الأحد 11/مايو/2025

قمع مسيرة بيت إيل .. قوة سلطوية تحاول إخماد الانتفاضة

قمع مسيرة بيت إيل .. قوة سلطوية تحاول إخماد الانتفاضة

بقدر الغضب الذي أشعله إقدام الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، على قمع مسيرة القوى الوطنية والإسلامية المتجهة إلى نقطة التماس مع الاحتلال على حاجز “بيت إيل” شمال البيرة، وسط الضفة المحتلة، الجمعة (25-12)، فإنه أثار مخاوف بأن يكون بمثابة رسائل مغازلة للاحتلال، وبداية تحرك سلطوي لمنع المواجهات وتقليص نقاطها الساخنة، خضوعًا لمساعي الاحتلال وعرابه الأمريكي لإجهاض الانتفاضة. 

رسائل مغازلة
ويرى المحلل السياسي بلال الشوبكي، أن ما جرى “غير مفاجئ” وينسجم مع توجهات السلطة من الانتفاضة، “فهي مستمرة في إيصال رسائلها للمجتمع الدولي بأنها مستمرة في التزاماتها الأمنية”.

وقال الشوبكي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إن السلطة “قائمة على مشروع له استحقاقات أمنية، وهذا غير مرتبط بالانتفاضة، فقبلها و خلالها أو حتى بعدها فالسلطة مستمرة بالقيام بهذه المهمات”.

وأشار إلى أن رؤية السلطة للانتفاضة، بأنها “مجرد تدهور أمني ناتج عن ممارسات الاحتلال”، مدللاً على ذلك بإطلاق صفة الهبة من قبل مسؤولي وإعلام السلطة على ما يجري.

وشدد على أنه “ليس من مصلحة السلطة أن يكون هذا القمع بدافع من “إسرائيل”، لافتًا إلى أنه يتلمس مزاجًا فتحاويًا عامًا متذمرًا من مثل هذا السلوك؛ ما يفرض أن يترجم على شكل ضغوط توقف هذه الممارسات الخاطئة، وتوفر أرضية لانخراط الجميع في الانتفاضة.

كان المئات من العناصر الأمنية التابعة لحرس رئيس السلطة محمود عباس، بعضهم بملابس رسمية، وآخرون بملابس مدنية، اعتدوا بالهراوات والأيدي على المشاركين في المسيرة التي انطلقت الجمعة باتجاه المدخل الشمالي للبيرة، حيث يوجد حاجز “بيت إيل” الذي تحول إلى نقطة مواجهات ساخنة منذ بدء الانتفاضة، كما اعتقل بعض المشاركين، رغم أن غالبيتهم من المنتمين لفصائل منظمة التحرير.

موقف متردد
ويفسّر الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر، موقف السلطة القامع حينًا للأحداث، والصامت أو المشجع لها حينًا آخر، بأنه انعكاس لتردد موقفها من الانتفاضة “فلا هي داعمة لها كليّاً، خشية ردود الفعل الصهيونية، ولا تقف ضدّها خوفاً من غضب الفلسطينيّين”.

وقال أبو عامر لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” “لكنّ هذا الموقف لا يكفي صنّاع القرار الإسرائيليّ على ما يبدو، ما قد يجعلهم يقومون بسياسة تدريجيّة نحو حافّة الهاوية، للضغط على السلطة الفلسطينيّة، وإشعارها بأنّها قد تكون آيلة إلى الانهيار، إنْ لم تتّخذ موقفاً رافضاً للانتفاضة، ولا يبدو أنّ السلطة في صدد أن تعلن موقفاً على هذا النحو قريباً”.

ودأب مسؤولون صهاينة على القول بأن تصاعد الانتفاضة من شأنه أن يضعف الانتفاضة ويسرع بانهيارها.

ويشير أبو عامر إلى أنّ “خيار انهيار السلطة الفلسطينية بات سيناريو قابلاً للتحقق، في ظل المواقف اليمينية الإسرائيلية، ما يعني أن “إسرائيل” قد تواجه صعوبات جدية في إدارة شؤون الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويعيدها إلى مرحلة ما قبل قيام السلطة الفلسطينية عام 1994، بما يعني ذلك من تحملها أعباء إدارية واقتصادية وأمنية”.

وبحث المجلس الوزاري الصهيوني المصغر “الكابينت” سيناريوهات محتملة لسقوط السلطة، مع التأكيد على التمسك بها حتى الآن، لدورها الأمني الوظيفي، ونجاعة التنسيق الأمني منها؛ في إجهاض عشرات العمليات الفدائية.

ورأى أبو عامر أنه لا يوجد توافق صهيوني داخليّ على فرضيّة انهيار السلطة الفلسطينيّة، لافتاً إلى أن هناك وزراء يمينيّين، يشجّعون، مقابل معارضة الأجهزة الأمنيّة والجيش الصهيوني، التي تعتبر أنّ أيّ خيار آخر غير السلطة الفلسطينيّة يعني مزيداً من الفوضى الأمنيّة”.

وأضاف أن المؤسسة الأمنية الصهيونية لا تحبّذ الوصول لهذه المرحلة الآن “نظراً لتوفر قناعات لديها بأن انهيار السلطة الفلسطينية، خطوة بعد خطوة، يعني إمكانية الذهاب إلى حالة من الفوضى في الضفة الغربية”.

وتابع “قد يجعل ذلك كله إسرائيل تفكّر مرّات عدّة، قبل الإقدام على إسقاط السلطة الفلسطينيّة، لاسيما في ضوء استمرار الانتفاضة، وإمكانية توسعها إلى حالة من المواجهات والاضطرابات المستمرة، في حين لا يعرف كيف سيكون رد فعل الفلسطينيين على مثل هذا التطور، المتمثل بحصول الانهيار التدريجي للسلطة الفلسطينية”.

لا تستطيع وقفها
أمَا المحلل السياسي أحمد عوض، فبدا أكثر اطمئنانًا، مبديًا قناعته أنّ السلطة لا تستطيع وقف الانتفاضة لأسباب كثيرة، أهمها: أنها لا تجري في المدن الفلسطينية التي تسيطر عليها السلطة فقط، إنما تجري في مناطق خاضعة للاحتلال، كما هو الحال في القدس وبعض أجزاء الخليل.

وأضاف عوض في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، “كذلك السلطة لا تستطيع أن تدعي ذلك أي وقف الانتفاضة، ولا يمكن أن تأخذ مواقف علنية من أجل وقف الانتفاضة، ولكنها تريد انتفاضة لا تؤثر على مواقفها ومكانتها لأن هناك أزمة سياسية مع “إسرائيل” وهي تحرك المياه الراكدة معها”.

وأشار إلى أنّ السلطة لها حساباتها السياسية والأمنية والاستراتيجية، معتبراً أنّ ما حدث هو تصرف جديد تقوم به السلطة من خلال منع المسيرة.

وسبق أن منعت أجهزة أمن السلطة عدة مرات اندلاع المواجهات على حاجز “بيت إيل” لكن بطريقة أخف هدوءًا مما جرى هذه المرة، وكانت تبرر ذلك بتوقع مرور وفود إلى مقر المقاطعة الفلسطينية من المكان.

ورأى المحلل عوض، أن الانتفاضة ممكن أن تحرج الجميع إذا نجحت في إنتاج قيادتها الميدانية والسياسية، وإذا ذهبت بعيداً بأفعالها إلى درجة لا يمكن أن يهضمها الاحتلال لن تؤثر على السلطة وحدها بل الآخرين أيضاً”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات