الثلاثاء 13/مايو/2025

اتفاقية الغاز.. حين تسلم السلطة رقابنا للاحتلال!

اتفاقية الغاز.. حين تسلم السلطة رقابنا للاحتلال!

يسعى الكيان الصهيوني للسيطرة على مقدرات وممتلكات الشعب الفلسطيني بكافة الطرق والوسائل المتاحة، بما فيها سعيه للسيطرة على حقول الغاز المكتشفة في عرض بحر قطاع غزة، ولأنه قوة احتلال ربما لم يلق الأمر اهتمامًا لدى الكل الفلسطيني؛ حيث يأتي ضمن حالة التغول على كل شيء فلسطيني.

إلا أن الأمر المثير للاستهجان والجدل هو ذهاب السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس إلى توقيع اتفاقية لشراء الغاز من الكيان الصهيوني ولمدة 20 عامًا، الأمر الذي اعتبره مراقبون منافيًا لتصريحات سابقة لرئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله، الذي كان قد صرح بتاريخ (9-11-2013) بأن السلطة الفلسطينية ستكون دولة منتجة ومصدرة للغاز بحلول العام 2017.

“صفقة قذرة”

 الكاتب المقرب من حركة فتح حسن عصفور، ذهب إلى وصف الاتفاقية بأنها واحدة من “الصفقات القذرة”، مؤكدًا أن حكومة عباس وقعتها من خلف مؤسسات الشعب الوطنية بأسلوبٍ لا يليق بمن يحمل اسم دولة فلسطين.

وقال عصفور -في مقالةٍ له نُشرت بتاريخ 8 آذار (مارس) الجاري، بعنوان “اتفاقية الغاز المُخزية وطنيًّا”-: “في وقت إعلان حركة فتح حربًا أسمتها “حرب مقاطعة منتجات دولة الكيان”، والمفترض أن فتح هي القاطرة التي تسير عمل مجلس وزراء رامي الحمد الله، وهي صاحبة اليد العليا عليها، بحكم أن الرئيس محمود عباس هو محركها الأول وهو ذاته رئيس حركة فتح، أي أن الاتفاق نال رضا وموافقة الرئيس بكل صفاته”، كما قال.

لماذا يتعطل الاستثمار؟

بدوره، تساءل الخبير الاقتصادي ماهر الطباع في تصريحٍ خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” عن سر شراء الغاز من الاحتلال الصهيوني “ونحن نملك مليارات الأمتار المكعبة من حقولنا”.

وأضاف: إن “الاستثمار المتعطل في حقول غاز غزة على مدار 15 عاما كان من المفترض أن يحقق نهضة حقيقية في كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، من خلال تحقيق عوائد مالية ضخمة ستساهم في حل الأزمات المالية التي تتعرض لها السلطة والتخلص من الابتزاز المالي “الإسرائيلي” المستمر والتحرر من الهيمنة “الإسرائيلية” على مصادر الطاقة في غزة والضفة”.

ومضى الطباع متسائلاً: “هل يعقل أن نمتلك حقولا للغاز الطبيعي ونعاني من أزمة غاز وكهرباء؟، وكيف أصبحت “إسرائيل” وخلال سنوات قليلة من مستوردة للغاز إلى مصدرة له؟”.


حقول غاز غزة

وفي عام 1999 تم اكتشاف حقل غاز في بحر غزة، وقد منحت السلطة في حينها الحق الحصري لصندوق الاستثمار الفلسطيني ومجموعة من الشركاء في التنقيب عن الغاز قرابة شواطئ غزة، وتضم المجموعة شركتي “برتش غاز جروب” واتحاد المقاولين “ccc”، وبموجب الاتفاق مع السلطة يملك صندوق الاستثمار الفلسطيني 10% من المشروع، وتملك شركة (برتش) ما نسبته 60%، في حين تملك شركة (CCC) ما نسبته 30%.

 وفي عـام 2000، اكتشفت مجموعة المطورين ما يزيد عن 30 مليار متر مكعب من الغـــاز الطبيعي في حقلين، الأول: غــزة البحـري (Gaza Marine-1) وهو الحقل الأكبر، ويقع بالكامل ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية وتقدر كميات الغاز المكتشف فيه بـ28 مليار متر مكعب.

أمّا الثاني فهو الحقل الحدودي (Border Field) وهو الأصـغر حجمـاً (Gaza Marine-2)؛ حيث تقدر كميات الغاز فيه بحوالي 3 مليار متر مكعب، ويعتبر الحقل امتدادًا لحقل Noa South الواقع في المياه الإقليمية “الإسرائيلية”، وبحسب التوقعات في حينه؛ فسيبلغ مجموع العوائد المالية لخزينة السلطة الوطنية من وراء تطوير المشروع حوالي 2 مليار دولار أمريكي على مدار (15- 18) عاماً، والتي هي عمر المشروع.

فتح ومفارقة المقاطعة

“حركة فتح، تعلن وتقود وسائل إعلامها للحديث عن “قرار مقاطعة المنتجات الإسرائيلية”، في حين أن المنتج الأخطر تم توقيعه دون أن تقف حركة فتح وإعلامها متعدد الأسماء، الرسمي وشبه الرسمي أمام خطر صفقة الغاز المخزية بكل معنى الكلمة على القضية الأساس” يقول الكاتب عصفور.

وكان عباس زكي عضو اللجنة المركزي لحركة فتح قد عبر عن موقفه من الاتفاقية، قائلاً: “إنه من غير المنطقي أن تقوم مجموعة من المنتفعين بالسمسرة، وعقد اتفاق لاستيراد غاز الاحتلال، فهذا يعتبر خطأً وطنيًّا واستراتيجيًّا”.

ويشير الكاتب عصفور، إلى أن الفضيحة السياسية في توقيع الاتفاقية لا يقف عند حدود استيراد منتج وبضاعة من الكيان، بل إن من قام بتوقيعها تجاهل كليًّا أن هناك مستقبلا وطنيا فلسطينيا في إطار دولة مستقلة.

وشدّد الكاتب الفلسطيني قائلاً: إن “إسقاط اتفاقية الغار هذه بات واجبًا وطنيًّا، لا يجب الصمت عليه، بل إسقاط أداة تنفيذه يصبح ضرورة وطنية أيضًا، فمن يعبث بمستقبل وطن وقضية ويتصرف وكأن المشروع الوطني ليس سوى “مفرخة لسرقة حلم ومشروع شعب” لا يستحق أن يكون جزءًا منه”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات