عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

بان كي مون.. عندما يسعى الرسول لنشر الظلم

بان كي مون.. عندما يسعى الرسول لنشر الظلم

“الشعوب دائما تقاوم الاحتلال، المظالم التي يتعرض لها الفلسطينيون تؤجج الغضب، الاستيطان وهدم المنازل سياسة تمييزية ومذلة”.. تلك هي الحقائق التي اعترف بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مقاله الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الأحد (31-1). 

لكن الأمين العام، الذي وصف نفسه بـ”الرسول”، آثر ألا يكمل الحقيقة التي نطق بها لسانه دون أن تلامسها أفعاله، بعد أن حاول في سياق مقاله المساواة بين “الضحية والجلاد” وبين الاحتلال والمقاومة، فقد كشفت مقالته ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، فكيف يعترف أن الشعوب تحت الاحتلال حقها المقاومة، ثم ينقلب على مفاهيمه ويصف مقاومة شعب بالعنف وينتفض هو ومؤسسته بإدانته.

لا تقتلي الرسول

وتحت عنوان “لا تقتلي الرسول يا إسرائيل” تنكر بان كي مون للحقائق التي سردها، وقام بدور الناصح الأمين لـ”إسرائيل” كمبادرة منه لإعطائها دروسا في كيفية تحسين وجه الاحتلال حتى لا تشعر الأمم المتحدة بحرج، وذلك بدلا من أن يفعل مواثيق المؤسسة الدولية للانتصار لشعب رازح تحت الاحتلال منذ أكثر من نصف قرن كما ذكر.

واستهل مون مقاله بالقول: “بدأت سنة 2016 في إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة حيث انتهت سنة 2015، بمستوى غير مقبول من العنف واستقطاب حاد في النقاشات العامة. ظهر هذا الاستقطاب في أروقة الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي عندما أشرت إلى حقيقة بسيطة تقول: يُثبت التاريخ أن الشعوب دائماً تقاوم الاحتلال”.

ورغم الحقيقة التي كررها مون في مقاله حول حق الشعوب في المقاومة إلا أنه انقلب على مفاهيمه وعاد ليصفها بالإرهاب قائلا: “البعض سعى إلى قتل الرسول-محورين كلماتي على أنها تبرير مضلل للعنف. الطعن، الدهس بالسيارات وكل الهجمات التي يُنفذها فلسطينيون ضد مدنيين “إسرائيليين” تستحق الإدانة. كذلك، أيضاً، التحريض على العنف وتمجيد القتلة”.

لم يكن ببال بان كي مون إنهاء الاحتلال؛ لكن ما يزعجه هو الإجراءات الأمنية فقط التي يمارسها ومن يرفض فهو بتوصيفه إرهابي حيث قال: “لا شيء يبرر الإرهاب. أدينه بشكل قاطع. على الرغم من ذلك، لا يمكن تخيل أن الإجراءات الأمنية وحدها سوف تُوقف العنف. كما حذرتُ مجلس الأمن الأسبوع الماضي، الإحباط والمظالم الفلسطينية تتزايد بسبب ثقل الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ نصف قرن تقريباً. تجاهل هذا الأمر لا يعني انتهاؤه. لا أحد يستطيع إنكار أن الحقائق اليومية تحت الاحتلال تُؤجج الغضب واليأس، وهي الدوافع الرئيسية للعنف والتطرف، وتُضعف أي أمل بحل الدولتين.

سرقة شعب

سرقة الأراضي ومصادرتها والتغول الاستيطاني وإذلال شعب بأكمله حقائق أيضا كشفها الأمين العام في مقاله، قائلا: “يزداد توسع المستوطنات. ووافقت الحكومة علي خطط لبناء أكثر من 150 بيتاً جديداً في المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة. الشهر الماضي، تم إعلان 370 دونما في الضفة الغربية كـ “أملاك للدولة”، هذه التوصيف يقود في النهاية إلى استخدام هذه الأراضي بشكل حصري للاستيطان”.

وتابع: “في نفس الوقت، تواجه الآلاف من منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية خطر الهدم، بسبب معيقات تبدو قانونية على الورق لكنها تمييزية في الواقع”.

تلك الحقائق لم تكن كافية لبان كي مون لشرعنة ما يقوم به الشعب المحتل من مقاومة لوقف المظالم والانتهاكات لكن قلقه كان منبعه إحساس الشباب بقسوة الاحتلال بعد أن قال: “يفقد الفلسطينيون-خصوصاً الشباب-الأمل فيما يبدو أنه احتلال قاس، مذل وليس له نهاية. ويترنح الإسرائيليون من الهجمات شبه اليومية ويفقدون الرؤية لإمكانية تحقيق سلام شامل مع الفلسطينيين”.

ورغم ما سرده مون من حقائق إلا أنه انتقل مباشرة لمطالبة الفلسطينيين بتنازلات سياسية من أجل تحقيق الأمن للكيان..

مطلوب تنازلات

كما أن الأوضاع في غزة والحصار المفروض عليها وانعدام كل مقومات الحياة والحروب التي دمرت القطاع، لم يدفع مون للعمل على إنهائه بل رهنه بشروط سياسية متماشيا مع مطالب الاحتلال بإنهاء المقاومة ووقف إنشاء الأنفاق، قائلا: “على الفلسطينيين أن يقدموا تنازلات سياسية من أجل توحيد غزة والضفة تحت سلطة ديموقراطية موحدة، طبقاً للمبادئ المنصوص عليها من قبل المؤسسة الوطنية الجامعة، منظمة التحرير الفلسطينية. هذا يعني الإدانة الدائمة والقوية والقيام بخطوات وقائية لإنهاء الهجمات على الإسرائيليين، من ضمن ذلك الوقف المباشر لبناء أنفاق غزة”.

وأكمل مون دفاعه عن الاحتلال ومحاولة مساواته بشعب له حق أصيل في أرضه وتحريرها بالقول: “سأقف دائماً في وجه هؤلاء الذين يتحدون حق إسرائيل بالوجود، مثلما سأدافع دائماً عن حق الفلسطينيين بأن يكون لهم دولة خاصة بهم. لذلك أنا قلق جداً من أننا قد نصل لنقطة اللا عودة بخصوص حل الدولتين. وأنا منزعج من البيانات الصادرة عن أعضاء رفيعين في الحكومة الإسرائيلية تقول إننا يجب أن نتخلى عن هذا الهدف تماماً”.

هدف الرسول بان كي مون كان خلاصته الخشية من تمدد المقاومة وانهيار السلطة التي تنسق أمنيا مع الاحتلال والذي ووصفه بالمأزق حيث قال: “هذا المأزق يحمل في طياته الكثير من المخاطر لكلا الجانبين: استمرار موجة الإرهاب والقتل؛ انهيار السلطة الفلسطينية؛ المزيد من العزلة والضغط الدولي على إسرائيل؛ وتآكل الأسس الأخلاقية للمجتمع الإسرائيلي والفلسطيني، والتعود أكثر على معاناة الآخر.

واختتم مون مقاله بالتأكيد على أن الاستمرار في إخضاع شعب آخر تحت الاحتلال إلى ما لا نهاية يُضعف الأمن والمستقبل لكلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وهو ما اعتبره مون رسالة من صديق صادق النية لـ”إسرائيل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات