عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

مقتطفات وقراءة في بيان الاتحاد الأوروبي تجاه فلسطين

مقتطفات وقراءة في بيان الاتحاد الأوروبي تجاه فلسطين

استعراض من البيان الموسع الصادر مساء الاثنين (١٨ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٦) والذي يتضمن خلاصات اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسيل في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما يتصل بها، مع ترجمات خاصة ضمنية.

** بيان وزراء الخارجية الأوروبيين في هذا التوقيت هو بمثابة ورقة موقف مفصّلة إزاء مجريات القضية الفلسطينية وتطورات الواقع على الأرض وسياسات نظام الاحتلال “الإسرائيلي” وإجراءاته. وهو يكشف عموماً عن نبرة ضغط مخففة على الجانب “الإسرائيلي”، ويعبّر في الوقت ذاته عن منحى القلق الأوروبي الكامن من تصلّب “الحكومة الإسرائيلية” بما يقوِّض آفاق مشروع التسوية التي تستند على فكرة دولتين.

وفي البيان رسائل محددة للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها أيضاً. لكنّ الموقف الأوروبي كما تم استعراضه في الخلاصات لا يشتمل على تحريك حقيقي للتسوية والمفاوضات وإنما يراهن على عرقلة نسبية لنهج فرض الأمر الواقع “الإسرائيلي”. مع ذلك، من الصعب بناء توقعات عملية محددة ومباشرة على ما جاء في الخلاصات التي انتهى إليها الاجتماع الوزاري، فهي تتسم في معظم المواضع بالعمومية والحذر وبالافتقار إلى التحديد والإجراءات العملية الضاغطة. 

** أهم المحاور:
يتعرّض البيان الواقع في إحدى عشرة فقرة لعدد من الشؤون والقضايا منها تطورات انتفاضة القدس والتصعيد “الإسرائيلي”، والأفق السياسي للتسوية، وملف الاستيطان والتعامل الأوروبي مع الواقع الذي يسعى الجانب “الإسرائيلي” لفرضه في الأراضي المحتلة سنة ١٩٦٧. كما يتطرق إلى وضع السلطة الفلسطينية ومؤسساتها وموضوع حكومة التوافق والانتخابات، علاوة على تناوله شؤون قطاع غزة. 

** ملف الاستيطان 
اجتذب ملف الاستيطان وآفاق التعامل الأوروبي مع الواقع الذي يسعى الجانب “الإسرائيلي” لفرضه في الأراضي المحتلة سنة ١٩٦٧ اهتماماً إعلامياً في ظلال الاجتماع الأوروبي، خاصة مع الحملة المكثفة التي شنتها الحكومة الإسرائيلية استباقاً للاجتماع.

وبعد التذكير بما تشكله المستوطنات من عقبة في وجه السلام ومن تهديد باستحالة تنفيذ “حل الدولتين” علاوة على أنها “غير شرعية حسب القانون الدولي”، جاء في الفقرة السابعة من البيان أنّ “الاتحاد الأوروبي يجدد معارضته القوية لسياسة الاستيطان الإسرائيلية وللأعمال التي يتم اتخاذها في هذا السياق مثل بناء حاجز الفصل عبر خط ١٩٦٧ والهدم والمصادرة – بما يشمل مشروعات ممولة من الاتحاد الأوروبي – والتشريد، والترحيل القسري الذي يشمل البدو، ونقاط الانتشار غير المشروعة والقيود على الحركة والوصول”. وأردف البيان بحث الجانب “الإسرائيلي” على إنهاء كافة النشاطات الاستيطانية وإعادة هذه الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل آذار/ مارس ٢٠٠١.

أما الفقرة الثامنة فاشتملت على أكثر النقاط سخونة في الانعقاد الوزاري بالنسبة للجانب “الإسرائيلي”. وجاء فيها أنّ “الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ملزم بالتحقق من التنفيذ المتواصل والكامل والفعال لتشريعات الاتحاد الأوروبي والترتيبات الثنائية التي تنطبق على منتجات المستوطنات. يعبِّر الاتحاد الأوروبي عن التزامه بالتحقق – تماشياً مع القانون الدولي – من أنّ كافة الاتفاقيات بين دولة إسرائيل والاتحاد الأوروبي يجب بصراحة وبلا مواربة أن تشير للانطباق على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في ١٩٦٧”. وفي ردّ ضمني على الحملة الرسمية الإسرائيلية في هذا الشأن أكدت الفقرة أنّ “هذا لا يشكل مقاطعة لإسرائيل وهو ما يعارضه الاتحاد الأوروبي بقوة”.

** “دورة العنف المتواصلة”
يُفرد البيان فقراته الأولى لتطورات الأحداث في فلسطين خلال الشهور الأخيرة، التي يصفها “بدورة العنف المتواصلة”، ويُعرب عن القلق العميق إزاءها. وذكر البيان أنّ “الاتحاد الأوروبي يدين بحزم الاعتداءات الإرهابية والعنف من كل الأطراف وتحت أي ظروف بما في ذلك موت الأطفال. وشمل البيان دعوات أوروبية “لكل الأطراف” للابتعاد عن الاستفزاز وما يُذكي التوتر، مع الحث على مواصلة التنسيق الأمني.  

وجاء في السياق أيضاً أنّ “الاتحاد الأوروبي يرحب بالتقدم في تحقيقات دوما (إحراق أسرة دوابشة في القرية) ويدعو إسرائيل لإحالة جمبع مقترفي عنف المستوطنين إلى المحاسبة”، وهو ما يوحي بنبرة انتقاد ضمنية لحالة التراخي الرسمي الإسرائيلية إزاء الاعتداءات.

وفي شأن القدس يأتي في هذا الصدد أنّ: “الاتحاد الأوروبي يذكِّر بالأهمية الخاصة للمعالم المقدسة ويدعو إلى التمسك بالحالة التي كانت قائمة في المكان سنة ١٩٦٧ لجبل الهيكل/ الحرم الشريف بالتماشي مع التفاهمات السابقة ومع احترام الدور الأردني الخاص”.

ورغم أنّ البيان الأوروبي يبدو حذراً في استعمال  المفردات، إلاّ أنه يتولى تقديم المصطلح الإسرائيلي في الحديث عن المسجد الأقصى، فهو يأتي بوصف “جبل الهيكل/ الحرم الشريف”، وهو تناول  يشير بحد ذاته إلى معضلة مفهومية في المنظور الأوروبي إلى قضية القدس التي أشعلت شرارة الحدث. 

** الأفق السياسي
في سياق تطورات الشهور الأخيرة تؤكد خلاصات الاجتماع الأوروبي أنّ “إعادة تأسيس الأفق السياسي واستئناف الحوار هما فقط من بوسعهما وقف العنف”، كما جاء في الفقرة الثالثة. ومما يلفت الانتباه في هذه الفقرة ما جاء فيها من “أنّ تغييراً جوهرياً في سياسة إسرائيل بخصوص الأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة في المنطقة ج، سيؤدي إلى إنعاش الفرص الاقتصادية وتمكين المؤسسات الفلسطينية وترسيخ الاستقرار والأمن للجانبين؛ الإسرائيليين والفلسطينيين”.

وتتحدث الفقرة الرابعة من البيان الوزاري عن أنّ الاتحاد الأوروبي موحّد في التزامه بحلّ الدولتين ومعارضته الأعمال كافة التي تعيق إمكانية تحقيقه، معرباً عن أنّ الاتحاد سيواصل مراقبة الوضع واتخاذ ما يلزم حياله.
ولا يأتي جديد تقريباً في الفقرات التي تعيد تأكيد المواقف الأوروبية ذات الصلة بالمفاوضات وعملية التسوية السياسية، وإن كانت نبرة المطالبة الضمنية للجانب الإسرائيلي بالقيام بخطوات، ذات صفة عامة، تبدو ملحوظة عبر السياق. 

في الشأن السياسي أيضاً اختتم البيان بفقرة مقتضبة، جدّد فيها الاتحاد الأوروبي عرضه للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للحصول على “حزمة دعم أوروبية سياسية واقتصادية وأمنية”، علاوة على شراكة ذات امتيازات خاصة مع الاتحاد الأوروبي “بما يوفر مكاسب مستدامة للطرفين”، وذلك في حال التوصل إلى “اتفاق سلام نهائي”. وأكد الاتحاد الأوروبي أنّ “التطوّر المستقبلي للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وكل من الطرفين الشريكين، الإسرائيلي والفلسطيني، ستعتمد أيضاً على سعيهما إلى سلام دائم يقوم على حل الدولتين”.

** الساحة الفلسطينية وأطرها
يدعو البيان في فقرته التاسعة كافة الأطراف الفلسطينية للانهماك الإيجابي في عملية التوافق، مشيراً إلى أنّ هذا عنصر مهم للوصول إلى “حل الدولتين”. يتحدث البيان في هذا الشأن عن أهمية عدم خسارة “النتائج الإيجابية للماضي”، وأنّ على المؤسسات الفلسطينية أن تواصل نموها لتصبح أكثر قوة وديمقراطية وشفافية وقابلية للمحاسبة. يدعو البيان الحكومة الفلسطينية في السياق أيضاً إلى العمل باتجاه “إجراء انتخابات ديمقراطية لكل الفلسطينيين”، وإن كان المقصود فلسطينيي الضفة والقطاع. وعلاوة على مواصفات متعددة تنتهي هذه الفقرة من البيان بدعوة كل الفصائل الفلسطينية لإيجاد أرضية مشتركة للعمل معاً لتلبية احتياجات السكان الفلسطينيين.

** شؤون قطاع غزة
تطرّق البيان إلى قطاع غزة بفقرته العاشرة المطوّلة، وقد دعا فيها الاتحاد الأوروبي “الأطراف كافة” لاتخاذ “خطوات سريعة لإنجاز تغيير جوهري في الحالة السياسية والأمنية والاقتصادية” في القطاع، “بما يشمل إنهاء الإغلاق والفتح الكامل لنقاط العبور”، لكن هذه الدعوة جاءت مقرونة بمراعاة ما سماها البيان “شواغل إسرائيل الأمنية المشروعة”.

عبّر البيان أيضاً عن رفض ما يجري من إطلاق مجموعات مسلحة صواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية وأكد مجدداً خطر التصعيد، مطالباً بالتزام السلام واللاعنف. وحثّ الاتحاد الأوروبي الجانب الفلسطيني على جعل إعادة إعمار غزة “أولوية وطنية شاملة، خاصة في ما يختص بالصحة والطاقة والحصول على المياه”. يطالب البيان في هذا السياق بأن تستأنف السلطة الفلسطينية وظائفها الحكومية في غزة باعتبار القطاع جزءاً ضمنياً من الدولة الفلسطينية المستقبلية. 

ورحّب البيان الأوروبي “بالخطوات التي اتخذتها إسرائيل لتسهيل بعض القيود عن غزة”، لكنه أكد الحاجة إلى إزالة القيود عن حركة الأشخاص والخدمات والسلع. 

وتطرّق البيان أيضاً إلى الحالة الإنسانية في قطاع غزة داعياً كل الجهات ذات الشأن بضمان الوصول الإنساني إلى القطاع بلا إعاقة وفق مقتضيات القانون الإنساني الدولي، ودون الإشارة إلى تحركات عملية محددة أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للتعامل مع الأطراف والشركاء ذوي العلاقة نحو معالجة الوضع الإنساني في القطاع، داعياً المجتمع الدولي للقيام بالأدوار المنوطة به في هذا الشأن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...