وقفة المعلمين بجنين.. انتصار للكرامة وانقلاب للسحر على الساحر

بنبرة عالية واستنكار كبير احتشد مئات المعلمين في مدرسة الكرامة بمدينة جنين شمال الضفة الغربية الأحد ( 16-10-2016) للخضوع للتحقيق من لجان وزارية على خلفية مشاركتهم في الإضراب الأخير الذي دعت إليه تنسيقيات المعلمين.

انقلاب السحر على الساحر

وفي ساحة أريد لها أن تكون مكانا لإجراءات عقابية تحولت بلحظات إلى وقفة كبرياء سجل خلالها المعلم الفلسطيني درسا جديدا حيث انتصر لكرامته رافضا كل الإجراءات العقابية، وأربك وزارة التربية والتعليم بهمسة عتاب ما هكذا يتم التعامل مع المعلم.

وفجأة وبين الجموع أعلن المعلم محمد العمري من جنين إضرابا مفتوحا عن الطعام أثار حفيظة المواطنين استمر لساعات قبل أن يقنعه بعض الوجهاء بإنهاء إضرابه مؤكدين حفظ كرامة المعلمين.

ويشير الناشط في اتحاد المعلمين الديمقراطيين الأستاذ  أحمد ياسين إلى أن ما جرى في مدرسة الكرامة انقلب فيه السحر على الساحر، حيث استدعت مديرية التربية والتعليم أكثر من 300 معلم من أجل اتخاذ إجراءات تأديبية بهم من لجان تحقيق شكلتها الوزارة بحق المعلمين المضربين، ولكنها انتهت بوقفة شموخ وكبرياء.

وأضاف لمراسلنا: “رفض المعلمون التعاطي مع لجان التحقيق بشكل جماعي ليس لمجرد الرفض، بل لأنه لا يليق التعامل مع المعلمين بهذه الطريقة، فاجتمع المعلمون بصورة حضارية وراقية في داخل مدرسة الكرامة، وكان لحضورهم هيبة، فقالوا كلمتهم وأعلنوها مدوية بأننا طلاب حق ولا نقبل الخضوع، ورفضوا بالمطلق التعاطي معهم”.

محاكم التفتيش

ويشير الأستاذ أسامة حامد  إلى أن الأقدار شاءت أن يستدعى المعلمون لعرضهم على لجان التحقيق في مدرسة الكرامة في مدينة جنين، ولكن مصادفة لها دلالتها ، حيث كانت وقفة كرامة في مدرسة الكرامة وأثبت المعلم الفلسطيني أن كرامته فوق أي اعتبار.

واستنكر لمراسلنا أن يتم التعامل مع المعلم الفلسطيني بهذه الطريقة، بحيث يستدعى بطريقة غير لائقة إلى لجان تحقيق وبشكل انتقائي لا يتناسب مع مكانة المعلم ورسالته، مؤكدا أن للمعلمين حقوقا ويجب أن تناقش هذه الحقوق لا أن تشكل لهم لجان تأديب وتحقيق.

بدوره، تساءل الأستاذ ماهر عابد: هل ستقوم وزارة التربية والتعليم بإنشاء “محاكم تفتيش” خاصة بها على غرار محاكم التفتيش الإسبانية في الأندلس؟  مشيرا إلى أن سياق الأحداث يشير إلى ذلك، خصوصا أنها حولت قسما كبيرا من موظفيها إلى “محققين”.

وأضاف: ما جرى يؤشر إلى أنهم  يريدون قتل نفوسنا كمعلمين حتى لا يرتفع صوت معارض لهم في أي يوم من الأيام.

ومع الموقف الجماعي للمعلمين الذين رددوا وبموقف موحد أنه لم يمر في تاريخ الحركات المطلبية أن يتعاطى مع المعلمين بهذه الطريقة لمجرد أنهم أضربوا لتحقيق مطالب عالقة منذ سنوات؛  أصيبت لجان التحقيق ووزارة التربية والتعليم بالإرباك أمام صلابة المعلمين، في حين وقف المارة من المواطنين معلنين وقوفهم مع المعلمين ورافضين المساس بكرامتهم عبر لجان التحقيق.

وشكل إعلان الأستاذ محمد العمري إضرابه المفتوح عن الطعام رافعا لافتة ترفض أي إجراء عقابي بحق أي معلم صدمة كبيرة لمديرية التربية والتعليم؛ حيث سارعت أطراف عديدة للملمة الموضوع قبل أن يتطور إلى حالة جماعية من المعلمين سيما وأن المعلمين ثبتوا في موقف واحد.