فنجان قهوة بحضرة الشهيد جمال منصور

كانت الساعة تقترب من عصر ذلك اليوم، صعدنا درجات العمارة التي تغرس أساساتها بصخور نابلس، عمارة لو قدر لأي من الأشخاص ذوي المناصب أن يستأجر فيها لرفض ذلك، فدرجها المنهك للصعود لم يعتد عليه أصحاب الهمة الضعيفة.
على المدخل علقت يافطة صغيرة تشير إلى ذلك المركز الإعلامي، الذي كان مكتب العطاء والتضحية، ومكتب الأمل الذي يبث إلى الشباب روح مواجهة الاحتلال، لم تكن المظاهر تتحدث بعظمة من بداخله، أو حتى بصماتهم في التاريخ، دخلنا باحثين عن صاحب الابتسامة.
هي لحظات أو أقل، حتى رحب بنا بمكتبه المتواضع، جمال منصور، يجلس على مكتبه وخلفه تمتزج ملاح الوطن بخارطة تجسده كاملا غير منقوص، فيما تطل إحدى نوافذ مكتبه على وسط مدينة نابلس (جبل النار)، وقلعة “الاستشهاديين” الذين ودعهم منصور وقبلة كثير من القادة.
لم تكن زيارتنا لهدف سياسي أو غيره، وإنما حملنا معنا مجموعة من الاسئلة لبحث دراسي بالجامعة عن العمليات الاستشهادية لنطرحها على جمال منصور لنوثق موقفه حولها؛ فهو صاحب الرؤية والموقف الذي لطالما عبر عنه في لقاءاته مع طلبة الجامعة، أو حتى الجمهور الذي عشقه في لحظات الوداع الأخيرة.
حيّانا بابتسامته، وبادر بسكب فنجان من القهوة لنا بيديه، في تواضع عهدناه عنه.. لحظات وإذا بجرس الهاتف يرن، ليلتقطه ويجيب عليه، فتزداد الابتسامة… الوالدة تطمئن على فلذة كبدها، قلبها لا يكاد يغفو عن النبض بحب الابن الذي تخاف عليه كلما علت أصوات طائرات الاحتلال سماء نابلس، سيما أنه ودع رفاق درب له كثر.
هي ساعة تقريبا، ما بين دخولنا للزيارة حتى مغادرتنا المكتب، أسئلة نقلناها له، فكان في كل إجابة يتحدث بها وكأنه يريد أن يزرع بواعث الأمل من جديد؛ هم يغتالون القادة، ونحن نعمل، لن يتوقف تاريخ النضال الفلسطيني عند الأشخاص، بل هي مسيرة -كما قال- تستمد قوتها من حق متجذر كجبال جرزيم وعيبال.
“ألا تخشى من الاغتيال أو الاستهداف؟”، سؤال وجهناه له بعد أيام على اغتيال رفيق دربة صلاح الدين دروزة، وقبلها بفترة وجيزة إبراهيم بني عودة، وما بينهما الكثير من قادة سطروا تاريخًا نضاليًّا طويلًا من المقاومة، لم يتردد في إجابته، وهو ما يدلل عليه أنه جالس على مكتبه ويستقبل كل من يزوره من صحفيين وشخصيات.
أنهينا لقاءنا، وانطلقنا علنا نشاهده مرة أخرى في تلك المهرجانات أو اللقاءات، لكن هذه المرة شاهدناه محمولا على أكتاف قرابة مليون مودع هو ورفيق دربه الشيخ جمال سليم.
تلك لحظات مرة عليها 15 عاماً، نستذكرها كما أسماءنا، ونتذوق رشفات القهوة بصحبة الشهيد، كما وأنها ساعات على اللقاء، الذي فصلنا عن موعد وداعه فقط يومان.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

منظمات أممية تعلن رفضها الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رفضت منظمات أممية وغير حكومية، المشاركة في الخطة التي يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذها في قطاع غزة بخصوص توزيع...

الاتصالات تُحذر من انقطاع الخدمة جنوب ووسط قطاع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية، مساء اليوم السبت، أنها ستُنفذ أعمال صيانة اضطرارية على أحد المسارات الرئيسية في قطاع...

الدويري: عمليات القسام برفح تمثل فشلا إسرائيليا مزدوجا
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن عمليات كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-...

شركات طيران دولية تلغي رحلاتها لتل أبيب عقب قصف مطار بن غوريون
الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت شركات طيران دولية، صباح اليوم الأحد، إلغاء رحلاتها إلى "تل أبيب"، عقب قصف مطار بن غوريون الدولي. وبحسب...

مؤسسة حقوقية: آلاف المعتقلين بسجون الاحتلال يواجهون عمليات قتل بطيئة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام يواجه الأسرى في سجون الاحتلال تصاعدًا غير مسبوق في عمليات التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، التي تمارسها الإدارة...

جماعة أنصار الله: واشنطن تجاهلت تحذيراتنا لأنها لا تأبه بحياة الصهاينة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قالت جماعة أنصار الله اليمنية، الأحد، إن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تأبه بحياة الإسرائيليين رغم توجيه تحذير لها...

مدير المستشفيات الميدانية بغزة: المجاعة قادمة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بقطاع غزة، مروان الهمص، إن أغلب سكان قطاع غزة يعيشون تجويعاً ينفذه...