الأحد 11/مايو/2025

المحاجر الصهيونية.. خطر الاستيطان الأبيض على مستقبل الضفة

المحاجر الصهيونية.. خطر الاستيطان الأبيض على مستقبل الضفة

بعيدًا عن وسائل الإعلام وقرارات حكومة “نتنياهو” بمصادرة أراضي الضفة الغربية بين فترة وأخرى؛ تواصل مقالع ومحاجر المستوطنين الصهاينة في الضفة سرقة المزيد من الأراضي الخصبة واستنزاف ونهب الموارد والثروة الطبيعية التي وهبها الله للفلسطينيين.

وتدر المحاجر والكسارات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة  للاقتصاد  الصهيوني أرباحًا كبيرة تصل لملايين الدولارات، بحسب بيانات “منظمة “يش دين” الحقوقية العاملة في الأراضي المحتلة عام 48؛ عدا عن أن آثارها ومخلفاتها البيئية الضارة؛ من ضوضاء وهواء فاسد وغيرها؛ تلحق فقط بالفلسطينيين دون المستوطنين؛ كونها تقع بين قرى وبلدات الضفة الغربية.

ويشير الباحث في شؤون الاستيطان، خالد معالي، في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، إلى عدم توفر إحصائيات فلسطينية دقيقة حول عدد المحاجر التي تتبع للصهاينة في الضفة ولا كمية إنتاجها؛ كون الاحتلال لا يفصح عن ذلك خشية المجتمع الدولي الذي يعتبر ذلك أمرا لا يجوز بحسب القانون الدولي الذي يمنع الاستيلاء أو مصادرة الثروة الطبيعية للأرض المحتلة، مشيرًا إلى أن الاحتلال أخذ مبكرًا بإنشاء المحاجر منذ مطلع السبعينات، وأن ملايين الأطنان من الحجارة والأتربة سرقت منذ ذلك الوقت.

استيلاء على الإنتاج

وينقل معالي عن إحصائيات في الكيان الصهيوني من أن المحجر المقام ضمن نطاق مستوطنة “بيت حجاي” والتي أُقِيمَت عام 1984؛ يعتبر الأكبر في الضفة، وثالث أكبر المحاجر في “إسرائيل”؛ حيث ينتج ملايين الأطنان  من الحصى والحجارة سنويًّا، وهو ما يمثل قرابة ربع الناتج المحلي الكلي من المقالع  للاحتلال؛ في حين يأتي ثلث ناتج الاحتلال من المقالع، من الضفة.

وعن أثر المحاجر على المصادر الطبيعية الفلسطينية يشير غسان دغلس مسئول ملف الاستيطان في شمال الضفة إلى أن الاستيطان يستهدف البشر والحجر والشجر، وأن الحجارة يتم قلعها وإعادة استخدامها في بناء الوحدات الاستيطانية؛ وهو ما يستنزف مقدرات الشعب الفلسطيني على المدى القريب والبعيد.

وبرغم أن منظمة “ييش دين” التي تعمل في الداخل المحتل توثق وجود عشرة محاجر تابعة للمستوطنين في مختلف مناطق الضفة الغربية؛ إلا أن الباحث معالي يؤكد وجود عشرات المحاجر والمقالع الأخرى خاصة المتنقلة التي تستمر لفترات قصيرة لبناء المستوطنات كما هو حاصل في مستوطنة “ليشم” غرب سلفيت؛ والتي تحوي آليات متنقلة؛ مشيرًا إلى أن خطر المحاجر الثابتة والدائمة أكبر من المحاجر الأخرى كونها تتوسع وتنهب أراض جديدة وبشكل بطيء.

وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية قد ذكرت أن المحاجر وسعت مساحاتها بشكل أكبر من التصاريح التي حصلت عليها من سلطات الاحتلال وما يسمى بـ”الإدارة المدنية” التي نقلت عنها أنها بصدد تسوية الأمر، وعلى ما يبدو أنها ستمنح المحاجر تصاريح تمكنها من الاستيلاء على الأراضي.

 وتوثق “هأرتس” رفض المحكمة العليا التماسًا قدمته منظمة “ييش دين” الحقوقية الصهيونية، وزعمت المحكمة أن هذه المحاجر لا تخالف القانون الدولي لأنها تخدم احتياجات الفلسطينيين أيضًا.

نهبٌ بإشراف رسمي
ونقلت الصحيفة قول الناشط “درور أتكيس”، الذي يتابع الأنشطة الاستيطانية وقدم الالتماس ضد المحاجر، أنه بين العامين 2009 و2014 استولت المحاجر على 500 دونم تقريبًا، وذلك بموجب صور التقطت من الجو، وفي بعض الحالات استولت المحاجر على أراض بملكية فلسطينية خاصة.

وأكد أتكيس أن “هذا الأمر لا ينبغي أن يفاجئ أحدًا، فالحديث يدور عن حلقة أخرى في حملة النهب في الضفة الغربية التي تشرف عليها “إسرائيل”، وقسم منها يجري بصورة رسمية وبختم المحكمة العليا”.

ويلفت الباحث معالي إلى أن جرافات وآليات متنقلة تتبع المنطقة الصناعية “بركان” غرب سلفيت قامت بتجريف أراض تتبع لقرى حارس بروقين وسرطة، ومن ثم أحضر المستوطنون كسارات متنقلة واقتلعوا آلاف الأطنان من الحجارة، وبعد الانتهاء أقاموا مصانع فوق المحاجر بعد أن قاموا بتهيئتها لتشييد المصانع.

وعن الكسارات المتنقلة لفت معالي إلى أن مستوطنة “ليشم” الجديدة كان قد أعلن عنها وزير الإسكان في الكيان الصهيوني عام 2013، وأن المستوطنة يوجد فيها كسارات متنقلة عملت على سرقة أجود أنواع التربة خلال التجريف والكشف عن النوعية الجيدة من الحجارة؛ ومن ثم نهب الصخور مختلفة الأنواع، وتشاهد حتى هذه اللحظة تلالاً كبيرة من التربة والحصى الصغيرة المستخدمة في أرصفة الشوارع “كركار” عدا عن قيام شاحنات ضخمة ببيع ما زاد عن حاجة المستوطنة لمستوطنات أخرى وفي الـ 48.

وبين معالي أن المستوطنين أصحاب مقالع الحجارة يتذرعون بأن المقالع تقع في أراضي “سي” في الضفة وهي ما زالت تحت التفاوض ولم يتم البت في وضعها النهائي، ومن حقهم استغلال مواردها إلى حين الانتهاء من التفاوض والتسوية النهائية بشأنها.

عائدات للمستوطنين
وعن الدخل الذي توفره المحاجر؛ قال “شاي فوجلمان”، الصّحفيّ في “هآرتس”، إن الكسّارة التّابعة لمستوطنة “بيت حجاي”، تلقّت عام 1991، امتيازًا من الاحتلال، وحَمَلَ هذا الامتياز رخصَةً للمستوطنة يمهّد الطّريق ويشرّع بتشغيل محاجر- كسّارات داخل أراضي الضّفّة الغربيّة؛ وهو ما شكّل عائدات من المحجر يعادل 80% من دَخلَ مستوطنة “بيت حجاي”.

وقد قدمت منظمة “ييش دين” لحقوق الإنسان التماسًا قضائيًّا لمحكمة العدل العليا في “إسرائيل”، طالبت فيه بإيقاف عمل المحجر غير الشّرعيّ ومنع تجديد الامتياز الذي يمنح ترخيص العمل فيه، إضافةً لطلبها إيقاف عمل ثمانية محاجر أُخرى داخل حدود الضّفّة الغربيّة. وبين الملتمسون للمحكمة أنّه لا يحقّ “لشركات إسرائيليّة الحفر والتّنقيب في محاجر متواجدة على الأراضي المحتلّة، كما ولا يحقّ لها التّمتّع بهذه الصّلاحيّة، وذلك وفقًا لمواثيق ومعاهدات دوليّة، مُلْزِمَة لدولة إسرائيل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات