دلالات عملية بئر السبع.. انتماء يحطم مشروع الأسرلة

لم يتوان فلسطينو 48 عن المشاركة في كافة مراحل المقاومة ضد الاحتلال، ولكن مشاركتهم أخذت أشكالا مختلفة لخصوصيتهم بفعل وجودهم داخل أراضي 48، فضلا عن أشكال الاستهداف المختلفة التي تعرضوا لها عن باقي قطاعات الشعب الفلسطيني ضمن مشروع “الأسرلة”.
ومنذ عام 1966 حين اضطرت الحكومة الصهيونية إلى إنهاء الحكم العسكري الذي كان مفروضا على فلسطينيي 48 حاولت استخدام القوة الناعمة في تدجينهم ودفعهم نحو الانصهار في دولة الاحتلال، والقضاء على المركبات الإسلامية والعربية والفلسطينية التي تشكل هويتهم الوطنية ولكنها فشلت فشلا ذريعا.
ولم تكن عملية بير السبع الأخيرة والتي تبين أن منفذها هو مهند العقبي من بلدة حورة في النقب حدثا عاديا، فعلى الرغم من أن مشاركة فلسطينيي 48 في المقاومة المسلحة لم تنقطع منذ قيام دولة الاحتلال إلا أنها لم تشكل الحالة العامة لمقاومة الاحتلال في الداخل وفق رؤية وطنية شاركت فيها التيارات الوطنية والإسلامية على حد سواء.
وتحمل عملية مهند العقبي دلالات مختلفة تضرب المشروع الصهيوني في الصميم، وتختلف دلالاتها لو كان منفذ العملية من الضفة الغربية أو القدس أو حتى من مناطق معينة في فلسطين 48 مثل منطقة المثلث أو الناصرة أو كفر قاسم على سبيل المثال.
وتتمثل الدلالات الرمزية في أن العقبي هو الاستشهادي الأول من بدو النقب من فلسطيني 48 وهم الفئة التي بذلت كل الدوائر الصهيونية جهودا مضنية لسلخها حتى عن باقي فلسطينيي 48، وتم تجنيد بعضا منهم في جيش الاحتلال ممن عرفوا ب”الجنود البدو” في جيش الاحتلال.
وتشكل مشاركة فلسطينيي48 في المقاومة المسلحة أكثر أشكال المقاومة رعبا للصهاينة كونهم يعيشون بمناطق متلاصقة مع اليهود ويحملون الجنسية “الإسرائيلية”، وهو ما جعل رئيس جهاز “الشاباك” يوفال ديسكين يعتبر مشاركة فلسطينيي 48 بالعمليات المسلحة بأنه “أكبر تهديد استراتيجي لدولة إسرائيل”.
ولكن السنوات الأخيرة شهدت انتشارا للروح الوطنية والدينية لدى بدو النقب وكان من مؤشراته تنامي نفوذ الحركة الإسلامية في الداخل في المناطق البدوية وهو ما عكس ارتفاعا ملحوظا في رفض التجنيد في جيش الاحتلال وتناميا في الوعي الديني والوطني لدى الجيل الجديد من الشباب البدو.
وتقول تقارير مخابرات الشاباك “إن هناك علاقة طردية بين القرب من الحركة الإسلامية وبين استعداد فلسطينيي 48 للمشاركة في عمليات المقاومة”.
وعلى الرغم من أن العقبي ليس الاستشهادي الأول من فلسطينيي 48، ولكنه الاستشهادي الأول من بدو النقب فإن مستوى الصدمة التي ستلم بدوائر استخبارات الاحتلال لن تكون سهلة، فقد شارك فلسطينو المناطق البدوية بأراضي 48 في دعم المقاومة في الضفة والقطاع واعتقل عدد منهم، ولكنها كانت مشاركة لوجستية تتمثل في دعم خلايا ومساعدتها في التنقل، أو تهريب مواد قتالية دون الانخراط المباشر في العمل المسلح وأعلى مراتبه العمل الاستشهادي.
وتعيد عملية العقبي إلى الأذهان أول عملية استشهادية تفجيرية لفلسطيني من 48 وهي عملية الاستشهادي شاكر حبيشي، وهو من وجهاء قرية أبو سنان في أراضي 48 حين فجّر نفسه على رصيف محطة القطارات في مدينة نتانيا، و قتل 3 “إسرائيليين “وأصاب 46 آخرين في عام 2002.
وقد أحدثت تلك العملية جدلا كبيرا حول مدى ملاءمة مشاركة فلسطينيي 48 لخصوصيتهم في هذا النوع من العمليات، علما أن عملية حبيشي حينها كانت الوحيدة لفلسطيني من 48 ضمن مئات العمليات الاستشهادية التي نفذت خلال انتفاضة الأقصى.
وبحسب تاريخ تلك العملية، فإن عملية حبيشي والتي تبنتها كتائب القسام في حينها فرضت نفسها فرضا على الكتائب حيث كان حبيشي يقدم دعما لوجستيا خفيا للكتائب، ولكنه أصر على الاستشهاد وتوجه لقيادته في كتائب القسام في مخيم جنين حينها الشهيدين نصر جرار وقيس عدوان وأصر على الاستشهاد دون أن يترك مجالا لقيادته بالاختيار؛ وكان الخيار بين أن يقوم بعمل فردي أو يقوم بعمل منظم فتم تجاوز كل الاعتبارات، ونفذ عمليته الشهيرة، وكانت استثنائية ولم تتكرر بقرار رسمي تنظيمي.
لقد ترك فلسطينو 48 بصماتهم في العمل الجهادي الفلسطيني عبر تاريخه وبأشكال مختلفة غير العمل الاستشهادي المباشر مثل عملية معسكر جلعاد الشهيرة والتي نفذها مقاومون من مدينة أم الفحم وغيرها، ولكن المشاركة المباشرة في هذه الانتفاضة تؤكد أن هذه المعركة قد أصبحت بقرار شعبي فلسطيني مفتوحة حتى التحرير.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...