الجمعة 17/مايو/2024

فروش بيت دجن.. حين يتواطأ الاحتلال والجشع والإهمال

فروش بيت دجن.. حين يتواطأ الاحتلال والجشع والإهمال

إلى الشرق من مدينة نابلس، تمتد مساحات خضراء على مرمى البصر في قرية فروش بيت دجن، لكن هذه المساحات باتت مهددة بالتحول إلى اللون الأصفر قريبا ما لم يجد أصحابها مصدراً للمياه بأسعار معقولة، وبأسرع وقت.

قبل عدة شهور، غرس هشام إبراهيم أشتال الباذنجان والخيار في أرضه التي تبلغ مساحتها ثمانية دونمات، وما إن بدأت الأشتال في النمو والاستطالة، وأخذت بالإثمار، حتى جاء ما لم يكن بالحسبان، وانقطع مصدر المياه الذي كان يعتمد عليه لري مزروعاته.

فقد جاءت جرافات الاحتلال وطواقم شركة المياه الصهيونية “مكروت”، وأغلقت الفتحات التي أحدثها المزارعون في خطوط المياه للحصول على حقهم بالمياه التي ينهبها الاحتلال لصالح المستوطنات.

وأمام هذا التطور، وجد إبراهيم وغيره من المزارعين أنفسهم بين نارين؛ فإما شراء المياه من أصحاب الآبار بأسعار باهظة، أو ترك مزروعاتهم تموت تحت وطأة الحر.

ويقول إبراهيم لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “أصحاب الآبار يريدون بيع المياه لنا بسعر 150 شيكلا للساعة الواحدة (حوالي 40 دولارا)، مع أنها لا تكلفهم 20 شيكلا”.

واضطر إبراهيم في خطوة يائسة قبل أيام لشراء ساعة واحدة لإنقاذ مزروعاته، لكنه يرى أن ذلك بلا فائدة؛ فلا يمكنه مواصلة شراء المياه بهذه الأسعار، ويضيف: “إذا أردت أن أنقذ المزروعات يجب عليّ أن أبيع بيتي لتسديد أثمان المياه”.


اعتداءات الاحتلال وجشع المستثمرين

ويعتمد مزارعو فروش بيت دجن وقرية الجفتلك المجاورة في ريّ أراضيهم الزراعية منذ عشرات السنين على مشروع ريّ غور الفارعة، ومصدره نبع عين شبلي وفائض العيون الأخرى.

لكن نتيجة لاعتداءات الاحتلال على الأحواض المائية، بالإضافة إلى اعتداء بعض المستثمرين بشكل جائر على عين شبلي وعمل برك لتجميع المياه واستخدامها في ري أراض بعلية؛ أدى ذلك لانخفاض مناسيب المياه، وعدم وصولها عبر مشروع الريّ.

ويحمّل إبراهيم السلطة خاصة وزارة الحكم المحلي المسؤولية عما وصل إليه حال المزارعين في القرية، مبينا أن وزارة الحكم المحلي هي من أوصلت الكهرباء لاستخدامها في ضخ المياه من عين شبلي إلى المستثمرين.

ويتساءل: “هل المطلوب أن نحمل السلاح ونذهب لنأخذ حقنا بأيدينا؟”، ويعدّ أن هناك مؤامرة يتواطأ فيها المستثمرون الجشعون مع الاحتلال لإجبار المزارعين على هجر أراضيهم أو بيعها للمستوطنين.
 
حقوق ثابتة
ويقول رئيس مجلس قروي فروش بيت دجن عازم الحج محمد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن قريته وقرية الجفتلك لهما حقوق مائية بعين شبلي ثابتة في الطابو، إلا أن الجهات المسؤولة لا تحرك ساكنا لوقف اعتداءات المستثمرين من خارج القريتين على تلك الحقوق.

ويشير إلى أن مشروع ريّ الفارعة كان ينتج سابقا 1700 كوب بالساعة، كانت تكفي لريّ 17 ألف دونم، لكن منذ ثلاث سنوات تراجع إنتاجه بدرجة كبيرة، والآن لم يعد ينتج قطرة ماء واحدة.

ويوضح أن المزارعين كانوا يعتمدون في السابق بنسبة 15% على الآبار الارتوازية، أما الآن فأصبح اعتمادهم كليًّا على تلك الآبار، ما يكبدهم تكاليف باهظة.

ويقول: “حتى بدون تكلفة مياه الآبار كان المزارع يتكبد خسائر، فكيف مع تلك التكاليف الزائدة؟!”.

ويضيف: “من حقنا على السلطة توفير المياه لنا؛ فنحن لدينا حقوق مائية بالقانون، وندفع ضريبة الأراضي المروية”.


الإهمال والتهميش

وتعد مشكلة المياه واحدة من بين مشاكل عديدة يعاني منها سكان فروش بيت دجن التي يعمل 98% من سكانها بالزراعة، ويتراوح عددهم حاليا ما بين 800-1200 نسمة، وفقا لتقديرات المجلس القروي.

ويشير الحج محمد إلى أن عدد سكان القرية كان يبلغ 6000 نسمة عام 1966، إلا أن الأعداد تناقصت بفعل سياسات الاحتلال ومصادرة 11 ألف دونم من أراضي القرية.

وينبّه إلى أن القرية كانت قبل عام 1967 تتمتع ببنية تحتية وخدمات متقدمة، وكان فيها خطوط هاتف ومحطة محروقات وخط مواصلات عامة، وهو ما لم يعد موجودًا في القرن الحادي والعشرين.

ويوجد في فروش بيت دجن 140 بيتا أغلبها بني قبل عام 67، لكن بحجة وقوع القرية في المنطقة (ج)، يحظر الاحتلال على السكان إقامة أي بناء جديد، ما يضطرهم لبناء بيوت من الصفيح والخيش.

ويشير الحج محمد إلى أن المجلس القروي عمل على تشجيع السكان على تحدي إجراءات الاحتلال وبناء مساكن لهم، إلا أن سلطات الاحتلال سلمتهم مؤخرا إخطارات بهدم المساكن، بحجة البناء دون ترخيص.

ويواجه السكان مشكلة في ضعف التيار الكهربائي، بسبب رفض الاحتلال تركيب المحولات اللازمة لتقوية التيار.

ويقول رئيس المجلس القروي أن القرية تعتمد على محولات الكهرباء التي تغذي الآبار الارتوازية، ما يسبب ضعف التيار بسبب طول المسافة، ويؤدي ذلك أيضا لزيادة نسبة الفاقد إلى أكثر من النصف، ما يكبد المجلس القروي خسائر كبيرة.

ويأمل السكان بتخفيف مشكلة الكهرباء قريبا بعد موافقة الاحتلال على تركيب محول لمدرسة القرية، والذي يمكن استخدامه لتزويد المنازل بالكهرباء.
 
تهرب من المسؤولية
ويشتكي أهالي القرية من عدم وضوح تبعية القرية؛ فهي تتبع إداريا لمحافظة نابلس وتتلقى منها خدمات التعليم والصحة والحكم المحلي، وفي ذات الوقت تتبع لمحافظة طوباس بالقضاء الشرعي، ولمحافظة أريحا بالقضاء المدني والشرطة ومخالفات السير.

وتتسبب حالة عدم الوضوح بإرباك أهالي القرية، ويساعد الجهات المسؤولة في التهرب من مسؤولياتها تجاه القرية.

كما يجد المواطنون صعوبة بالغة في المواصلات العامة؛ إذ لم يعد هناك خط مواصلات خاص بالقرية، ويلجأ السكان للمركبات العاملة على خط الجفتلك، والنزول إلى الشارع الرئيس وإكمال السير مشياً، أو دفع مبلغ إضافي للسائقين لإيصالهم للقرية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن أسفها مما جاء في كلمة رئيس السلطة محمود عباس أمام القمة العربية...

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام في غمرة الكفاح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني رفضاً للاحتلال، وطلباً للحرية، ودفاعاً عن المقدسات، تتواجد ثلّة...

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام رحّبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالبيان الختامي الصادر عن القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عُقدت...