الجمعة 10/مايو/2024

بين الضفة وغزة.. قصص عائلات فرق الاحتلال شملها

بين الضفة وغزة.. قصص عائلات فرق الاحتلال شملها

خلف تقارير طبية يفرضها الاحتلال لقبول تصاريح الزيارة من غزة إلى الضفة، وعشرات الاتصالات التليفونية المبشّرة غالباً بالرفض، ثمة معاناة متصاعدة لعائلات فرق الاحتلال شملها بين الضفة وغزة.
 
ويمنع الاحتلال عشرات الأسر الفلسطينية من أقارب الدرجة الأولى من التواصل مع بعضها البعض بالزيارة المؤقتة أو الإقامة الدائمة من غزة إلى الضفة وبالعكس بذريعة المنع الأمني، وغالباً يرد عبر مكاتب الارتباط والتنسيق أن الرد لم يأت بعد.
 
مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، زار عددا من الأسر المحرومة من التواصل بين غزة والضفة، ونقل جزءًا من معاناتها، كاشفاً عن تعمد الاحتلال حرمانهم من جمع الشمل.
 
زوجة في غزة

لمرات كثيرة عرضوا على أحلام أبو سعد (33 عامًا) من مدينة قلقيلية، صوراً لأشقائها، وطالبوها بتسميتهم، فأجهشت بالبكاء أمام عجزها عن معرفتهم، فمنذ 16 سنة لم تزر أهلها، ولم تر أحداً من أسرتها.
 
تزوجت أحلام سنة 2001 في مخيم البريج من أحد أقاربها وأنجبت 5 أبناء، ومن يومها يرفض الاحتلال تصريح الزيارة الذي تقدمت به عشرات المرات والمدعّم دوماً بكافة التقارير الطبية ومبررات الزيارة.
 
تدعو أحلام ابنتها الكبرى أسيل للاعتناء بمولودها الجديد إسماعيل، وعمره أسبوع، ريثما تكمل المقابلة مع مراسل المركز، مستذكرةً آخر لقاء لها بأسرتها في 21 مارس 2001.
 
وتضيف: “عشت مواقف صعبة في يوم الفرح دون أحد من أسرتي، والآن أمضي كل رمضان وكل عيد وأنا أبكي لما رأيت صورة زواج أخي الصغير، لم أعرفه، فقد تركته وعمره 3 سنوات، حملت كثيراً بطاقات الفرح وأنا أقدم تصاريح الزيارة، ولكن الاحتلال رفضها كلها”.

من بتّير إلى غزة

عندما ذهبت لمقابلة محمود اسبيتان البتيري (40 عامًا)، تخلّص من شركائه في مهنة توزيع المواد الغذائية التي يتسلمها المواطنون من مراكز الأونروا، ورافقني لأحد المقاهي لرواية حكاية الأسرة الوحيدة من قرية بتّير التي تسكن غزة.

ترك والده قرية بتّير قضاء بيت لحم سنة 1984، وفضّل الحياة بغزة محافظاً بين حين وآخر على زيارة أشقائه وأقاربه في بتِّير التي حرمت أسرته منها منذ سنة 1999.

ويضيف: “نحن 5 إخوة و3 شقيقات زوجنا اثنتين  في بتير، وبقيت واحدة مخطوبة لأحد أقاربي، ولا نستطيع زفافها لخطيبها”

ويتابع بالقول:  “أبي وأمي يزورن أشقاءهم بفترات متباعدة جدا، وأنا وأشقائي ننوي العودة لقرية بتير لكن الاحتلال يمنعنا حتى من زيارتها”.

ينفث محمود دخان سيجارته ويقول إن أكثر المواقف الصعبة التي مرت عليه وعلى أسرته يوم زواجه وزواج أشقائه؛ حيث لم يكن في استقبال عائلات زوجاتهم أحد سوى أبوه وأشقاؤه.

ويتابع:”في بتير لي 3 أعمام وعمتان و8 خالات وأخوال وأسرة كبيرة؛ لكننا محرومون منهم رغم أن هوية والدي من الضفة، وكل مرة أقدم فيها أنا وأشقائي للزيارة يرفضوننا، والآن أمنيتنا العودة كلنا إلى بتير”.

مصطفى وليلى

يطل الفقر بهامته من منزل مصطفى أحمد أبو مصطفى (39 عامًا)، كاشفاً عن حالة من الفقر تعانقت مع حرمانه من جمع شمل أسرته التي تشتت بين نابلس وغزة بعد زواج 15 سنة في غزة. 

ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “زوجتي من مخيم بلاطة، وأنا من مخيم النصيرات أعيش الفقر، وتراكمت علي ديون كثيرة، عشت وزوجتي 15 سنة بغزة منعها فيها الاحتلال من زيارة أهلها، ولما سافرت قبل 18 شهرا، بقيت أنا وابنتي الكبرى بغزة والآن تفرق شملنا”.

وتعيش الأم في نابلس مع 4 أبناء فيما يرفض الاحتلال منح زوجها مصطفى وابنته ليلى 17 سنة تصريح زيارة رغم تقديمهم كافة التقارير الطبية والأوراق اللازمة؛ حيث يجيبهم الاحتلال عادةً بعدم وجود رد على طلب الزيارة.
 
وتقول ليلى 17 سنة: “أطلب مساعدتي في لقاء أمي وإخوتي، فأنا أدرس توجيهي وأعاني من صداع مستمر كثيراً، أفكر في ترك الدراسة، حالتي صعبة ومشتاقة لأهلي، رمضان والعيد الأخيران كانا من أصعب ما مضى عليّ في حياتي”.
 
وأمام ديون وفقر مصطفى الذي اقتاده كثيراً إلى السجن حاولت زوجته العودة للضفة قبل سنة ونصف ومعاونته في سداد ديونه؛ حيث التحقت بالعمل في أحد المصانع، لكنهما اصطدما بحرمانهما من جمع شمل الأسرة.
 
حقوق الإنسان

ويؤكد المحامي سمير المناعمة من الوحدة القانونية بمركز الميزان لحقوق الإنسان بالضفة، أن حرمان الاحتلال الأسرة الفلسطينية من جمع شملها وتشتيتها بين الضفة وغزة انتهاك لحق تكوين الأسرة وحرية التنقل والحركة.
 
ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “هذا خرق خطير من خروق المعاملة القاسية التي تنتهك حقوق سكان الضفة وغزة، وقد وضعوا شروطا قاسية من سنة 2000 للتنقل بعدم وجود مبررات، ولا يسمحوا سوى لأقارب درجة أولى في حالات الموت أو المرض الشديد”.
 
أما كريم جبران مدير البحث الميداني في مؤسسة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، فيعد ما تمارسه سلطات الاحتلال بحق العائلات الفلسطينية بغزة والضفة انتهاكا متواصلا يعزل الضفة عن غزة، ويكرس واقع الفصل الكامل.
 
ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “هذا ضغط على الفلسطيني وسياسة غير قانونية وغير إنسانية طالت أيضاً الطلاب، وقد مرت القضية بمراحل، لكنها تفاقمت بعد سنة 2007 وكانت قد تحسنت جزئياً بعد إنشاء الممر الآمن بعد اتفاق أوسلو”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات