عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

المواقع الأثرية بنابلس … جمالٌ يروي تاريخ الحضارة

المواقع الأثرية بنابلس … جمالٌ يروي تاريخ الحضارة

تزخر مدينة نابلس بالعديد من المواقع الأثرية؛ التي جعلتها قبلة لأقلام كثير من المؤخرين؛ ووجهة للسائحين؛ ومزارا للباحثين عن الحضارات وتاريخ الأمم؛ كونها تحوي بين جنباتها العشرات من تلك المواقع، التي تمثل كل منها مرحلة أو حقبة تاريخية مرت بها.

وعلى امتداد جغرافية المدينة من شرقها لغربها تتوزع تلك المواقع الأثرية راسمة لوحة جميلة يظهر فيها عبق التاريخ وأصالة الماضي وأهمية المكان.

تل بلاطة
إلى الشرق من مدينة نابلس، وعلى تلة قريبة من بلدة بلاطة، تتربع نابلس القديمة، التي عرفت تاريخيا باسم -شكيم- على مساحة تقدر بحوالي 3000 متر مربع محاطة بسور قديم يبلغ ارتفاعه من 10 إلى 12 مترا ما زالت بعض أركانه قائمة حتى الآن منذ العصر البرونزي.

 

ويوجد في تل بلاطة “شكيم” العديد من بقايا الأبراج الضخمة التي كانت بمثابة الدفاعات الكنعانية إلى جانب وجود العديد من بقايا البيوت والجدران التي يعود بعضها إلى القرون السادس عشر والسابع عشر والتاسع عشر قبل الميلاد.

المقبرة الرومانية الشرقية
وعلى مقربة من تل بلاطة، وفي مسافة لا تبعد عنها أكثر من كيلومتر واحد وتحديدا على أطراف شارع عمان في المدينة، وقريبًا من بلدة عسكر البلد، تقع ما يعرف بالمقبرة الرومانية الشرقية، التي يعود تاريخها حسب الروايات إلى القرن الأول الميلادي وتحتوي على العديد من بقايا ومظاهر الفن والحضارة الهيلينستية، ضامة العديد من الأضرحة والتي يعتقد بأنها تعود إلى بعض الأشخاص من العائلات الثرية النابلسية التي دفنت فيها قبل عشرات السنين”.

المقبرة الرومانية الغربية
وإلى الغرب من مدينة نابلس، وعلى امتداد طريق نابلس طولكرم، كما تعارف على تسميتها وعلى مقربة من مدرسة الكندي القربة من مركز المدينة تقع المقبرة الرومانية الغربية التي يعود بناؤها تاريخيًّا إلى القرن الأول الميلادي، واستعملت في القرن الخامس الميلادي، وبقيت مجهولة حتى عام 1946؛ حيث اكتشفت فسرعان ما نسي أمرها ليتم بعد أقل من عشرين عامًا، وتحديدا في عام 1960 اكتشافها مجددا وإدراجها على قائمة المواقع الأثرية في المدينة، حيث تحتوي العديد من الكهوف والمغر التي تحتوي على العديد من الأضرحة الحجرية التي تعود إلى الزمن الروماني.

بئر يعقوب
وتعد منطقة بئر يعقوب واحدة من أبرز المعالم الأثرية المثيرة للجدل في المدينة، حيث تقول الروايات التاريخية بأن هذه البئر أقيمت من نبي الله يعقوب عليه السلام، أثناء سفره من بيت المقدس إلى الجليل.

وعلى أنقاض البئر شيدت كنيسة في القرن الرابع الميلادي على يد الملكة هيلانة وبقيت تلك الكنيسة محافظة على شكلها الهندي وزخرفتها دون أن يتعرض لها أي من العرب والمسلمين خلال حملاتهم وحروبهم في فلسطين.

وبقيت الكنيسة على حالها حتى هدمت عام 1009 في زمن الفاطميين ليعود تعميرها في عام 1154 ثم هدمت عام 1187 بعد خروج الصليبيين منها لترممها الأرثوذكسية مجددا عام 1555 وبأمر من السلطان العثماني الذي توكل بحمايتها وحفظها لتبنى بعدها كنيسة على أنقاض القديمة، وفوق البئر الذي يبلغ عمقه حوالي 40 مترا”.

البلدة القديمة
ولا يختلف اثنان على أن البلدة القديمة في مدينة نابلس تعد أكثر المناطق الأثرية حضورا وجمالا؛ كونها تشكل في مجملها لوحة تاريخية فنية وهندسية تبرز فيها تعاقب الحضارات مجتمعة.

ورغم العمر القصير للبلدة القديمة؛ إذا ما قورن بالمواقع الأثرية الأخرى، التي تحدثنا عنها، إلاّ أنها تبقى في مقدمة المواقع الأثرية، حيث تحتوي على العديد من المساجد القديمة والحمامات التي تعود إلى العهد المملوكي والتركي والتي قدر عمرها بأكثر من 400 عام.

وتعد الأسواق القديمة واحدة من أهم معالم البلدة القديمة، التي من بينها سوق خان التجار الذي يعود إلى العهد المملوكي وما زال يحافظ على تصمميه المتمثل بالأسواق المسقوفة.

وقبل سنوات وفي أثناء أعمال حفريات شهدتها بعض شوارع البلدة القديمة؛ اكتشفت مواقع أثرية قديمة تعود إلى الزمن الروماني في أسفل البلدة القديمة عرف باسم شارع الأعمدة بالإضافة إلى اكتشاف مدرجات رومانية في الطرف الجنوبي من البلدة القديمة بالقرب من حي رأس العين”.

مساجد عريقة
وتنتشر في البلدة القديمة العديد من المساجد العريقة والقديمة والتي من بنيها المسجد الصلاحي الكبير، ومسجد النصر والمسجد الحنبلي، ومسجد الخضر، ومسجد الأنبياء التي يقدر عمرها بمئات السنين”.

الإشراف والحماية
وبدورها، تسعى وزارة السيارة والآثار، وعبر مكتبها في مدينة نابلس، إلى المحافظة على المناطق الأثرية والإبقاء على طابعها التاريخي، من خلال الإشراف عليها وحمايتها من الاعتداءات والعمل على تنشيط الجانب السياحي فيها.

وأكد مكتب وزارة الآثار في نابلس خلال لقاء لهم مع “المركز الفلسطيني للإعلام“، أنها عملها لا يقتصر فقط على متابعة المواقع الأثرية والإشراف عليها، إنما يمتد إلى الكشف عن أي مكان في المدينة يبنى فيه ومنح التراخيص اللازمة بعد التأكد من خلو المكان من أي أثار تاريخية.

وتجري وزارة الآثار أعمال صيانة وترميم في بعض المناطق؛ بناء على حجم الدعم المقدم لها، من الجهات المانحة الدولية، حيث رممت منطقة تل بلاطة، وجرى فتحه بشكل دوري أمام حركة السياحة الداخلية والخارجية، وفق الوزارة.

وذكر المتحدث باسم مكتب الآثار بأن عدم ملكية الدولة للمواقع الأثرية وتبعيتها لأشخاص؛ يحول دون القيام بإعمال الصيانة والترميم لها.

وأضاف :”نحن لا يمكن لنا أن نلزم أيا كان ببيع أو منح المكان الأثري للدولة، ولكن نستطيع أن نمنعه من العبث بتلك المواقع الأثرية بعد اكتشافها، وهذا وللأسف عائق أمام ترميمها لأن الدول المانحة تشترط تملك الدولة لأي مكان أثري حتى تدعم المشاريع الموجهة من أجله.

 

ويذكر المتحدث بأن الاحتلال يسهم بدرجة كبيرة أيضا في تخريب الواقع الأثري من خلال سرقته الكثير من القطع والأماكن الأثرية وتزوير التاريخ ومنع السائحين من دخول الأراضي الفلسطينية وتحويلهم إلى مناطق سياحية لديه، إلى جانب منعه أصلا من الوصول إلى بعض المناطق الأثرية كما هو الحال للآثار الموجودة في جبل جرزيم وبلدة سبسطية.

ومن الجدير بالذكر بأن هناك العشرات من المعالم الأثرية والتاريخية والحضارية الأخرى في مدينة نابلس من بينها الكنيسة على جبل جرزيم الذي له ارتباطات بالطائفة السامرية بالإضافة إلى المدرجات الرومانية والآثار في بلدة سبسطية والعديد من الحمامات التركية والمساجد والكنس أيضا.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات