شاكر عمارة.. كلمة الحق المقيدة عند السلطة والاحتلال (إطار)

لم يكن يتوقع الشيخ والقيادي في حركة حماس شاكر عمارة، أن 25 عاماً من عمله في الإمامة والخطابة، ستكون في نهايتها حرمانه من الصعود للمنبر.
حرمانٌ لم تقدم عليه سلطات الاحتلال، رغم ما يعرف عن الشيخ عمارة قوة لسانه على الاحتلال، وتحريضه المصلين على المقاومة والرد على جرائم الاحتلال، لتقوم مديرية الأوقاف في أريحا ومن خلفها أجهزة السلطة الأمنية، بمنعه من الخطابة منذ شهرين ونصف تقريباً، ومن ثم اعتقاله مؤخرا.
ولد الشيخ شاكر حسن مصطفى عمارة، في مخيم عقبة جبر للاجئين الفلسطينيين بمدينة أريحا في (11-10-1960)، بين خمسة من الإخوة هو رابعهم، وينحدر من قرية صرفند الخراب المدمرة، غرب مدينة الرملة المحتلة عام 1948م.
توفي والده مبكراً وهو في 14 من العمر، ومع هذا كان لطبيعة أسرته المتدينة فطرياً، دوراً في أن تدرج خطواته الأولى نحو المسجد، والمحافظة على صلاة الجماعة فيه، لكن تدين عمارة، لم يكن فطرياً فقط، بل نما فكرياً أيضاً، باحثاً عن حل إسلامي يعيد للأمة عزتها وأستاذيتها للعالم، وهو ما مهد الطريق له، للانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، فتىً يافعاً في مطلع العام 1978، وكان وقتها في 18 من العمر.
وتوجه عمارة للحصول على البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، من جامعة القدس المفتوحة، ومنذ 1987 وهو إمامٌ وخطيبٌ في مسجد مخيم عقبة جبر بمدينة أريحا، وقد تزوج الشيخ شاكر في 1-2-1986 وله من الأولاد، ثلاثة أولاد وبنت واحدة.
كان الشيخ شاكر عمارة من أوائل من انضموا في محافظة أريحا إلى صفوف الإخوان المسلمين، وهو الرحم الذي انطلقت منه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لذلك كان من أوائل المؤسسين للعمل الإسلامي والدعوي في المحافظة، وكان له دور بارز وقتها بإحداث نقلة مميزة وملحوظة في كافة جوانب العمل الدعوي والإسلامي على اختلاف مجالاته الاجتماعية والرياضية والثقافية والإغاثية في المحافظة.
وقد حوله شعوره بأمانة وثقل الدعوة، إلى شعلة متَّقدة من العطاء، من عقد الحلقات والدروس والمحاضرات والندوات التربوية، والقيام برحلات دعوية إلى مناطق القدس وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 48.
يعتبر الشيخ شاكر من الخطباء المفوَّهين في المحافظة، وله دور كبير في التحريض على مقاومة الاحتلال، لذلك اعتقل أكثر من 13 مرة في سجون الاحتلال، تجاوزت بمجموعها 10 أعوام، كلُّها في الاعتقال الإداري، دون تهمة أو محاكمة حقيقية، ما حوَّل حياته إلى سلسلة من الاعتقالات الإدارية، وأبقى حياة أسرته مجافية للاستقرار الحقيقي.
فقد كان اعتقاله الأول عام 2-2-1988 أي بعد 50 يوماً من الانتفاضة الأولى، أمضى فيه شهراً في تحقيق سجن الظاهرية في الخليل وأفرج عنه في (3-3) من نفس العام، وتوالت بعدها خمسة اعتقالات إداريةٍ أخرى، وصاحب أغلبها عمليات تحقيق.
وفي 14-12-1992 كان الشيخ عمارة على موعدٍ مع ابتلاءٍ جديد، لم يعهده سابقاً، وهو الإبعاد، ففي السابع عشر من كانون أول ديسمبر عام 1992م وبعد أربعة أيام من اعتقاله السادس، تم إبعاده إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، مع 415 من نشطاء وقيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في أكبر عملية إبعاد اهتزت لها كل المؤسسات الحقوقية والأحرار في العالم، ما أجبر الأمم المتحدة وتحت الضغط الشعبي العالمي والمؤسساتي، إلى اتخاذ قرار بضمان عودتهم، وكانت العودة بتاريخ 13-9-1993.
وبعدها عاد الشيخ شاكر إلى دوامةِ الاعتقال الإداري من جديد، باعتقاله السابع في 15-9-1997 والثامن والتاسع حتى الحادي عشر، والذي كان في 17-8-2014 لمدة 12 شهراً إدارياً، وقد تحرر منه في 15-6-2015، وخلال كل الاعتقالات السابقة وغيرها تعرض منزل الشيخ عمارة لعشرات مرات المداهمة والتفتيش من قوات الاحتلال.
بعد 25 عاماً من عمله في وزارة الأوقاف، بنى خلالها الشيخ عمارة جيلاً متبصراً بحقه من رواد المساجد، لكن هذا لم يمنع الشيخ عمارة، في أحد اجتماعات وزير أوقاف حكومة سلام فياض غير الشرعية مع أئمة الضفة الغربية، أن يقول كلمة الحق في وجه الهبّاش، الذي بدأ بكيل الاتهامات جزافاً بحق حركة حماس، فما كان من الأخير إلا أن نقل الشيخ عمارة تعسفياً إلى منطقة فصايل التي تبعد 25 كيلومتراً عن مكان سكنه.
وبعد خروج الشيخ عمارة من اعتقاله الأخير، من سجون الاحتلال، أبت أجهزة السلطة إلا مكافأته بطريقتها، باعتقاله سياسياً، وإبعاده عن مصلاه، في أهم أشهر العام، في شهر رمضان المبارك، ولـ14 يوماً، ليخرج عمارة ليلة عيد الفطر السعيد، ويفاجأ بأن اسمه ليس على قوائم الخطباء، ويجد التبرير: أنه خرج عقب توزيع القوائم.
ويتكشف حقيقة الأمر بعدها، وترسل أجهزة السلطة، ومدير أوقاف أريحا، قراراً رسمياً واضحاً للشيخ عمارة بحرمانه من الخطابة، رغم ما يحظى به الشيخ من احترام واسع ومن كافة أطياف اللون السياسي الفلسطيني، لما يعرف عنه من وطنيته العالية ووحدويته، وشبكة علاقات الواسعة مع قيادات وكوادر كل الفصائل الفلسطينية، وكونه من القيادات الإسلامية البارزة في فلسطين.
كان ذلك يوم الأحد الموافق (20-9)، فبعد أن أدى الشيخ شاكر عمارة صلاة العشاء إماما بالمصلين بمسجد الشهيد إبراهيم ياغي بمخيم عقبة جبر، تفاجأ بدورية تابعة لجهاز الأمن الوقائي تطالبه بمرافقتهم، بعد أن أخبروه أنه رهن الاعتقال، واقتادوه إلى مقر الجهاز بمدينة أريحا، دون تهمة أو ذريعة سوى انتمائه السياسي.
وما زال حتى اليوم، والساعات تمضي مقتربة من عيد الأضحى المبارك، وقضبان الاعتقال السياسي تطبق على حرية الشيخ عمارة، ليدفع ثمن كلمته الحرة مرتين: لدى الاحتلال الصهيوني، وأجهزة السلطة في الضفة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...