الإثنين 12/مايو/2025

كيف يحاول الاحتلال تغطية فشله الاستخباري بغزة؟

كيف يحاول الاحتلال تغطية فشله الاستخباري بغزة؟

بعد يومين فقط من خلاف نشب بينه وأحد مسؤوليه، تلقى الشاب أبو مسلمة، اتصالاً هاتفياً من شخص تحدث معه وكأنه يعرفه، قبل أن يمتد الحديث إلى الخلاف، لتتضح الصورة بعد دقائق أنه مجرد اتصال مخابراتي بهدف التجنيد.

رد أبو مسلمة بجفاء على محدثه، وأبلغ مسؤوليه، الذين نصحوه باستبدال شريحة الجوال، والتيقظ لمحاولات مخابرات الاحتلال الاصطياد والتجنيد، في ضوء معركة الأدمغة التي تجابهها أجهزة الأمن في غزة التي قلصت قدرة الاحتلال على زرع العملاء.

 الأزمة المالية

أما عمار – اسم مستعار – وهو موظف في جهاز أمني بغزة يسكن في منطقة حدودية جنوب قطاع غزة، فتلقى قبل أيام رسالة على جواله الخاص تقول “إذا محتاج لدعم وطالعة روحك من انتظار الراتب أنا هان لجانبك اتصل على رقم ….”.

فهم عمار أن المقصود هو محاولة من مخابرات الاحتلال لتجنيده استغلالاً لأزمة الرواتب، فأبلغ مسؤوليه في العمل، وقام هو الآخر باستبدال شريحة الجوال الخاص به.

ويعاني 40 ألف موظف في غزة، من عدم انتظام الراتب منذ تشكيل حكومة التوافق قبل أكثر من عام، في وقت يعاني فيه مجمل القطاع من أوضاع اقتصادية متردية بسبب الحصار المستمر منذ عام 2006.

أساليب متنوعة 

ويؤكد مصدر أمني لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” أن هناك حملات مكثفة بين الحين والآخر تقوم بها جهات أمنية تتبع مخابرات الاحتلال، وأحياناً تتبع مخابرات السلطة الفلسطينية، تجري اتصالات مع مواطنين وأفراد من المقاومة وحتى عاملين في الأجهزة الأمنية، لمحاولة تجنيدهم، مستغلة الأوضاع الاقتصادية السيئة وانقطاع الرواتب، أو نشوب بعض الخلافات بين فرد ومسؤوليه.

ويشير إلى أن الأساليب التي تتبعها مخابرات الاحتلال متعددة، وهي تركز على أوقات معينة، فيما تتعدد الشرائح التي تستهدفها، مؤكداً أن كل هذه المحاولات يتم كشفها ووضعها قيد المتابعة، والأسلم لمن يتلقى أي اتصال أن يقوم بإبلاغ الجهات المختصة تجنباً للانزلاق في منزلقات خطيرة حتى ولو من باب حسن النية كما يفعل بعض الشباب.

وأكد أن من أخطر الأساليب التي يجري استخدامها حالياً الصداقات العشوائية على مواقع الاتصال الاجتماعي من فتيات، ثم طلب الحديث واستخدام الكاميرا على سكايب، بحيث يتم دفع الشاب إلى التعري أو تسجيل محادثة هاتفيه مع فتاه ثم تهديده بفضحه إن لم يستجب لعملية التجنيد.

وقال :”ثقتنا بشبابنا ووعيهم ووطنيتهم عالية، ومع ذلك ندعوهم إلى الحذر وعدم التجريب أو التفكير بمجاراة الاحتلال بل إغلاق الجوال، وحال تكرر الاتصال إبلاغ الجهات المعنية على الفور، مع ضرورة عدم التعاطي أو تقديم أي معلومة حتى لو كانت تافهة ومعروفة، وعدم الانجرار للمحادثات التي تبدو بريئة مع الفتيات”.

الأزمة الاقتصادية 

ويوضح الخبير الأمني الدكتور إسلام شهوان، أن هذا الأسلوب قديم حديث، لافتاً إلى أن هذه الاتصالات والرسائل تنشط في أوقات معينة ومواسم معينة.

وقال شهوان لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “لا شك أن الأزمة المالية التي يعاني منها قطاع غزة، وعدم انتظام الرواتب، يمثل بيئة عمل تزيد فيها مثل هذه الاتصالات، التي قد يتخللها عروض مالية قد تغري البعض للوقوع في فخ مخابرات الاحتلال”.

وأكد وجود معلومات بأن هذه الاتصالات تكثفت في الآونة الأخيرة، وأنها ركزت على استهداف بعض رجال الأجهزة الأمنية، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية أصدرت تنبيهات سواء للعناصر الأمنية أو المواطنين للانتباه لهذه المحاولات المخابراتية.

ورأى أن برامج التوعية على أهميتها ليست كافية، في ظل المعاناة الصعبة، وإنما يتطلب الأمر تضافر جهود الجميع لإفشال مخططات الاحتلال الرامية لتعويض النقص في المصادر البشرية لديه، بعد أن تم شل قدرتها في هذا المجال بعد الجهود الناجحة من قبل الأجهزة الأمنية بغزة، في إطار صراع الأدمغة الدائر.

وأشار إلى أن تكثيف الاحتلال هذه المحاولات، يعكس سعي الاحتلال لتوسيع بنك المعلومات لديه، بالاعتماد على المصادر البشرية، في ظل قدرة الأجهزة الأمنية والمقاومة بغزة على تقليص دور الاختراقات التقنية في هذا المجال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات