عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

الشهيد قاسم جابر.. جنرال القسام بالخليل وعاشق الشهادة

الشهيد قاسم جابر.. جنرال القسام بالخليل وعاشق الشهادة

رغم أنه كان ينتظر مولوده الجديد بشغف، إلا أن عشقه للجهاد والاستشهاد كان أكثر؟! هكذا بدأت زوجته الشهيد القسامي قاسم جابر (أم مؤمن) حديثها والدمع يغالبها مع مراسلتنا التي التقت الأسرة في منزلها المتواضع في حي البقعة بالقرب من مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي أهل الخليل.

تقول زوجته الحامل في الشهر الأخير: “كان مميزا في حنانه ولطفه معنا ومع الأسرة بأكملها، وشعرت منذ مساء ذلك اليوم أن أمرا جللا قد يحدث، فحركات أبو مؤمن (31 عاما) لم تكن طبيعية بل كان يعد نفسه لأمر لا نعلمه، إلا أن كل ذلك لم يمنعه من الرحمة والعطف الذي اعتدناه صباح مساء.

زوج يعشق الشهادة

وتخرج الكلمات من أعماقها في حديثها: “قاسم بطل وطوال حياته يحب الوطن والشهداء، حتى عندما افتتح محلات الخضار والفواكه التي يعمل بها، لم يحتر ماذا سيسمي المحل وقال للجميع: لا تختلفوا على الاسم.. الاسم جاهز! قالوا له ما هو؟ قال قاسم رحمه الله  نسميها: محلات الشهيد لبيع الخضار والفواكه، وذلك تيمنا باسم ابن شقيقه (فريد طالب جابر)الذي استشهد وهو ابن الثماني سنوات عام 2012م .

وتضيف زوجته: “قاسم كان أسيرا في سجون الاحتلال وأمضى فيها نحو 7 سنوات، وكان صامتا لا يعلم أحد ماذا يفعل، وكان الحنان صفته الدائمة معي ومع أمه وشقيقاته مع الكبار والصغار والأطفال رغم انشغاله الدائم، أنعم الله علينا بثلاثة أطفال ( سندس، كتائب، مؤمن ) وكان يحبهم كثيرا ويعطف عليهم ويأتيهم بالحاجيات”.

وأشارت أم مؤمن إلى ساعات زوجها الأخيرة قائلة: “نفسي حدثتني أن هناك خطرا قد يصيب زوجي، كنت شاعرة بذلك منذ ساعات الليل، وازداد الشعور في الصباح ..لكنه لم يبد أي أثر، بل زاد من حنانه وعطفه علينا جميعا. خرج وترك حاجياته وأغراضه التي اعتدنا أن يحملها معه من أجل العمل. زاد خوفي وشكوكي ونزلت لأبحث عنه. لم أهدأ ولم أرتح وأصبحت في قلق حتى تجمع الناس عند منزلنا وهم يصرخون وبعضهم يبكي، لم أكن أعلم ماذا حصل؟ عندها وصل الخبر باستشهاد أبو مؤمن. تنفست الصعداء وقلت الحمد لله “زوجي شهيد.. زوجي شهيد!”.

دموع الوداع

على أريكة منزوية في منزل الشهيد قاسم جلست شقيقته (نسرين) التي أبكت الجميع وهي تعدد خصاله وأيامها معه، وساعة زيارته الأخيرة لها فقالت: “دخل منزلنا مساء وكان ينظر لي بنظرات غريبة! لم أعهدها، سألني هل أنت بحاجة إلى شيء؟ قلت له لا، أريدك سالما، طلب مني سجادة الصلاة، وصلى عندنا في البيت، وطلب مني فنجان قهوة وشربنا معا، ومن ثم خرج ولم يعد.

 وعن حنانه تحدثت نسرين لمراسلتنا وهي تجود بدمعها بغزارة دون انقطاع فقالت: “في إحدى المرات مرضت ونمت في المستشفى، واستدعت حالتي وحدات من الدم، فانتفض يجري وهو في حالة من الحزن والألم علي، وتبرع بالدم وبقي بجانبي في المستشفى، وبعد نزولي إلى بيتي عادني في المنزل ولم يتركني.. آه إنني أحبه كثيرا .. كثيرا .. لكن الله يحبه أكثر”.

 شقيقته الصغرى (أنوار ) لا تزال لم تصدق أن قاسم قد استشهد، فهي معزوزة عنده ويحبها كثيرا، وكان يزورها دوما، وتقول لمراسلتنا: “أنعم الله علي بالحمل قبل زوجته، ففرح كثيرا وربما أكثر من زوجي، وكأن الولد له، فكنت أشعر بالسعادة عندما يحضر لبيتنا. حضر ليلة استشهاده ونظر إلي نظرة مودع، شعرت أنه حزين في نظراته الأخيرة التي لم أكن أعلم أنها ستكون الأخيرة، ولكن اليوم غاب هذا الحنان عنا بغيابه، فلنا الله.

أم الشهيد النموذج

أم الشهيد قاسم جابر، تلك المرأة الجبارة التي تسامت على الجراح فرسمت برباطة جأشها ملحمة الصمت والإيمان بقدر الله، حيث شاركت في جنازة ابنها وانطلقت تتقدم الجموع من مسجد الحسين إلى مقبرة الشهداء، وهي تهتف من أعماق قلبها (بالروح بالدم نفديك يا شهيد).

أم الشهيد كانت تصبر جموع النساء الباكيات في المنزل، وهي تقول لهن: “لا تبكين .. قاسم شهيد .. قاسم شهيد!! وعند سؤالها عن مكانة قاسم في نفسها؟ قالـت أم الشهيد: “قاسم إنسان مميز في أخلاقه ودينه، الناس يحبونه ويعرفونه من خلال معاملته الطيبة لهم، قاسم كان سجينا لعدة سنوات، وبعدها تفرغ لبيته وعائلته، أنجب الأطفال وأصبح له أولاد وبنات، فوجئنا بما حدث!! أسال الله أن يصبرنا على فراقه، وأن يصبر شقيقاته اللواتي كن يحببنه كثيرا، وكذلك زوجته وأطفاله الذين فقدوه، إن ما يطمئننا أن الله اختاره شهيدا”.

هكذا كان المشهد داخل بيت القسامي الشهيد قاسم جابر الذي واجه الاحتلال والمستوطنين على مدخل مستوطنة كريات أربع صباح يوم الاثنين 14-3-2016 م يدافع عن كرامة أمته وشعبه في الخندق المتقدم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات