الأحد 12/مايو/2024

ماذا لو لم توجد حماس؟

أحمد الحاج *

لكي تشعر بعظمة الشيء، وضرورة وأهمية حضوره، من الواجب أن تتخيل أو تفترض غيابه. تنطبق هذه المعادلة على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.

ولإدراك أثر هذه الحركة، وتأثيرها على الواقع الفلسطيني العام، ليُفترض أن يوم 14/12/1987، كان يوماً عادياً في الضفة الغربية، وقبلها بأيام لم يجتمع بضعة رجال في غزة، ليعلنوا انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية، التي ستصير بعدها “حماس”.

هل يمكن للمقاومة أن تبلغ مبلغاً في فلسطين لو لم توجد حركة حماس؟ الجواب قطعاً لا. لأن مقاومة حماس كانت نتاج تجربة عمرها عشرات السنين، وخبرة وتدريب في السرّ عمره أكثر من عقد، إضافة إلى تربية تحفظ السرّ، وتدفع إلى التضحية.

لهذا كان السكين الأول، والصاروخ الأول، والاستشهادي الأول، والطائرة الأولى، كلها من نتاج حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وجناحها العسكري.

“حماس” أعادت البعد الديني والروحي للقضية الفلسطينية، فربّت من خلاله أعضاءها وكوادرها، ومن خلاله مدّت أغصانها بعيداً في أقصى بلاد الأمة الإسلامية، فروت وارتوت. ليس من الممكن مواجهة مشروع استيطاني وظيفي خلفه غرب يرعى، ويحفظ مصالحه، بشعار “يا وحدنا”، الذي كاد يتقلّـــــــــــص إلى “يا وحدي”.

من مبادئ أي صراع هو استجماع أوراق القوة، وعلى رأسها الأصدقاء، وتشتيت ما أمكن من الأعداء. وهذا ما فعلته “حماس” حين أضافت مليار مسلم إلى الصراع، على ما يعنيه ذلك من قوة بشرية وجغرافية ومضائق مائية، وتضييق اقتصادي على العدو، وإغلاق أبواب وأسواق بوجهه.

كان مبدأ التسوية قد انطلق في الجانب الفلسطيني، منذ عام 1969، بإعلان حركة “فتح” رسمياً تبنيها “لدولة ديمقراطية يعيش فيها العرب واليهود”. ثم في عام 1974 كان تبنياً للنقاط العشر، ومرحلية الصراع. واستمر التدحرج إلى أن وصل إلى “أوسلو”.

كانت “حماس” الأقوى تعبيراً، والأكثر وضوحاً في عدائها لـ”أوسلو” ومسيرة التسوية. نعم واجهتها، لأن فكرها يقوم على منع تصفية القضية الفلسطينية. ونجحت “حماس” في ذلك. ولولاها لكان الطريق ممهداً للإعلان عن دولة مجزأة، واحتلال يسرح في المستوطنات وباقي فلسطين المحتلة.

يحق للشعب الفلسطيني الفخر بأن “حماس” أوقفت سياسة التهجير والترحيل في عامي 1992-1993 من خلال صمود قيادتها في “مرج الزهور”، وإجبار العدو على القبول بعودتهم إلى فلسطين.

“حماس”، لو لم تكن، لكانت القضية الفلسطينية انزوت في كتب التاريخ، بانتظار من يخرجها. ولكانت المنطقة تعيش هزيمة نفسية يصعب ترميمها.

*كاتب فلسطيني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات