الإثنين 12/مايو/2025

العصف المأكول.. الطريق إلى غزة آمنة

العصف المأكول.. الطريق إلى غزة آمنة

مع حلول الذكرى الأولى للحرب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، صيف 2014، والتي أطلق عليها معركة “العصف المأكول”، يبرز الحراك الصهيوني الداخلي المقر بفشل كل الإجراءات التي اتخذت بحق قطاع غزة من حصار وتدمير واستهداف متواصل.. هذا الحراك يعزز من تقديرات تشير إلى أن نتائج الحرب وما حققته المقاومة قد يمهد إلى “غزة آمنة” مستقبلا.

صحيفة “هآرتس” العبرية، وعبر صفحاتها، نشرت اليوم الأربعاء القول بأن شخصيات عسكرية رفيعة في جيش الاحتلال قدمت مقترحات لوزير حرب الاحتلال، لتخفيف الحصار على قطاع غزة والذي من شأنه أن يأتي بهدوء طويل الأمد، لأن “إسرائيل فشلت في إخضاع غزة عبر حصارها”.

وتوضح الصحيفة أن هذه المقترحات جاءت، لأن “المنظومة الأمنية الإسرائيلية مقتنعة أن إسرائيل يمكنها أن تحقق هدوءًا نسبيًّا لفترة طويلة عن طريق تسهيلات اقتصادية، والسماح للفلسطينيين بالخروج إلى الخارج عبر إيرز (معبر بيت حانون) ومن ثم إلى جسر النبي مع الأردن، والعمل في المستوطنات القريبة من غزة”.

وتشير الصحيفة أن هذه التوصيات قدمت من قيادات في الجيش أثناء نقاشات دارت في داخل القيادة العليا للجيش، خلال دراسة تداعيات الحرب الأخيرة.

مخاوف الانفجار

إلى جانب ذلك، تشير تقديرات عن دراسة قدمها “الأمن القومي الإسرائيلي” إلى أن المستوى العسكري “الإسرائيلي”، بدءاً من قادة المنطقة الجنوبية، والاستخبارات العسكرية، الشاباك، وهيئة الأركان؛ يرون في غزة تهديداً عسكرياً، لأن حماس عاودت حفر الأنفاق وتصنيع الصواريخ، مما جعل الاحتلال يفكر في بلورة “مسلك مدني”، لتخفيف الحصار عن غزة، مع مراقبة شديدة لكل المواد والبضائع المزدوجة الاستخدام.

وتأتي هذه الرؤية، وفقا للدراسة، نتيجة تقديرات تشير إلى أن “الأوضاع ستنفجر مرة أخرى في غزة، وفي كل مرة تنفجر فيها، يكون الضرر أكبر من السابق، وخاصة أن معطيات البطالة بغزة قنبلة موقوتة”.

يقول “عاموس غلبواع” الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، إن قطاع غزة وحماس ما زالا يعدان المشكلة الاستراتيجية المركزية في المجال الأمني والسياسي والإعلامي، وحددت التوقعات الاستراتيجية لأجهزة الأمن والاستخبارات في دولة الكيان لسنة 2015، عشرة أخطار استراتيجية، أدرجت خطرين منهما في غزة أولهما؛ حرب جديدة في القطاع، والآخر عملية كبيرة عبر الأنفاق الهجومية.

وذكرت القناة 10، أن قيادة جيش الاحتلال وأجهزة الأمن “الاسرائيلية” تعتقد أن “الفرصة أصبحت مواتية لعقد هدنة تستمر 10 سنوات فأكثر مع حركة حماس في قطاع غزة”.

وبحسب القناة، فإن حماس غير خائفة من جولة جديدة ضد “إسرائيل”، وعلى الرغم من ذلك “لا ترى الجهات الأمنية أن منح الحركة في غزة بناء ميناء عائم فرصة خطأ، بل إن ذلك سيجعلها تحافظ أكثر على حالة الهدوء”.

ووفقا للقناة فإن “جهات أمنية رسمية رفعت للقيادة السياسية في إسرائيل توصية بالموافقة على هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة مقابل ميناء عائم”، عادّةً أن ذلك “سوف يمنح الثقة لإمكانية صمود الاتفاق لعشر سنوات فأكثر”.

بوادر التهدئة

وفي وقت سابق، أشارت دراسة صادرة عن “الأمن القومي الإسرائيلي” إلى أن التحدي المركزي الذي يواجه الاحتلال هذه الأيام يكمن في كيفية إقناع القيادة السياسية في حركة حماس على منع الفصائل المسلحة من تنفيذ خططها العسكرية التي تعدها، وإبقائها تحت السيطرة، وذلك لن يكون إلا عبر تحسين حياة سكان القطاع.

وتشير الدراسة إلى أن ذلك يدفع الاحتلال عبر مستوياته السياسية والأمنية والعسكرية، لبذل جهود واضحة، وبشكل تدريجي للقيام بمجازفات مدروسة، لمنع اندلاع المواجهة المقبلة، وتتم هذه الخطوات بشكل ممنهج تجاه القطاع، بعيداً عن الأنظار.

وتأكيداً لما ورد في الدراسة، ذكر موقع واللا العبري، لأول مرة منذ انتهاء عملية “الجرف الصامد” ستبدأ خلال الأسابيع القادمة عملية إعادة بناء من 3000 إلى 5000 شقة سكنية كانت قد هدمت هدما تاما من بين 16000 ألف شقة كانت قد دمرت نهائيا في الحرب، وذكر أن 90 ألف شقة كانت قد تضررت جزئياً خلال الحرب يتم الآن إعادة ترميمها.

غزة آمنة

وكشفت القناة العبرية العاشرة أن القيادي في حماس موسى أبو مرزوق “مسئول ملف التفاوض بشأن التهدئة” منذ الحرب الأخيرة على غزة- يعقد اجتماعات متواصلة في الدوحة مع رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل والقيادات الموجودة بجانبه للرد بشكل نهائي على المقترح الذي كانت قدمته قطر ودعمته تركيا، وعاد وطرحه المبعوث الأممي “نيكولاي ملادينوف”.

وأضافت القناة “إن الاتفاق ينص على إقامة ميناء عائم بعد فترة وجيزة من التهدئة التي سيتم إبرامها لخمس سنوات، ومن ثم يتم العمل على تمديدها فيما بعد”، مبينةً أن الميناء سيكون تحت رقابة “إسرائيلية”، وربما يتم التوافق على وجود طرف دولي.

ويرى محللون في الشارع الفلسطيني؛ أن توجُّه الاحتلال للتهدئة، لأنه بات غير قادر على الحسم العسكري، وإزاحة المقاومة، ويرى في حماس الضابط للأوضاع بشكل عام في القطاع، وعزلها يعني أن الأمور قد تنقلب إلى ساحة سباق للفصائل لإطلاق الصواريخ، حينها ينجر الاحتلال للمواجهة من جديد.

ويؤكد المحللون على أن الاحتلال يحاول في الفترة الأخيرة وعبر القيادات الأمنية والعسكرية إبراز حقيقة ما جرى في الحرب الأخيرة على غزة، وأن حماس ماضية في تطورها العسكري وحفر المزيد من الأنفاق الهجومية، والتدريبات اليومية، لذلك تعمل على  تهيئة الرأي العام “الإسرائيلي”،  وإقناعهم بأن البديل هو عبر التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد مع حماس، لتشكل قاعدة انطلاق من “غزة آمنة” نحو سلام كامل مع الفلسطينيين كون القطاع يعدّ بؤرة تطلع محلي وإقليمي ودولي.

ويخلص المحللون أنه يتوجب أن تكون المدة الزمنية للتهدئة لا تمتد لأكثر من خمس سنوات؛ لأن إطالتها يفضي لاسترخاء الحاضنة الشعبية، مما يضر ببرنامج المقاومة وقاعدتها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات