السبت 28/سبتمبر/2024

الفتية والقاصرون الفلسطينيون.. فئة يستهدفها الاحتلال

الفتية والقاصرون الفلسطينيون.. فئة يستهدفها الاحتلال

تصاعدت وتيرة الاعتقالات ما بين الأعوام 2013 و2014 و2015، ليتصدّر العام الماضي النسبة الأعلى في أعداد المعتقلين الذين تجاوز عددهم الـ2300 معتقلٍ فلسطيني في مدينة القدس المحتلة، حيث تم اعتقالهم إمّا ميدانياً بحجج احتلالية كرشق الحجارة والزجاجات الحارقة أو بزعم الطعن، أو من منازلهم خلال عمليات الاقتحام الليلية، وخلال الاعتقال تم الاعتداء على الشبّان والأطفال بالضرب المبرح والشتم والإهانة.

وبحسب تقرير لوكالة قدس برس فإنه في العام 2013 اعتقلت قوات الاحتلال في القدس 1450 فلسطينياً بينهم 450 قاصراً و25 سيدة، وفي العام 2014 اعتقلت 2250 بينهم 700 قاصر و69 سيّدة، أمّا هذا العام فقد شهد اعتقال أكثر من 2300 فلسطيني بينهم أكثر من 860 قاصر، و219 سيّدة.

ومن خلال هذه الأرقام فإن الاحتلال شنّ خلال العام الماضي حملته الاعتقالية ضدّ القاصرين من الأطفال الذين فرض عليهم إمّا السجن الفعلي في معتقلات الاحتلال لشهور وسنوات مختلفة بحسب التهم التي أُدينوا بها، أو الاعتقال الإداري “الملف السريّ” كما حصل مع أربعة أطفال ما دون سن الـ18 عاماً، وهم: محمد هشلمون، وقصي دنديس، وفادي العباسي، ومحمد غيث.

والاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمة أو محاكمة، ويعتمد على ما يسمّيه الاحتلال بـ “الملف السري”، بحيث لا وجود لأي أدلة ضد المعتقل، ولا يمكنه ومحاميه الاطلاع على هذا الملف، ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، حيث يتم استصدار أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها 6 شهور قابلة للتجديد.

وقامت سلطات الاحتلال بالعمل على سياسة “الاعتقال الإداري” لحملة الجنسية “الإسرائيلية”، وفقاً لقانون صلاحيات الطوارئ من العام 1979 وهو جزء من “التشريع الإسرائيلي”، ويتم تطبيق هذا القانون في حال كانت الدولة في حالة الطوارئ، و”إسرائيل” أعلنت حالة الطوارئ منذ العام 1948.

وذكرت منظمة حقوقية إسرائيلية في الربع الأول من شهر كانون أول الماضي، أن الاحتلال تمادى في الاعتقالات الإدارية في العام 2015، حيث قامت منذ كانون ثاني/ يناير وحتى آب/ أغسطس بتحويل ما يقارب الـ390 معتقلاً فلسطينياً للإداري.

وأضافت أنه ولأوّل مرة تستصدر سلطات الاحتلال أوامر اعتقال إدارية بحق قاصرين مقدسيين والذين بلغ عددهم 5 أعمارهم ما دون سن الـ18 عاماً، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين.

الاعتقالات وانتهاك القوانين الدولية

وفيما يتعلّق بحقوق القاصرين الفلسطينيين وفقاً لقانون حقوق الإنساني الدولي وحتى قوانين الاحتلال، فإنه يُمنع اعتقال أو احتجاز طفل تحت سن الـ12 عاماً، وبذلك تكون قوات الاحتلال قد انتهكت حقوق هؤلاء الأطفال خلال عام 2015 أكثر من 95 مرّة، بعد اعتقال أطفال ما بين سن 7 – 12 عاماً.

ورغم أن القانون يمنع اعتقال القاصر أو البالغ، إلا في حال الاشتباه به في ارتكاب مخالفة ما، أو أنه على وشك ارتكاب مخالفة يمكن أن تشكّل خطراً على سلامة شخص ما، أو على سلامة الجمهور؛ من أجل الحصول على معلومات من شخص كان شاهدًا على ارتكاب مخالفة؛ أو من أجل إجراء تفتيش وإبراز مستندات، وفي هذه الحالة واجب الجنديّ أو الشرطيّ التعريف بنفسه وإخبار الشخص بأنه موقوف لسبب ما، ويُمنع توقيف أيّ شخص من أجل الرّدع أو التخويف أو العقاب.

لكنّ الاحتلال لا ينفكّ عن الاعتداء بالضرب المبرح على القاصرين والبالغين وحتى الأطفال ما دون الـ12 عاماً، وتبقى هذه القوانين مجرّد “حبرٍ على ورق”، فلا يوجد جندي أو شرطي يقوم بإبراز هويته أمام الموقوف، بل يتم تكبيله وتعصيب عينيه، ورميه في الجيب العسكري وهنا وبشهادات العديد من الأطفال والقاصرين يتم الاعتداء عليهم بالضرب المبرح ناهيك عن إيذائهم نفسيّاً من خلال توجيه الشتائم لهم أو تهديدهم بالقتل.

وفي القانون على الجنديّ أو الشرطيّ الذي يقوم بتوقيفك أن يهتمّ بأن تمكث في ظروف جيدّة، ويجب توفير الماء والغذاء لك إذا اقتضت الحاجة، ويُمنع بشكل كامل تكبيلك بالأصفاد أو تغطية عينيك، وواضح من خلال الصور والفيديوهات التي تُنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عمليات التوقيف التي تتم للبالغين والقاصرين و”الهمجية” في التعامل مع الموقوف.

أمّا فيما يخص الاعتقال، فلا يُسمح باعتقال شخص ما إلا إذا كان مشتبهًا بارتكاب مخالفة أو بالتخطيط لارتكاب مخالفة، ويُمنع بالتالي استخدام الاعتقال من أجل معاقبة الشخص، وعلى المُعتقل معرفة سبب اعتقاله، ويُمنع تكبيل الأيدي بالأصفاد، إلاّ إذا رأى المسؤول عن الاعتقال أنّ هذا الأمر ضروريّ من أجل الدفاع عن القوّة الاحتلالية التي معه أو لمنع هرب المعتقل، لكن إن تم ذلك بالفعل، فإن التكبيل يتم بواسطة ثلاث ربطات بلاستيكيّة، وأن تكون يدا المعتقل من الأمام، ويجب نقله بأسرع وقت إلى محطة الشرطة أو إلى منشأة اعتقال.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن الاحتلال يحتجز المعتقل لساعات وهو مكبّل اليدين ومعصوب العينين داخل الجيب العسكري، ثم بعد ذلك يتم نقله إلى أحد مراكز الاحتلال في القدس المحتلة، وهذه شهادات محامي الأسرى الذين يزورونهم، ويلاحظون آثار الدماء والكدمات على الوجه والجسد.

وأوضحت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في تقرير لها منتصف كانون أول/ ديسمبر الماضي أن عدد الأطفال الذين يقبعون في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية شهر تشرين ثاني 430 طفلاً، بزيادة قدرها 79.5% مقارنة بشهر أيلول/ سبتمر الماضي، وفقاً لبيانات مصلحة السجون الإسرائيلية، مشيرة إلى أن هذا العدد هو الأعلى منذ نيسان 2010.

وقالت الحركة العالمية إن 60% من الأطفال المعتقلين يتواجدون في سجون داخل الأراضي المحتلة (دولة الاحتلال)، وذلك خلافاً للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السجناء من الأراضي المحتلة إلى أراضي المحتل.

وبسبب هذا الارتفاع في أعداد الأطفال المعتقلين افتتحت مصلحة السجون الإسرائيلية في تشرين أول الماضي سجن “جيفعون” في مدينة الرملة المحتلة للأطفال المعتقلين من الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ونقلت إليه 57 طفلاً فلسطينياً 40 منهم مقدسيون و17 آخرون من الضفة الغربية، وهو يفتقر لأدنى مقوّمات الحياة.

لكن بسبب التدخلات من قبل عدد من المنظمات الحقوقية الفلسطينية والإسرائيلية تم الضغط على مصلحة السجون لنقل هؤلاء الأطفال من سجن “جيفعون” إلى معتقلات أخرى مثل “عوفر” و”مجدّو”، نتيجة انتهاك حقوق الطفل في عدم تلبية احتياجاته، وغذائه الصحي، إضافة إلى عدم تلقّيه أي تعليم كما السجون الآخرى، ناهيك عن معاملة السجّانين العنيفة للأطفال، بحسب ذويهم الذين كانوا يزورونهم مرة كل نحو أسبوعيْن.

تعقب النشطاء

يعود هذا الارتفاع في اعتقال الشبان القاصرين، بعدما صادقت حكومة الاحتلال في العام الماضي على تشديد عقوبة “راشقي الحجارة” على أن يكون الحد الأدنى من العقوبة هو السجن الفعلي لمدة سنتين إلى أربع سنوات لنيّة الشاب الفلسطيني إلحاق الضرر من خلال رشق الحجارة، إضافة إلى عقوبات ضد عائلات الأطفال الذين يصدر بحقهم أحكام على خلفية رشق الحجارة ووقف صرف مخصصات التأمين الوطني لهذه العائلات ومخصصات الأطفال طوال المدة التي يقضيها الشاب في السجن، بالإضافة لفرض غرامات مالية على ذويهم.

ولذلك، قرّرت سلطات الاحتلال أن “تمسك زمام الأمور وأن تنشر الأمن والأمان في “دولة الاحتلال”، وأن تُلاحق “راشقي الحجارة” والزجاجات الحارقة، فنشرت المئات من قوّات الشرطة وحرس الحدود في أنحاء مدينة القدس المحتلة وفي محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى، كما عملت على نشر كاميرات مراقبة وصيانة القديم منها.

ولم تقف تلك الاعتقالات على خلفية مقاومة الاحتلال بالحجارة والمولوتوف فحسب، بل نشر الاحتلال الإسرائيلي فرقة “السايبر” المكونة من 5 آلاف حساب شخصي وهمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بأسماء عربية وهمية، لتعقّب النشطاء الفلسطينيين وكل من يعلن تأييده أو مباركته لعمليات المقاومة بتهمة “ممارسة التحريض”، حيث تم اعتقال نحو 80 فلسطينياً بتهمة “التحريض” منذ اندلاع انتفاضة القدس.

وهنا يجب الوقوف عند عدد الاعتقالات التي حصلت في العام 2014 فيما يخص “التحريض” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قررت محاكم الاحتلال إدانة تسعة مواطنين مقدسيين بتهمة “التحريض عبر الفيس بوك”، وقامت بالحكم عليهم بالسجن الفعلي لفترات تراوحت ما بين 6 شهور و17 شهراً، منهم من أُفرج عنه بعد انتهاء مدة حكمه، ومنهم ما زال قيد الاعتقال.

 

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات