السبت 27/أبريل/2024

نكبة فلسطين .. الحرب الأولى لميلاد إسرائيل

غسان الشامي

حرب نكبة فلسطين عام 1948م يطلق عليها الصهاينة “حرب الاستقلال، ويحتفل الصهاينة بهذه الذكرى الأليمة ويتراقصون فرحا وطربا في ذكرى إقامة الكيان العبري الاحتلالي، وتمثل هذه الذكرى ألما وجرحا لن يندمل بعد بالنسبة لنا كفلسطينيين وعرب؛ كيف لا وهو يوم ضياع أرض فلسطين هذه الدرة الثمينة، وهذا الفردوس المفقود، هذه الأرض الغالية التي فاوض اليهود عليها في أواخر القرن التاسع عشر عندما ذهب أحد مؤسسي الحركة الصهيونية- وصاحب كتاب الدولة اليهودية- “ثيودور هرتزل” للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني وطلب (هرتزل) من السلطان أن يمنح اليهود وطنا قوميا في فلسطين مقابل أن يقوم اليهود بسداد الديون المتراكمة على الإمبراطورية العثمانية، وأجابهم السلطان عبد الحميد “إن فلسطين ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، وإذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي، فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليّ من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة العثمانية”.

إن نكبة فلسطين هي الحرب الأولى الرسمية في كتب التاريخ والسياسة لميلاد الكيان العبري (إسرائيل) المسخ على أرضنا المباركة، وإن كان الصهاينة سبقوا هذا التاريخ عام 1948م في البناء والإعداد ليوم حرب فلسطين، حيث بدأت الهجرات اليهودية لأرضنا المباركة منذ أواخر القرن التاسع عشر، بل إن الحملة الفرنسية الاحتلالية على بلاد العرب والمسلمين كانت تدعو اليهود لاحتلال أرض فلسطين وإقامة وطن قومي لهم، وعلى هذه الدعوات ساعدت الدول الغربية اليهود لاحتلال أرض فلسطين والسبب الرئيس للتخلص من مشاكل اليهود في أوروبا، خاصة أن اليهود عاثوا فسادا في أوروبا، وأصبح الأوربيون يكرهون الجنس اليهودي، وعلى استعداد لدعم أي حلول أو مقترحات لإبعاد اليهود عن أوروبا؛ وبدأت أنظار الصهيونية إلى أرض فلسطين عندما عقدوا المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية في التاسع والعشرين من آب أغسطس عام 1897م، وبدأ الصهاينة يشتغلون على تحقيق “حلم إقامة الكيان العبري” وبدأوا يعدون الخطط والمكائد والدسائس لاحتلال أرض فلسطين، وتركزت جهودهم على التواصل الدائم مع البريطانيين الذين احتلوا أرض فلسطين.

وعندها سهل البريطانيون لليهود احتلال أرض فلسطين، وذلك من خلال تسهيل الهجرات اليهودية ومن ثم التمكن الإداري عبر ما تسمى حكومة الانتداب البريطاني، ثم قام اليهود الصهاينة بإعداد الخطط والمخططات العسكرية لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم وتدمير قراهم، واستمرت حرب نكبة فلسطين قرابة 6 أشهر إلى أن أعلن الكيان الصهيوني في أول ساعات يوم الخامس عشر من مايو 1948م قيام الدولة العبرية (إسرائيل) على أرضنا الفلسطينية المباركة، وبعدها أجبر الصهاينة المجتمع الدولي على الاعتراف بــــ ( دولة إسرائيل) من خلال الدعم الكبير للولايات المتحدة الأمريكية لقيام الكيان العبري.

والتاريخ العالمي يسجل أن بريطانيا (العظمى) دعمت الحركة الصهيونية بكل قوة من أجل احتلال فلسطين وتنفيذ وعد بلفور المشؤوم الذي صدر في الثاني من نوفمبر عام 1917، كما دعمت بريطانيا اليهود في كافة الإجراءات والأوامر العسكرية والمدنية من أجل تمكينهم من السيطرة على أرض فلسطين وقدمت لهم كل المساعدات المادية والمعنوية، وكذلك كرست بريطانيا جهدها خلال احتلال أرض فلسطين ما يطلق عليها (فترة الانتداب) لتسهيل إقامة الوطن القومي اليهودي من خلال الاعتراف بالوكالة اليهودية والتعاون معها في كافة المجالات، وفتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والتسهيل لليهود امتلاك للأراضي بشتى الوسائل، والضغط على الفلاح الفلسطيني لبيع أرضه، وتهيئة الفرصة أمام العصابات اليهودية للتدريب على القتال والتزود بالسلاح اللازم؛ في المقابل كانت بريطانيا تتخذ إجراءات عنصرية منها الإعدام والسجن للفلسطينيين العرب سكان البلاد الأصليين والأكثرية، وتحرمهم من كافة الحقوق والواجبات والوظائف الإدارية وشراء الأراضي والحريات بهدف التمكين لليهود لاحتلال أرض فلسطين.

ويجب أن لا ننسى الدور الخبيث للولايات المتحدة الأمريكية، فقد كان لها دور كبير في حرب نكبة فلسطين، وقدمت لليهود المساعدات العسكرية والمالية، بل وساعدت أمريكا على تأسيس العصابات الصهيونية مثل الهاغاناة والارغون والشتيرون والبلماخ وغيرها.

لقد أعد الصهاينة اليهود العدة من أجل قتل الآلاف من الفلسطينيين وتدمير قراهم وإحلال المهاجرين اليهود في هذه القرى، ففي العاشر من مارس/ آذار عام 1948م اجتمع القادة والضباط العسكريون (الإسرائيليون) في ما يسمى البيت الأحمر في (تل أبيب)، واتخذوا قرارات حرب النكبة، ووضعوا الخطط لقتل الفلسطينيين، وتهجيرهم عن أرضهم يستغرق تنفيذها 6 شهور، وقد تحققت النتائج بقتل الآلاف من الفلسطينيين وتشريد وتهجير أكثر من 860 ألف فلسطيني وتدمير 531 قرية، و11 حيا سكنيا، والعمل على إحلال المهاجرين الصهاينة.

إن الحديث يطول في تاريخ نكبة فلسطين ولا تكفيه مقالة أو عشرات المقالات، بل لا تكفيه المجلدات وكتب التاريخ، وللنكبة شجون وشجون وآلام وهموم، ولكن لسان حال الفلسطيني في أرضه والمهجر عن وطنه واللاجئين لسانهم جميعا يقول هنا باقون .. عائدون عائدون.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات