الأحد 12/مايو/2024

الانفجار القادم من غزة

إبراهيم المدهون

الواقع في غزة لم يعد يُحتمل، وتحذيرات فصائل المقاومة جدية هذه المرة، فاستمرار الحصار الإسرائيلي، ومماطلة السلطة في تحمل مسؤولياتها، مع إبقاء معبر رفح مغلقًا بالإضافة لتفشي البطالة ونقصان الأدوية، وحالة الشلل في قطاعات العمل الحيوية، كل ذلك حوّل قطاع غزة لبرميل من البارود يغلي يوما بعد يوم.

وعلى القوى والمؤسسات والدول المعنية بإبقاء حالة التهدئة والاستقرار في قطاع غزة أن يتنبهوا جيدا أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، والهدوء لن يستمر طويلا في حال بقي الحصار بهذه الوتيرة التصاعدية التجاهلية؛ فمنع الإسمنت وضرب جدول الكهرباء والتضييق المتسع وزيادة المعاناة، كل ذلك أكبر من طاقة احتمال السكان في غزة، وحتى لو رغبت حماس باستمرار التهدئة فإنها لن تستطيع ذلك، لهذا كانت رسالتها تحذيرية أكثر منها تهديدًا.

لهذا أطلقت حركتا حماس والجهاد تصريحات تحذيرية، بهدف تحريك المياه الراكدة جراء طول فترة الحصار المفروض على القطاع وعدم بروز أمل في الأفق، خاصة بعد زيارة وفد حماس لمصر، التي لم يتبعها أي إجراءات للتخفيف من حصار قطاع غزة، بالإضافة إلى الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة التي منعت دخول الإسمنت.

لا أحد يتوقع مدى وقوة واتجاه الانفجار وأسلوبه وآلياته، إلا أن الشعب الفلسطيني يوجه بالعادة غضبه نحو الاحتلال بصبر جميل على أذى من هذا الطرف أو ذاك أو من إهمال شقيق وحصار قريب، فرغم أن جهات عديدة تشترك في حصار غزة، ومنها جهات فلسطينية وعربية ودولية للأسف، فإن الانفجار سيكون في وجه “إسرائيل” أولًا وأخيرًا.

إن استمرار الحصار قد يدفع بعض فصائل المقاومة مثل حركة الجهاد الإسلامي وبعض الفصائل الأخرى إلى اللجوء للمواجهة العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما قد يجبر حركة حماس على الدخول في المواجهة بعد ذلك، وأي مواجهة قادمة ستكون قتالا يائسا من كل السياسة والسياسيين، وسيقاتل الشعب الفلسطيني حتى آخر رمق؛ فالحصار يجب أن يكسر، فلم يعد هناك ما يُخشى عليه.

حاولت حماس بجميع الطرق الممكنة، وقدمت تنازلات متعددة للسلطة الفلسطينية، وللنظام المصري وللأطراف الدولية لكي تخفف عن سكان غزة معاناتهم، ورغم ذلك كلما قدمت حماس خطوة إذ بالحصار يشتد والمعاناة تزيد، وأعتقد أن لو كان لدى حركة حماس إجراءات يمكن أن تتخذها ضد “إسرائيل” لتخفيف الحصار لفعلتها، لكنها تريد أن توجه رسالة إلى كل الجهات المسؤولة عن الحصار؛ لأن “إسرائيل” ليست وحدها المسؤولة عنه، فلم يثبت بعد أن أصدقاء الحركة في العالم قادرون على التأثير على “إسرائيل” لتخفيف الحصار.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات