الإثنين 12/مايو/2025

جودت عبد الغفور.. هكذا حالت نار الحرب دون إنقاذ زوجته وطفلته

جودت عبد الغفور.. هكذا حالت نار الحرب دون إنقاذ زوجته وطفلته

يوم غير معتاد يحل على بيت جودت عبد الغفور ليغير معالمه فيتحول كل شيء إلى النقيض؛ فبعد أن كان يحيى بأمل وسعادة غامرة برفقة أطفاله الثلاثة أصبح الألم ملازما له، فكل زاوية من زوايا بيته تنبض بالمعاناة.

عام واحد مضى، ومشاهد ذلك اليوم ما تزال حاضرة أمام عينيه وكأنها للتوّ.. صراخ محمد الذي نجا بأعجوبة ما يزال يدوي برأسه وهو يستجدي لإنقاذه، لهيب النيران الذي اشتعل بجسده لا يمكن أن ينسى بعد أن حال بينه وبين إنقاذ زوجته وطفلته الصغيرة رنيم.

تفاصيل أليمة

يستذكر عبد الغفور في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” تفاصيل ظهر ذلك اليوم الذي صادف 9-7-2014، قائلاً: “كنت أقف على سطح منزلي عندما سمعت صوت انفجار، لكن لم أعرف بالتحديد مكان الاستهداف لكنه بدا قريبا جداً، نزلت بسرعة لأخرج مع زوجتي بالطابق الأسفل من المنزل خشية تكرار القصف، ولكن بمجرد وصولي الممر وسط البيت سمعت صوت قصف ثانٍ”.

صمت لحظات وبدا عليه التأثر وهو يستذكر تلك اللحظات الأليمة: “خلال لحظات نشبت نار هائلة داخل المنزل اشتعلت في جسدي وملابسي النار، كانت حائلا من أن أنقذ زوجتي وطفلتي رنيم، فالغبار كان كثيفا، وبالكاد أرى ما حولي”.

لم أكن أفكر بنفسي بقدر ما كنت قلقلا على مصير زوجتي وأطفالي.. حاولت بكل ما أستطيع إطفاء النيران من جسدي لأسرع بإنقاذهم، فجأة سمعت صراخ طفلي محمد (أربعة أعوام ونصف) فشعرت وقتها وكأن لهيب قلبي المتخوف على مصيرهم قد انطفأ، فمحمد بخير هذا يعني أن البقية احتمالية أن يكونوا على قيد الحياة كبيرة، هكذا أكمل عبد الغفور وهو يروي المأساة، كما يتابع.

رنيم عصفورة الجنة

ويضيف عبد الغفور “تضاربت مشاعري وانفعالاتي، وبدأت أبحث عن محمد حتى وجدته وحيدا في زاوية الغرفة الشرقية يلفظ أنفاسه لشدة الغبار، حملته وحاولت الخروج به بعيدا عن الغبار والحجارة المتناثرة، وبدأت أستجدى المساعدة من الأقارب والجيران”.

ويتابع “صدمت كثيرا عندما رأيت محمد وحيدا في الغرفة ولم يكن بجانب أمه وأخته، وقتها بدأ القلق يساورني فالغرفة الباقية من المنزل كانت ممتلئة بالركام، ناديت على زوجتي فلم أسمع لا ردا ولا أنينا، أدركت وقتها أنها لحقت بركب الشهداء، وأن طفلتي رنيم عصفورة في الجنة”.

ويكمل “بعد أن مر ما يزيد على عشرين دقيقة أخيرا نجح الأقارب في إزاحة الركام الذي وصل ارتفاعه لمتر واحد، وتمكنوا من انتشال زوجتي وطفلتي من تحت الركام”.

في تلك الأثناء كانت طواقم الإسعاف وصلت للمكان فنقلت عبد الغفور إلى المستشفى ليلحق به بعض لحظات جثماني زوجته أمل وطفلته رنيم.

عبد الغفور الذي ما يزال يقطن داخل بقايا منزله المدمر، لا يمكنه أن ينسى يوما ما حل به وبعائلته من وجع وذكريات أليمة، فركام منزله ما يزال يعيد له صباح كل يوم الحكاية ويذكره بها، ولسان حاله يقول: لن نغفر ولن ننسى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات