها في معاقبة كل من كان له دور بارز في الحراك؛ فبدأت معالم جديدة من القمع تمثلت في منع أي اجتماع لقادة المعلمين والحراك تارة، ومن ثم اعتقالهم واستدعاؤهم وملاحقتهم ومصادرة هواتفهم الخلوية حتى الآن تارة أخرى”.

وأشار شبيطة إلى وجود العديد من الإجراءات العقابية الأخرى ضد المعلمين على خلفية الحراك، والتي منها النقل التعسفي والحرمان من الترقيات وبعض الوظائف الإدارية، والخصم من رواتب البعض، وتوجيه الكتب والإنذارات الخطية لهم”.

وعلى صعيد ترخيص نقابة المعلمين، ورغم قانونيتها، أكد شبيطة بأن الحكومة  تقف بالمرصاد وتلتف على القانون، بل تتجاهل وتحول دون استصدار أي تراخيص لإتمام قانونية النقابة، وتمنع من فتح حساب بنكي لها، وبالتالي فهي تتمسك ببقاء اتحاد المعلمين على حساب إنشاء نقابة المعلمين.

أزمة الكهرباء.. بين الحكومة والمواطن

أزمة الكهرباء هي الأخرى تتلو قضية المعلمين في قائمة القضايا العالقة؛ حيث يرى نصر أبو جيش القيادي في حزب الشعب والناشط في الهيئات المحلية أن مشكلة الكهرباء التي تشهدها الضفة الغربية وتفاقمها خلال العام الحالي يعود إلى عدة أسباب جزء كبير منها تتحمله الحكومة الفلسطينية.

وقال خلال حديث خاص لـالمركز الفلسطيني للإعلام: “حتى إن كان المواطن يتحمل جزءًا من أزمة الكهرباء من خلال عدم تسديد  الفواتير، إلا أن مشكلة الكهرباء باتت واضحة جلية لا تتعلق فقط بالديون والنفقات، بقدر ما هو متعلق بالسياسات والاستراتيجيات الحكومية، وللأسف لم تصل بعد إلى حل سحري ينهي مشكلة الكهرباء”.

وتابع: الاحتلال يتحمل مسؤولية كبيرة أيضا في مشكلة الكهرباء الحالية؛ كونه مصدر الطاقة لأغلب المناطق في الضفة الغربية.

وفي هذا الصدد يؤكد بأن السلطة الفلسطينية هي من تتحمل عدم الاستقلالية في هذا القطاع؛ “فبإمكانها أن تستقل كلياً عن الاحتلال، وأن لا تبقى تحت سيوف التهديد بقطع التيار أو حرمان بعض المناطق منها”.

الأسرى المقطوعة رواتبهم

ومن أبرز الحراكات التي شهدها عام 2016 هو حراك الأسرى المقطوعة رواتبهم، والذي عدّه كثيرون استهدافًا للنضال الفلسطيني وتنكرًا لحقوق المعتقلين، وجزءًا من مؤامرة حيكت في أروقة هيئة الأسرى، لزيادة معاناتهم.

ونظم الأسرى وعدد من النشطاء الحقوقيين والمؤسسات فعاليات ترفض طريقة التعامل مع الأسرى والمتاجرة بدمائهم ومعاناتهم، لافتين إلى أن هذا الملف عالق في دهاليز “الوزارة” منذ سنوات.

وكانت عضو المجلس التشريعي عن مدينة الخليل النائب سميرة حلايقة أكدت أن قرار قطع رواتب ما لا يقل عن سبعين أسيرا هي جريمة وطنية، ليست فقط بحق الأسرى المحررين، وليست فقط تنكرًا لتضحياتهم ومعاناتهم، بل لكون قضية الأسرى لم يتجرأ عليها شخص بعينه إلا في عهد حكومة فياض.

حكومة “الفشل”

الخبير القانوني والمحلل عماد صلاح الدين يرى بأن طريقة تعامل الحكومة مع أزماتها نابع من تفسيراتها وولاءاتها، منبّهًا إلى أن الحكومة والتي يقودها الحمد الله وإن كانت تسمى حكومة توافق إلا أنها في الحقيقة هي حكومة أو أداة رئيس السلطة محمود عباس والطاقم المجتمع حوله، على حد قوله. 

وتابع “هذه الحكومة تمثل إحدى الأدوات للسياسة أو حتى الصراع الحزبي وربما الشخصي له سواء في مواجهة حماس أو حتى خصوم سياسيين آخرين”.

وأضاف: “هذه الحكومة تعمل على تحقيق الأهداف التي تصبّ في خانة تعزيز تيار الرئيس أبو مازن، ولا أقول خانة حركة فتح أولا، وعلى ضوء الكلام أعلاه يتم التعامل مع الملفات والقضايا المختلفة على النحو المذكور، فالمعايير الشخصية والفئوية هي المتحكمة، وللأسف هذه المعايير ازدادت حدة مع تقدم ترهل ما كان يطلق عليه ولم يزل مشروع الدولة المستقلة”.

وأضاف: “حتى لو كان هناك مساعٍ بالفعل جدية لحل بعض المسائل الاجتماعية والمادية والحياتية أو النقابية، فضمن هذه المعايير السلبية المتفاقمة مرحلة بعد مرحلة، تتعقد الحلول ويطول أمد المشكلة، وبالتالي تأثيرها على الحياة الفلسطينية في قطاعات ذات أهمية كبرى كما جرى مع قضية المعلمين”.

وأضاف: “لا شك أن هناك نزعة استبدادية خطيرة أدت في الآونة الأخيرة إلى مخالفة أبسط المبادئ والقيم القانونية في حياة الدول والشعوب دون التمسك بها ولو شكليا، وكانت المخالفة بطريقة فجّة جدًّا، والسبب من جديد هو البعد والمعيار الشخصي المتحكم.. لقد أصبح المشروع الوطني مختزلا في شخص الرئيس، ومنظمة التحرير هي منظمة الرئيس وجماعته والحكومة هي أداة الرئيس، كل هذا أدى إلى تفاقم الفشل في السياسة والاقتصاد والاجتماع الفلسطيني فضلا عن الشؤون اليومية والحياتية، وسجّل الفسادُ منسوبا خطيرا لا سابق له “.

ورأى صلاح الدين بأن حكومة الحمد الله وإن كانت تسمى بالتوافق تمثل إحدى محطات الفشل الأخير والكبير لمشروع أوسلو والسلطة التي قامت منذ البداية على البعد الشخصي وليس الوطني، وعلى المنهجية المزاجية والفهلوية وليس على المنهجية الأخلاقية والمهنية وضمن معايير الجودة المطلوبة في الرقابة والأداء والمحاسبة والمسؤولية.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات