الجمعة 10/مايو/2024

أمن السلطة والانتفاضة.. تناقض السلوك يعكس حقيقة رؤيته

أمن السلطة والانتفاضة.. تناقض السلوك يعكس حقيقة رؤيته

لم يكن موقف عائلة الشهيد طارق النتشة في مدينة الخليل حين رفضت الجنازة العسكرية لابنها عقب تسليم جثمانه وقالت: “لا نريد جنازة عسكرية فيما طارق كان قبل تنفيذه عملية الطعن بأيام معتقلا لدى أجهزة السلطة الأمنية يتلقى التعذيب والتنكيل”، سوى جزءا من حالة غضب عارمة ضد النهج الأمني للسلطة خلال الانتفاضة الحالية.

ولم يسجل هذا الموقف عائلة النتشة استثناء بل هو رد فعل طبيعي من كثير من المواطنين ردا على حالة التخبط في الرؤى والمسار في التعاطي مع أحداث الانتفاضة الراهنة من قبل المؤسسة الأمنية في الضفة، الأمر الذي دفع المواطنين إلى وضع سلوكها ضمن حالة “التناقض” ما بين الممارسات على الأرض من اعتقال سياسي مستمر وملاحقة للمقاومين، وما بين محاولتها تنظيم الجنازات العسكرية للشهداء.

وهذا ما دفع المواطن محمد الجعبري إلى القول في تصريحات لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن أجهزة السلطة “انتقل دورها من الدور المنطقي الطبيعي المتمثل في حماية المواطن من هجمات المستوطنين وقوات الاحتلال إلى مجرد إطلاق 21 طلقة في جنازات ضحايا المستوطنين وقوات الاحتلال، هذا عدا عن التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الصهيوني”.

وفي نظر المواطن حالات وروايات كثيرة تدور بين التورط والتخبط، وتحتاج إلى تفسير للدور الذي تقوم به هذه المؤسسة في الأسابيع الأخيرة.

إخلاء يعقبه اغتيال

ولم تفلح تصريحات رامي الحمد الله المتأخرة دائما عن سياق الأحداث، حول تشكيل قوة أمنية لحماية المستشفيات في إقناع المواطن بأسباب إخلاء عناصر الأمن لمواقعهم في المستشفى الأهلي في الخليل وفي المناطق المحيطة، والتي أعقبها بفترة قصيرة اقتحام المستشفى من قوات الاحتلال الخاصة، وقتل الشهيد الشلالدة، واختطاف ابن عمه.

وقبلها بأسابيع قليلة وبذات الطريقة، اقتحمت ذات القوات المستشفى العربي التخصصي في نابلس، واعتقلت المقاوم كرم المصري أحد منفذي عملية ايتمار التي قتل فيها مستوطنان، وهو يتلقى العلاج والذي كان قد خضع لاستجواب أمن السلطة ليلة اعتقاله.

كما لم يعد قادة الأجهزة الأمنية وعناصرها قادرون على تفسير أي شيء من ذلك للمواطن سوى أن “هذا هو الواقع”، وهو ما لم يعد مقنعا حتى لكوادر فتح ممن يريدون تفسيرا لما يحدث.

وشكلت أحداث مدينة نابلس والتي هدمت خلالها قوات الاحتلال منازل ثلاثة مقاومين من منفذي عملية ايتمار صدمة لأهالي مدينة نابلس، ففي الوقت الذي كانت جرافات الاحتلال تهدم منازل المقاومين الثلاثة؛ كانت عناصر أمن السلطة تشتبك مع الشبان الذين كانوا يخوضون مواجهات قرب قبر يوسف.

تساؤلات كثير عمت الشارع النابلسي في تلك اللحظات؛ من الأولى بالحراسة والحماية منازل المواطنين أما ما يسمى قبر يوسف؛ وهو ما عبر عنه الناشط الفتحاوي محمد دويكات بالعار والموقف الذي لا يحتمل السكوت عليه.

يهدم منزله وهو بأقبية السلطة

وبحسب المواطن محمد حامد من بلدة سلواد قضاء رام الله في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، قال: “الواقع أكبر من أن يحتمل إجابة أو تقديم توضيحات، مشيرا إلى أن أهالي سلواد لم يفهموا بعد كيف تهدم قوات الاحتلال منزل المقاوم معاذ حامد قبل أيام فيما هو معتقل عند أجهزة السلطة منذ سنوات، ولم يعتقل لدى الاحتلال: أي أن منزله هدم استنادا لإفادته عند المؤسسة الأمنية الفلسطينية من جهة، وكذلك ما معنى استمرار اعتقاله بعد هدم منزله”.

مشاهد الترتيبات والتنسيق الأمني تمتد على ربوع كافة المحافظات، فعقب محاولات طعن الجنود التي تكررت على معبر الجلمة شمال جنين شرعت عناصر أمن السلطة ومنذ أسبوعين بإقامة حاجز عسكري فلسطيني على مقربة من معبر الجلمة، إضافة إلى نشر عناصر أمن للسلطة بلباس مدني لتنظيم دخول العمال والمواطنين عبر المعبر بتنسيق مع جنود الاحتلال.

“مرحبا زميل” تثير التساؤلات

ولم يكن المشهد مختلفا حين استشاط مصور فضائية فلسطين اليوم مجاهد السعدي وهو يصور تسليم جثماني الشهيدين أحمد كميل ومحمود نزال من بلدة قباطية على حاجز دوتان جنوب جنين حين أحضر جنود الاحتلال الجثمانين وسلمهما للأمن الوطني الفلسطيني، فما كان من مسئول الأمن الفلسطيني إلا أن سلم بالكف على الضابط في جيش الاحتلال وقال له: “مرحبا زميل” حيث لم يجد المتواجدون في المكان معنى لهذه الكلمة في لحظة تسلم جثمانين أعدما بدم بارد وماطلت سلطات الاحتلال في تسليمهما.

وما يرصده المواطنون يؤكده استمرار الاعتقالات السياسية حتى في ذروة الأحداث والتي تدور في غالبيتها حول البحث والتحقيق مع نشطاء عن تشكيل خلايا جديدة تخطط لاستهداف قوات الاحتلال ومستوطنيه، وهو ما يبرز تساؤلات متى سيتم الانعتاق من التنسيق الأمني؟. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات