قصف الأبراج السكنية .. سياسة العدو الخاسر أمام ضربات المقاومة

تسبب الفشل الذي مني به الاحتلال الصهيوني في معركة “العصف المأكول” وعدم قدرته على تحقيق أي إنجاز عسكري ملموس لتحوله إلى ثور هائج لم يجد أمامه إلا استهداف الأبراج السكنية للضغط على المقاومة من خلال المدنيين، حيث تحول قصف الأبراج إلى سياسة صهيونية ومحل وعيد من قادة الاحتلال في أي جولة قادمة لتبرير فشلهم.
فمن “فيتنام” 1975 إلى “ضاحية بيروت الجنوبية” 2006 وصولاً إلى “غزة” 2014 كانت دوماً سياسة قصف الأبراج السكنية والعمارات المرتفعة سياسة الخصم الخاسر الذي يبحث عن أي وسيلة للنيل خصمه.
وخلفت حرب غزة 13217 منزلاً مدمراً و2310 شهداء و10626 جريحا معظمهم من المدنيين العزل، ومن بينهم عدد كبير من النساء والأطفال قضوا في قصف المنازل فوق رؤوس أصحابها.
جيش الاحتلال الذي اهتزت صورته وسقط جنوده صرعى على حدود غزة وفي كمائن المقاومة أراد الضغط على المقاومة الفلسطينية برفع وتيرة استهداف المدنين فكانت أشد حلقات عدوانه؛ قصف الأبراج السكنية وتشريد مئات العائلات.
ويعد برج “الظافر4” من أشهر الأبراج السكنية التي دمرها الاحتلال قبل نهاية الحرب الماضية ويتكون من 11 طابقا يحتوي على 44 شقة سكنية دمرت بالكامل، كما طال القصف أبراجا أخرى من بينها البرج “الإيطالي” الذي دمر بالكامل، وجميع هذه الأبراج كانت تحتوي على شقق سكنية ومكاتب وشركات.
تجربة قصف الأبراج السكنية بغزة، هي سياسة مستنسخة من تجربة الاحتلال قبل سنوات في الضاحية الجنوبية بحرب لبنان عام (2006)، عندما دمّر الاحتلال المناطق السكنية بالكامل.
رغم تفوق قوات الاحتلال في آلات القوة التدميرية ووسائل التكنولوجيا المتطورة في أسلحتها في معركة “العصف المأكول” إلا أن المقاومة الفلسطينية صمدت ووجهت رصاصات صائبة؛ فقتلت وأسرت جنوداً، وأهانت خصمها بصور هزت معنويات جنود الاحتلال.
ويؤكد د. عبد الستار قاسم، المحلل السياسي، أن سياسة قصف الأبراج السكنية سياسة اتبعها الاحتلال حين فشل في تحقيق إنجاز عسكري، وهي سياسة تكررت في حروب “فيتنام- العراق- أفغانستان- جنوب لبنان”.
ويضيف: “عندما لا ينال المعتدي من خصمه يضغط على المدنيين ليتحركوا ضد القيادات السياسية والعسكرية حتى تقف الحرب، وكان الهدف بغزة تحريض الناس على المقاومة، وحتى اليوم أعداء المقاومة يشيعون أنها شرّدت الناس!”.
أما د. محمود العجرمي، الخبير الأمني، فيرى أن “إسرائيل كانت في موقف حرج أمام جمهورها وحلفائها، ولم تمارس قواتها دوراً طبيعياً، وذاقت هزيمة أمام المقاومة، فحاولت الهروب للأمام بشكل دومي عبر قصف الأبراج”.
ويتابع: “نتذكر طائرات بي 52 التي كانت حمولتها تدمر قرية في فيتنام، وكان استخدامها لتحريك الجمهور، وبنفس الطريقة حاولوا تحريك أهل غزة ضد المقاومة لكنهم فشلوا”.
ولا شك أن الكيان الصهيوني الذي لم يتوقع استمرار الحرب 51 يوماً، وأخفق في معظم جولاتها، أراد استخدام أسلوب الحرب النفسية بقصف الأبراج السكنية قبيل انتهاء الحرب ليقول إنه صاحب الطلقة الأخيرة.
ويؤكد د. درداح الشاعر الاختصاصي الاجتماعي أن “إسرائيل” أرادت تحقيق الضغط النفسي على المقاومة وإيجاد حالة هلع لدى المجتمع الفلسطيني عبر تصعيد كبير في استهداف المدنيين بعد المقاومة.
ويتابع: “كان لجوء المفلس وإسرائيل من الدول اللاأخلاقية في حروبها التي تستخدم المحرمات، وهذا وقع في حروب كبرى كررته إسرائيل بغزة لكن العجيب أن الشعب لم يقف في وجه المقاومة”.
ويقول الشاعر إن العدوان الصهيوني في كل جولة يوسع دائرة الألم والأذى بهدف تشكيل رأي عام عبر كثير من الأكاذيب مبرراً استخدام مزيد من القوة، مشيراً إلى أنهم استخدموا كل شيء ضد غزة، ولم يبق سوى الأسلحة غير التقليدية.
ولم تكن سياسة قصف الأبراج السكنية وقعت بالخطأ، لكنها سياسة أراد الاحتلال من خلالها الضغط على المقاومة عبر استهداف المدنيين فقط، رغم استنكار كافة المؤسسات الدولية والإنسانية لتلك السياسة، حيث تجد أن قصف الأبراج تجدد ذكره مؤخراً على لسان عدة مسئولين في “إسرائيل”.
وكان قائد سلاح الجو الصهيوني”أمير إيشل” أكد في مقابلة مع صحيفة (Die Zeit) الألمانية نهاية الشهر الماضي إن الكيان الصهيوني سيقصف الأبراج السكنية في أي حرب قادمة على غزة.
وأضاف: “لن نتردد في قصف أي أبراج سكنية في أي حرب قادمة مع غزة أو حزب الله”، ما يعني أن الاحتلال يبيت نيّة إعادة استهداف المدنيين بشكل واضح، متجاهلاً كافة الأعراف والقوانين الدولية.
وقبل أيام طالب رئيس مجلس عسقلان الإقليمي “يائير فرجون”، جيش الاحتلال بقصف الأبراج السكنية الكبرى في قطاع غزة، بهدف وقف إطلاق الصواريخ من القطاع على الأراضي المحتلة.
وأضاف: “الإجراء الوحيد الكفيل لحمل حماس على التصدي بشكل فعال لعمليات إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة يتمثل بتدمير العمارات السكنية الكبرى”.
ورغم أن قصف الأبراج السكنية كانت المشهد الختامي للحرب إلا أن “إسرائيل” تهدد بالبدء من عندها في أي عدوان قادم، يؤيدها في ذلك جملة من تصريحات المسئولين السياسيين والأمنيين الذي يتوعدون غزة صباح مساء.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...