صيد العصافير بغزة.. لقمة عيش محفوفة بالمخاطر

نصب الفتى سعيد أبو فرحانة (17 عاماً) شباكه على بعد 300 متر من السياج الأمني شرق خان يونس منتظراً ما ستصيده من العصافير غير آبه بالثكنة العسكرية لقوات الاحتلال التي تتربص بأي جسم متحرك في المنطقة.

ينطلق أبو فرحانة برفقة صديقه حازم أبو دقة (16 عاماً) في وقت مبكر إلى الأطراف الشرقية لحي الفراحين بعبسان الكبيرة، ويعودان بعد ساعات ومعهما ما نجحا في صيده ليقوما لاحقاً ببيعه لمحال العصافير أو غيرهم من أقرانهم.

يقول أبو فرحانة  لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “بصورة شبه يومية نذهب للمنطقة الحدودية لنصطاد عبر نصب الشبكة والأفخاخ حيث تكثر فيها الخدادر وبشكل أقل الحساسين (أحد أنواع العصافير)، بسبب خلو المنطقة من السكان”.

كانت قوات الاحتلال جرفت على مدار السنوات الماضية الأراضي المحاذية للسياج الأمني وبعمق يتراوح بين 300-700 وحولتها إلى منطقة عازلة تستهدف أي جسم متحرك.

وأشار أبو فرحانة إلى أن الموقع العسكري المجاور لبوابة الفراحين وكذلك الجيبات العسكرية التي تتوقف في المنطقة كثيراً ما تقوم بإطلاق النار نحونا فنهرب ثم نعود.

ووفق صيادي العصافير فهناك موسمان أساسيان للاصطياد بقطاع غزة، أولهما مع قدوم فصل الشتاء، وتحدث فيه هجرة العصافير من المناطق الباردة إلى الأقل برودة، وتنتشر فيه عصافير الحسون، التفيحي، البسبوس، النعار، وجميعها منخفضة الثمن نسبياً باستثناء الحسون، والثاني يرتبط بنتيجة تكاثر العصافير المهاجرة خلال فصلي الربيع والصيف، وأبرزها طائرا “الحسون” و”الخُدّر”.

تبسم الفتى أبو فرحانة عندما سألناه عن حجم الفائدة المالية التي يحققها من صيد العصافير وهو يقول: “الحكاية هواية أكثر منها فائدة مالية، لافتاً إلى أن أغلب ما يصيدونه هو الخدادر التي لا يزيد سعر الواحد منها عن 3 شيكل أما الحسون فيبلغ سعره حوالي 60 شيكلا (الدولار 3.95 شيكل).

ويؤكد الصياد حاتم نصر لمراسلنا أن مهنة صيد العصافير تحتاج إلى الصبر والهدوء، ولا تعب فيها، ويغلب عليها الهواية، فدخلها محدود فغالبية الطيور التي يتم صيدها تتراوح أسعارها بين 2 و10 شيكل، أما العصافير غالية الثمن فهي نادرة وقليلاً ما يتم صيدها.

رحلة صيد العصافير تبدو مخاطرة كبيرة في ظل الاستهداف المتكرر للمنطقة العازلة ومن يتحرك فيها بإطلاق النار المباشر، وكثيراً ما ذهب ضحيتها شهداء وجرحى.

فبينما كان المواطن  فضل محمد حلاوة (32 عاماً) من سكان جباليا شمال قطاع غزة، .يصطاد العصافير برفقة عدد من زملائه في منطقة أبو الحصين على بعد 100 متر من حدود الفصل الشرقية شمالي شرق مقبرة الشهداء الإسلامية بجباليا في محافظة شمال غزة، أصيب بعيار ناري في البطن بعدما تعرض ورفاقه لإطلاق نار مباشر من قوات الاحتلال الصهيوني المتمركزة على حدود الفصل الشمالية، وجرى نقله في حينه إلى مستشفى كمال عدوان، وأدخل قسم العمليات ثم قسم العناية المكثفة لخطورة حالته قبل أن يعلن عن استشهاده بعد عدة ساعات.

أما الشاب  صقر أكرم الغول (21 عاماً)، فكان أحسن حالاً من حلاوة؛ إذ أصابته رصاصة في فخذه اليسرى بينما كان يصطاد العصافير بتاريخ 29/10/2014 قرب الحدود شمالي منطقة السيفا الكائنة شمال غرب بيت لاهيا شمال غزة.

الغول يسكن في مخيم الشاطئ وكان يذهب للمنطقة الحدودية ليصطاد؛ ولكن هذه المخاطرة عادت به جريحاً بإصابة تسببت بقطع الشريان في فخذه الأيسر.

وعلى رغم من استشهاد وإصابة عدد من صيادي العصافير في الأطراف الشرقية للقطاع، إلا أن ذلك لا يمنع الصيادين من شد الرحال بصورة مستمرة لهذه المناطق في رحلة مخاطرة يومية بحثاً عن إشباع هوايتهم، وتحقيق عائد مالي يساعدهم في توفير متطلبات الحياة في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الغزيون.