عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

الشهيد عبد السلام البطنيجي.. عاشق المقاومة والتضحية

الشهيد عبد السلام البطنيجي.. عاشق المقاومة والتضحية

بعد وفاة والده رفض “عبد السلام” حضور قسمة الميراث كما هو المعهود بين عائلات غزة، وظل على موقفه، ليقول لإخوته “أنتم قسّموا كما تريدون، وفقط أعطوني أوراق أوقع عليها”، بهذا الموقف استذكر سامي البطنيجي خلال حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” شقيقه الشهيد، الذي ارتقى خلال عمله في نفقٍ للمقاومة شرق مدينة غزة أمس الاثنين (14-3).

سيرة ذاتية
الشهيد عبد السلام عايد البطنيجي (35 عاماً) أنهى دراسته الثانوية ثم التحق في العمل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية ليكون أحد مرتبات الأمن الوطني، وهو متزوج ولديه خمسة من الأطفال أكبرهم البراء (10أعوام)، ويصغره ثلاث من البنات وولد آخر.

ويُسجل سامي الذي بدا عليه التأثر باستشهاد رفيق دربه وحبيبه “عبد السلام” كل التقدير والاحترام لشقيقه الشهيد، ليضيف: “لم يكن يشعرنا يوماً أنّه يريد شيئا من الدنيا، كان ينتظر منّا أن نطلب منه أي شيء حتى يلبيه، فقد اشترى الآخرة وترك الدنيا بكل ما فيها”.
أوائل الشبابيفتخر البطنيجي بأنّ شقيقه “عبد السلام” كان من أوائل الشباب الذي انضموا إلى صفوف المقاومة وظل مواصلاً فيها حتى استشهاده، لافتاً إلى أنّهم كانوا واثقين أنّ ابنهم ماضٍ في هذا الدرب، ولن يتخلى عنه وأنه سيلقى ربه في أي يومٍ من الأيام عليه.

وبنبرة حزينة تنهد سامي، وقال: “لكّنه الفراق!”، ماضياً في حديثه أنّه بعد الليلة الأولى لاستشهاده، ذهب إخوانه لتطييب خاطر زوجته وأطفاله ليندهشوا منها ومن صبرها، ليضيف: “لقد كانت هي من تعزينا وترفع من هاماتنا، وقد كانت تبدو مستعدة ومجهزة نفسها لمثل هذا اليوم والحمد لله رب العالمين”.

مسؤولية كبيرة
وفي واجهة بيت عزاء والده يتصدر “البراء” نجل الشهيد الأكبر المكان، إلى جانب أعمامه لاستقبال “المهنئين باستشهاد والده”، يقول لمراسلنا، بنبرةٍ تملؤها الثقة أنّ والده حمّله أمانة كبيرة باستشهاده، وهي رعاية إخوته الأربعة الآخرين والحفاظ عليهم.

وببراءته يوصف براء المشهد عندما كان أبوه يوصيه بأن يحافظ على إخوته وأمه من بعده، فكان يرد عليه: “والله يا أبي هذه مسؤولية كبيرة، لكنّه كان يشد على كتفي ويقول لي أنت قدها يا براء”.

ويعتز البراء باستشهاده، ويضيف: “أبي استشهد شهادة مشرفة ترفع الرؤوس ولم يمت على فراشه كما هو حال كثير من الناس”.

بطل ابن بطل
“بطل ابن بطل ابن بطل” هكذا ارتفعت نبرة الحديث لدى البراء وهو يحدثنا عما سيفعله من بعد أبيه، حيث كان الشهيد عبد السلام قد دُفن في ذات القبر الذي دُفن فيه والده المشهود له بالخير والعطاء بين أقرانه من الحي.

ويستذكر طفل الشهيد، بأنّ أبرز ما كان يوصيه به أبوه هو وإخوانه الصلاة وحب الناس ومساعدتهم، يتحدث عن أحد المواقف يقول: “في إحدى المرات جاء فقير لأبي ولم يمكن يمتلك شيكلاً واحداً، فذهب به إلى البقالة وطلب منه أن يعطيه ما يريد، ليسد الدّين الذي عليه بعد ذلك”.

يؤكد سامي شقيق الشهيد أنّ هذا الموقف هو صغير مقابل عشرات المواقف التي عايشناها مع عبد السلام، ليضيف: “والله حياتنا مع عبد السلام كانت كلها مواقف، ولم يكن يوماً يزعل أحدا أو يخاصم أحدا”.

ويبتسم سامي وهو يستذكر كيف كان شقيقه “أبو البراء” يعاتبه عتاباً شديداً عندما يكون هناك مناسبة للعائلة ولم يذكره بها أو يحكي له عنها.

تنتهي الكلمات في الكتابة عن عبد السلام، لكن لم يزل أصدقاؤه وأقاربه وجيرانه وكل من عرفه في قطاع غزة يتخذ زاوية من بيت العزاء ليتحدث كل منهم عن موقفٍ تشرف به في لقاء “أبو البراء” وكيف أنّه كان صاحب واجبٍ كبير على كثيرٍ من الناس، لتشهد له الشجاعية بكل شوارعها وأزقتها.

Message body