تسليم جثمان النايف.. حلقة من مسلسل الطمس والتواطؤ

بعد مماطلة ومراوغة لأكثر من ثلاثة أشهر قررت السلطات البلغارية تسليم جثمان الشهيد عمر النايف؛ لمواراته الثرى بعد فترة من عمليات التواطؤ لطمس الحقيقة والتي تورطت فيها أطراف بلغارية وفلسطينية وصهيونية.

وتشير بعض المصادر، أن تسليم جثمان النايف ودفنه، قبل انتهاء التحقيق، والوقوف على الأسباب الحقيقية لاغتيال النايف، والجهات المتورطة في ذلك، يأتي كحلقة أخيرة، لدفن القضية وإنهائها.

وحددت عائلة النايف، الجمعة الأولى من رمضان موعدًا لتشييع عمر في منفاه في صوفيا البلغارية؛ حيث عائلته وأبناؤه، فيما ستتم بشكل متزامن جنائز تشييع رمزية في مسقط رأسه في جنين وغيرها من المدن.

وتواصل مراسلنا مع عائلة النايف في جنين وبلغاريا حيث الامتعاض الشديد والغضب الكامن في النفوس من كل مجريات الأحداث بعد اغتياله وحتى قرار دفنه، حيث رتبت الفصول لطمس كل الأدلة خلال الفترة الماضية.

تقول زوجته: لم يبقِ البلغار أي دليل مادي على الجريمة إلا وطمسوه خلال الشهور الماضية، بحيث صودر حقنا في الحصول على أوراق التحاليل والتحقيقات والقرائن، وحتى تسليم الجثمان تم في وقت لا يمكن فيه الحصول على أدلة مادية في حال أعيد التشريح.

وأضافت أن عائلة النايف تعرف ذلك منذ البداية، “ولن نستسلم لهذا، والقضية ستتابع في كل المستويات”، عادّةً أن طمس الأدلة المادية دليل للتواطؤ، وهو سيصعب المتابعة القضائية.

وأكدت أنهم لن يتركوا محكمة أوروبية أو دولية إلا وسيتوجهون إليها.

أدوار لن تغتفر
وأشارت زوجة النايف بامتعاض شديد وغضب لدور السلطة الفلسطينية سيما وزارة الخارجية في التعامل مع القضية والمشاركة في طمس حقائق الجريمة عبر لجنة تحقيق عملت على المراوغة والتغطية على الأدوار المشبوهة للسفارة الفلسطينية في بلغاريا في الجريمة.

وبدورها، قالت مصادر مطلعة على متابعة فريق التحقيق لمراسلنا: إن محاولات ومخططات احتواء القضية سارت بكل الاتجاهات؛ فبدءا بلجنة تحقيق فلسطينية لم تقم سوى برحلة سياحية لبلغاريا، وجهت خلالها رسائل بأنه يحظر على أي طرف المساس بالسفارة الفلسطينية في مجريات التحقيق، وصولا لتعاون صهيوني بلغاري واضح في الجريمة وإخفاء أدلتها.

وأشارت المصادر إلى أن المحامين المتابعين للقصية تعرضوا لمضايقات، ورفضت السلطات البلغارية تزويدهم بأي معلومات أو وثائق أو تحليلات، والأمرّ من ذلك أن المضايقات شملت حتى عدم توفير مصاريف المتابعات القانونية للقضية ما يدلل على حجم المؤامرة.

كما أشارت المصادر إلى تهديدات مبطنة وصلت خلال الشهور الماضية لمسئولين في الجبهة الشعبية على خلفية اتهاماتهم للسلطة بالتواطؤ في القضية، كما تعمدت أطراف عديدة وضع عائلة النايف في بلغاريا في ضغط شديد توازيا مع كل المؤامرات التي هدفت لطمس أي حراك جدّي لمتابعة القضية وكشف خيوطها.

وكان عُثر على جثة النايف (51 عاما) -المطلوب لـ”إسرائيل” منذ ثلاثة عقود- في باحة سفارة فلسطين في صوفيا يوم 26 فبراير/شباط الماضي.

وكانت عائلة عمر النايف والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -التي كان ينتمي إليها- اتهمتا “إسرائيل” باغتيال الأسير السابق، بتواطؤ من السلطة الفلسطينية.

واعتقل النايف عام 1986 بتهمة قتل مستوطن “إسرائيلي” في القدس المحتلة، وتمكن من الهرب من سجانيه الإسرائيليين بعد نقله إلى مستشفى في بيت لحم (جنوبي الضفة الغربية)، وتنقل لاحقا في عدد من الدول العربية قبل أن يستقر منذ عام 1994 في بلغاريا.