السبت 27/يوليو/2024

ماذا بعد أن تبخرت مبادرة فرنسا؟!

أ.د. يوسف رزقة

بعد أن بنت السلطة أملها واستراتيجيتها القادمة على مشروع المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية، انهارت فيما يبدو هذه الآمال والاستراتيجية كما ينهار برج من الكرتون أمام عاصفة رملية هوجاء لسبب بسيط:

قصة الانهيار تقول: إن الطرف الإسرائيلي أبلغ رسميًّا المبعوث الفرنسي لعملية السلام (بيير فيمون) أن دولته ترفض المقترح الفرنسي بشكل رسمي، وترفض فكرة المؤتمر الدولي، لأنه بحسب وجهة نظرهم أن المؤتمر الدولي للسلام يعقد السلام ويضر به، ويمنح محمود عباس فرصة التهرب من المفاوضات المباشرة. وأكد الطرف الصهيوني: أن الحكومة الإسرائيلية لا ترى حلًّا للصراع، سوى استئناف المفاوضات المباشرة، ودون شروط مسبقة، ولن تشارك في أي مؤتمر دولي يعقد لبحث المفاوضات؟!

زِد على ذلك؛ طالب مسؤولون إسرائيليون خلال الاجتماع بالطرف الفرنسي أن تتوقف فرنسا عن الترويج للمبادرة أو لعقد مؤتمر دولي، أو أي عملية تتعارض مع مصالح (إسرائيل) ومواقفها؟!

في ضوء ما تقدم يمكن القول بأن عباس خسر الرهان على المؤتمر الدولي وعلى فرنسا، ولا تملك فرنسا ولا هو تغيير الموقف الإسرائيلي، لأنه لا يملك هو ولا فرنسا أوراق قوة تجبر الطرف الصهيوني على القبول بتدويل المفوضات بعد توقفها وفشلها حين كانت مفاوضات مباشرة، أو برعاية أميركا، تخلت عنها أميركا لاحقًا.

لم يعد بإمكان عباس أن يطرح في المؤتمر السابع لفتح في جملته السياسية (المبادرة الفرنسية)، فقد نفست دولة العدو هذا البالون بشكل رسمي، ومن ثمة يمكن القول بأن عباس لا يملك جملة سياسية مفيدة تساعد في الخروج من مأزق توقف المفاوضات المباشرة مع نتنياهو. ولكنه ربما يذهب إلى مناورة داخلية جديدة تقوم على انتظار موقف الآخر الغائب؟!

عباس لا يقيم سياسته في التعامل الداخلي الفلسطيني على المواجهة الصريحة، التي تقول للرأي العام كل شيء، هو دائما يخفي الحقيقة، ويتمحل الأعذار، ويسبح في فضاء الخيال، كغريق يبحث عن قشة، أو قطعة خشب تحمله إلى اليابسة.

المسألة الفلسطينية، أعني مسألة المفاوضات، والمؤتمر الدولي، والرباعية، والرعاية الأميركية، كلها وصلت إلى نهايتها، ولم يبقَ إلا أن يضرب عباس رأسه في الحائط، فكل الطرق مغلقة، ابتداء من واشنطن، ومرورا بباريس وموسكو، وانتهاء بتل أبيب، والرباعية العربية.

الطريق الوحيد المفتوح أمامه هو الدعوة لحوار وطني شامل للإعلان عن وفاة مشروع المفاوضات، والاتفاق مع مكونات الشعب الفلسطيني على طريق مواجهة جديدة، وتخفيف الاحتقان الداخلي بين الفلسطينيين، وعدم تشتيتهم إلى فرق من خلال مشروع وهمي بدأ في مفاوضات أوسلو، ولن يجبر كسر الشعب مؤتمر دولي لن ينعقد البتة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات