المفقودون.. آلام تتجدد في ذكرى العدوان

لم يجد والدا الفتى نور الدين عمران (16 عاماً)، خياراً سوى التسليم لفرضية استشهاده، وشرعا في إجراءات قانونية لاستخراج شهادة وفاة له بعد أن أعياهم البحث منذ فقده خلال عدوان الاحتلال العام الماضي على غزة.
الفتى عمران هو واحد من 15 مواطناً فقدت آثارهم في مناطق الاجتياحات بأرجاء متفرقة من قطاع غزة سجل بعضهم شهداء بناء على شهادات ميدانية فيما بقي مصير الآخرين مجهولاً ليبقى جرحاً نازفاً يتفتح في ذكرى العدوان.
يقول والد نور الدين لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “بحثنا في كل مكان دون جدوى، توجهنا للمؤسسات الحقوقية والصليب الأحمر الذي أبلغنا مؤخراً أنه لا وجود لنور في سجون الاحتلال أو مستشفياته أو ضمن الجثث لديه”.
وأضاف إن عائلته عاشت آلاماً رهيبة على مدار السنة الماضية، وأخيراً قررت البدء في إجراءات استخراج شهادة وفاة له من خلال النائب العام، والعمل على اعتماده شهيداً من شهداء العدوان.
الفتى خرج صباح (25-7-2014) من منزله متجهاً إلى مزرعة الدواجن التي تمتلكها عائلته في بلدة القرارة ليطعم الدجاج الذي شارف على البيع والتسويق، دون أن يدري أن قوات الاحتلال بدأت عملية توغل في البلدة.
ويستذكر الأب تفاصيل تلك الأيام: “كان ابني يذهب بصورة مستمرة لتفقد المزرعة التي كانت تحتوي على ثلاثة آلاف دجاجة اقترب وقت بيعها، بهدف إطعام الدجاج، وفي ذلك اليوم غادر على دراجته النارية، ولكنه لم يعد”.
لم يكن نور الدين يعلم عندما خرج أن قوات الاحتلال بدأت عملية توغل في المنطقة، ولكن هذا ما علمته العائلة بعدما لم يرجع نور الدين فخرج شقيقه بلال يبحث عنه ليكتشف توغل قوات الاحتلال في المنطقة، فعاد دون أن يتمكن من معرفة مصير شقيقه أو المزرعة.
حالة من القلق والترقب وعشرات الاتصالات أجرتها العائلة في حينه مع الصليب الأحمر ومؤسسات حقوق الإنسان ولجان الطوارئ والمستشفيات علها تعثر على أي معلومة عن نور الدين دون جدوى، ومر يومان لم تنم فيهما العائلة حتى إذا أعلن الاحتلال عن تهدئة إنسانية يوم (27-7) سارع الأب باتجاه المزرعة ليكتشف أن قوات الاحتلال تتواجد في المنطقة، وبالتالي لم يعرف شيئاً.
أربعة أيام أخرى مرت قاسية ومؤلمة، والعائلة تترقب كل لحظة أيّ معلومة عن الفتى نور الدين، حتى إذا ما أعلنت تهدئة (1-8) سارع الأب مع عدد من أفراد عائلته للبحث عن نور، ولكن محاولتهم باءت بالفشل، ولكنهم عثروا على دراجته النارية، وكانت محطمة بعد تعرضها للدهس من إحدى دبابات الاحتلال، ولم يكن عليها أي آثار دماء لنور.
وقال الأب بتأثر: “لم نعثر على نور أو جثته، كل ما وجدناه الدراجة النارية قرب أحد المساجد الذي كنت أوصيته أن يوقفها قربه ليكمل مشواره سيراً على الأقدام نحو المزرعة التي نفق دجاجها بسبب القصف والجوع”.
بعد توقف الحرب بقرابة شهر كرر الأب ذهابه للمنطقة بحثاً عن ابنه دون جدوى، ولكنه هذه المرة وجد شخصين أبلغه أحدهما أن قوات الاحتلال اعتقلت ابنه، وهو أمر لم يتم التأكد منه.
وتقوم قوات الاحتلال عادة بإبلاغ ذوي الأشخاص الذين تعتقلهم عبر الهاتف، فيما توفر المؤسسات الحقوقية والصليب الأحمر معلومات بعد أيام عن مكان احتجاز المعتقل، وهو أمر لم يتحقق بشأن نور، في المقابل تبلغت العائلة رسمياً من الصليب الأحمر أنه غير موجود لدى الاحتلال.
ولم يكن حال الشاب أحمد محمود اللحام (29 عاماً) الذي يعاني من اضطراب نفسي، أحسن حالاً؛ فقد فقدت آثاره في ثاني أيام التوغل البري لقوات الاحتلال في بلدة القرارة شرق خان يونس، ولا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن.
وقال والده أبو ماهر اللحام لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “اقتحمت قوات الاحتلال خلال توغلها في القرارة منزلنا وحجزتنا في الطابق الأرضي، وفقدنا في اليوم الثاني ابننا أحمد الذي يعاني من حالة نفسية، حيث خرج ولم يعد”.
وأضاف: “كنا نعتقد أنه لجأ إلى أحد الجيران في ظل القصف والعدوان، ولكن بعد انتهاء العدوان لم نعثر عليه لا بين الجرحى ولا بين الشهداء، ولم نبلغ أنه جرى اعتقاله من قوات الاحتلال”.
وذكر أنهم شاهدوا في حينه دماء في منطقة كان يتردد عليها، ولكن لم يعرفوا إن كان هذا الدم يعود له أم لا، وبقي مصيره مجهولاً حيث تم إبلاغ المؤسسات الحقوقية والصليب الأحمر دون الوصول لنتيجة شافية عن مصير أحمد.
ورغم رفض الناطقة الإعلامية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة سهير زقوت، الإفصاح عن أعداد المفقودين الموثقين لديهم، باعتبار أن ذلك من اختصاص السلطات المحلية كوزارة الداخلية؛ إلا أنها أشارت إلى تلقي طلبات من بعض الأسر للبحث عن مصير أبنائها كما يحدث عادة في كل حرب.
وقالت زقوت في تصريحات خاصة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “بعد كل حرب هناك من يفقد الاتصال بأبنائه، وبناء على طلباتٍ من الأسر نقوم بالاتصال على السلطات المعنية (تقصد الاحتلال)”، لافتة إلى أن هذا من الملفات الحساسة، وبالتالي لا نفصح عن نتائج هذا البحث، وإنما نقوم بإبلاغه للأهالي بشكل مباشر.
ويبقى مصير المفقودين خلال العدوان، جرحاً نازفاً في وجدان ذويهم لا يندمل إلا بمعلومات دقيقة تحدد مصيرهم سواء أحياء أو شهداء.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...