ملك الزيت بغزة.. صرح من الإنتاج والتنمية

في مراسم فخرية تبدأ مطلع تشرين أول (أكتوبر) من كل عام وتستمر لثمانية أسابيع يتوّج الحاج نصر عودة (60 عامًا) ملكًا لزيت الزيتون في قطاع غزة، فهو يمتلك أكبر معصرة لزيت الزيتون ويحظى باحترام وتقدير كافة المزارعين والزبائن!.

في باحة المعصرة التي لا ينقطع ضجيج آلاتها وضع طاولةً خشبية مرتفعة يراجع فوقها الطلبيات والفواتير التي يأتي بها الزبائن في نوبة متصلة تستمر 24 ساعة يوميًّا دون انقطاع.

يعود تاريخ معاصر عودة لقرابة 20 سنة، وقد بدأت بخط إنتاج من آلات شركة “باراليزي” الإيطالية وتطورت لتصبح هذا الموسم بتسعة خطوط إنتاج لديها القدرة على عصر 13 طن زيتون في الساعة، ما يجعلها المعصرة الأكبر في قطاع غزة.
 
وتوقع رامز عبيد، مدير دائرة “الزيتون” في وزارة الزراعة الفلسطينية هذه السنة إنتاج ما بين 16-18 ألف طن من زيت الزيتون، خلال موسم قطف الزيتون القادم في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة معًا.
 
وأشار في تصريح صحفي لوسائل الإعلام قبل أيام إلى أن حاجة السوق الفلسطينية السنوية من زيت الزيتون تبلغ نحو 15 ألف طن، موزعة بين 10 آلاف طن في الضفة الغربية، و5 آلاف طن في قطاع غزة.

للمسافرين على طريق صلاح الدين – الشارع الرئيس في قطاع غزة، قرب جسر وادي غزة، ينتشر رذاذ الزيت مسافة عشرات الأمتار جنوب وشمال معاصر عودة مذكرًا بموسم الزيت والزيتون الذي بدأ قبل أيام وسيستمر لأسابيع مقبلة.

عادة ما يبدأ الموسم بعد 27 أيلول (سبتمبر) أو ما يعرف محليًّا بـ”الصليب”، والذي يصاحبه عادة سقوط المطر للمرة الأولى ثم يواصل المزارعون قطف الزيتون وعصر الزيت من 30-50 مترددين على معصرة عودة.

يترك الحاج نصر مكتبه ويتجه للمصلى المقام في زاوية المعصرة هربًا من ضجيج الآلات، ويقول: “نسبة الحمل هذه السنة قليلة لا تتجاوز 30% والموسم ضعيف، لكن انخفاض حمل الثمار يعطي حمل زيت أكبر.. نسبة حمل نوع الزيتون السرّي المشهور بغزة قليل”.
 
بعد أسابيع من انتهاء حرب غزة سنة 2014 جاء موسم الزيت والزيتون مبشّرًا، ما شجع الحاج نصر على إضافة خطي إنتاج جديدين لتصبح في المعصرة 9 خطوط إنتاج تنتج 10-13 طن بالساعة.
 
ويضيف: “لدينا بغزة زيتون سرّي سعر زيته هذه السنة 120 دينار وزيت زيتون “k 18″ يبلغ 80-90 دينار والزيتون شملاني زيته بـ 100 دينار.. الوضع الاقتصادي ضعيف ويؤثر على الشراء”.

يملك الحاج نصر تفاصيل علمية عن زيت الزيتون وجودته، فيؤكد أن الموروث التاريخي بغزة يفضل زيت الزيتون “السرّي” الذي يتمتع بمواصفات “الأسيد والبروكسايد” لكن التحاليل المخبرية تعتبر زيت “k 18” أجود صحيًّا.
 
بناءً على تحليل المختبر العلمي التابع للمعصرة واعتمادًا على سلسلة دورات عملية حضرها الحاج نصر يعتبر زيت زيتون “k 18” نسبة حموضته “0.7-0.6” بينما نسبة حموضة الزيت السرّي 2 والمواصفات العالمية تشترط ألا تزيد نسبة الحموضة عن 3 درجات لذا يعتبر زيت “k 18” الأفضل صحيًّا والحاضر دائمًا على مائدته!.
 
ويتابع: “قديمًا، كانت ثقافة الزيت طعامًا مفيدًا تقتصر على الأسبان والطليان ودول البحر المتوسط لكن الآن بعد ثبات فائدته صحيًّا أصبحت ثقافة في الولايات المتحدة ومعظم دول العالم وازداد استهلاكه محليًّا”.

رغم أن والد الحاج نصر كان تاجرًا في زيت الزيتون إلا أن مهنته كانت مختلفة تمامًا عن تجارة أبيه، فقد عمل الحاج نصر في شبابه قاضيًا شرعيًّا 13 عامًا حتى فصله الاحتلال بشكل تعسفي. 
 
ويملك الحاج نصر في داخل المعصرة مصنعًا ينتج أوعية بلاستيكية “جولونات” تستخدم في تعبئة الزيت، بينما أسس قبل سنوات مصنعًا لتعبئة المواد الغذائية الزراعية مثل “المخللات والزيتون”.