مرسم.. من شبح بطالة غزة إلى العالمية في عامين

يعتبر شبح البطالة أكبر ما يواجه خريجي الجامعات في غزة، “ولكن الأسوأ من ذلك الركون والقبول بالوضع القائم”، وهو الأمر الذي رفضه ثلاثة من شبان القطاع، وشقوا طريقهم نحو العالمية خلال عامين، تاركين وراءهم الآلاف ينتظرون الوظيفة.

وبحسب إحصائيات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، فإنّ مؤسسات التعليم العالم في فلسطين تُخّرج سنوياً حوالي 32 ألف طالب وطالبة، فيما يشير بيان البنك الدولي، الصادر في 22 مايو/أيار العام الماضي، إلى أن نسبة البطالة في غزة وصلت إلى 43%، وهي الأعلى في العالم.

قصة نجاح

كانت فكرة “مرسم” تلح على مهند أبو كرش (23 عاما) قبل تخرجه من قسم الهندسة المعمارية، ويقول: “عملت لدى مكاتب هندسية في السنة الدراسية الثالثة واطلعت على أعمالهم في الميدان، وساءني استغلال الجميع للخريج وعدم وجود أي جهة للدفاع عنه”.

وعن أسباب النتيجة التي وصل إليها، يوضح: “ينهمك الخريج بعدد ساعات عمل طويلة، دون أي مردود مالي، بحجة اكتساب الخبرة، وبعد فترة يشعر بعدم وجود أي قيمة لدوره في المجتمع”.

بعد هذه التجربة التي عدها غير ناجحة، فكر “مهند” في البدء بإنشاء شركة هندسية تضم أكثر من مجال بينها: التصميم الداخلي، التصميم المعماري، الجرافيك والرسم، يعمل فيها الكل كفريق عمل منسجم.

عرض فكرته على عدد من زملائه، فتحمس كلا من زميليه سمير أبو شعبان (23 عامًا)، ومروة الحلو(26عامًا) – جميعهم من خلفية تعليمية واحدة –  وفي شهر نيسان 2015، أعلن عن انطلاق فريق “مرسم” برصيد مالي يساوي صفر، وبدون وجود مقر للعمل.

في شهر آب 2015، انضم فريق “مرسم” إلى حاضنة الأعمال- مبادرون- للحصول على دعم مالي للمشروع، ففاز المشروع بتمويل مالي يعادل 4 آلاف دولار أمريكي، بالإضافة إلى التدريب والإرشاد على أيدي خبراء لمهارات التشبيك والإدارة والتسويق.

و”مبادرون” هو مشروع لدعم الشباب الريادي في قطاع غزة، يمّوله البنك الإسلامي للتنمية، وصندوق النقد العربي للإنماء الاجتماعي والاقتصادي.

ترك التقليدية

مع تناقص حجم الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص يصبح رفض أي عرض للتوظيف أمر غاية في الجنون ومجازفة كبيرة، لكن مهند وزملاءه لا يؤمنون بجدوى الوظيفة ويقول: “الوظيفة تحجم قدرات الفرد وتمنعه من التقدم، لدى الإنسان طاقة هائلة لو استغلها منذ البداية بإمكانه تقديم شيء لنفسه ولمجتمعه”.

عمل كل شخص في الفريق منذ البداية على تطوير مهاراته الذاتية بما يخدم تطور الشركة ككل متكامل، في الوقت الذي يتقن سمير إخراج التصاميم والتعامل مع البرامج الحاسوبية، تعمل مروة ومهند في الرسم والتصميم.

وترى مروة: أن “هنالك مشكلة تهدد مستقبل التصميم الداخلي في القطاع، لدينا عدد كبير من مكاتب التصميم أصحابها ليسوا مهندسين بالضرورة”، مضيفةً: “العالم الخارجي مستمر يوميًا في التطوير والإبداع سواء في الأساليب أو الأدوات أو طريقة استخدام المواد على عكس السوق المحلي الذي يتراجع ويكرر التصاميم بطريقة مملة”.

التسويق المجاني

لم يلجأ الفريق إلى قنوات التسويق مدفوعة الثمن، مكتفين بالترويج لأعمالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ويوضح مهند: “بدأنا الشركة بدون رصيد مالي، فكان التوجه نحو السوق الخارجي لبناء قاعدة اقتصادية يعتمد عليها في الدخول إلى السوق المحلي الأقل ربحية”، مضيفًا: “المستوى المعيشي في الخليج مرتفع ويستطيع الزبون دفع مبالغ تناسب حجم وقيمة التصميم الذي نقدمه”.

واستطاعت شركة مرسم تسويق تصاميمها في كل من: الهند، الإمارات، كازاخستان، السعودية، مشيرين إلى أن شريحة الزبائن تتوسع “بوتيرة تصاعدية”.

“من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الرواد الناشئون البدء بكل الأمور دفعةً واحدة وتعجيل العائد”، نفس المأزق واجه “مرسم”، ويوضح مهند: “فكرنا في بداية المشروع أن نبدأ بكل التخصصات معًا، ولكن الاصطدام بالواقع وضغط الوقت وأزمة الكهرباء اضطرنا للجوء إلى التدرج، بدأنا بالتصميم الداخلي كأول خطوة، حتى تطور مستوانا، بما أهلنا للعمل في السوق الخارجية”.

ويسعى الفريق إلى خوض مجال الهندسة المعمارية – تخصص أعضاء الفريق بالأساس- والرسم والجرافيك، وإضافة خدمة الفيديو “الانيمشين” لتصاميمهم.