وقف التنسيق الأمني.. بين التشكيك والترحيب وسيناريوهات التنفيذ

بقدر الترحيب بقرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع الاحتلال الصهيوني، تسود شكوك لدى الخبراء والمتابعين في قدرة توجه السلطة للالتزام بتنفيذ القرار بشكل فعلي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن السلطة غير قادرة على تحمل تبعات هذه القرارات، ولا تستطيع المضي قدمًا فيها، وهي تدرك أنها “أضحت مرتبطة بشكل مصيري بسياسة التنسيق الأمني”.
وشكك المدهون -في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“- في إمكانية التزام السلطة بالقرار “خصوصًا بعدما تحولت من كيان سياسي، إلى منظومة أمنية مرتبطة استراتيجيًّا بهذه السياسة (التنسيق الأمني)، لافتًا إلى أن ضباط الأمن من مخابرات وأمن وقائي “يحكمون أكثر من السياسيين ومن المجلس المركزي واللجنة التنفيذية ومجلس الحكومة”.
وكان المجلس المركزي للمنظمة أعلن بشكل واضح “وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال “الإسرائيلي” في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين”.
ويذهب المدهون إلى أن السلطة “لم تعد قادرة على التحكم بمساراتها السياسية والأمنية، ومساحة الحرية الآن ضيقة جدًّا، ورغم معرفتها وإدراكها بمدى خطورة التنسيق الأمني إلا أنها أعجز عن إيقافه”.
وعلى الرغم من أهمية القرار الذي يمثل (حال تطبيقه) نقطة تحول في مسار السلطة الفلسطينية التي تشكلت على أساس وظيفي أمني، لم تفرد له وكالة الأنباء الرسمية الناطقة باسم السلطة “وفا” خبرًا منفصلاً، مكتفية بنشر بيان المجلس وضمنه بند وقف التنسيق الأمني.
ويشكك أستاذ الإعلام في جامعات غزة إياد القرا، بقدرة السلطة على تنفيذ قرارٍ بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني، مستندًا إلى محاولة بعض أركان السلطة التعامل مع القرار وكأنه “مجرد توصية” للتهرب من استحقاق تنفيذه.
وقال القرا في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “النقاش الذي دار حول ما صدر عن اجتماع المركزي بين قيادات السلطة حول مفهوم ما قيل إنه قرار توصية يوضح أننا أمام توصية، ويعني لا يوجد قرار جدّيّ لدي السلطة بوقف التنسيق الأمني لأسباب كثيرة”.
وكان محمود الهباش، الذي عينه رئيس السلطة في موقع “قاضي القضاة”، ويعد أحد المقربين منه، عدّ أن قرار المجلس المركزي توصية توضع أمام اللجنة التنفيذية للمنظمة المخولة باتخاذ القرار النهائي في الأمر.
وعزا القرا عدم تنفيذ السلطة لقرار وقف التنسيق الأمني، إلى أنها “غير جادة في هذا التوجه، خاصة وأنها قالت سابقا ستفعل، ولم تفعل حتى بعد اغتيال الوزير زياد أبو عين”.
وكانت السلطة لوّحت في السابق بوقف التنسيق الأمني بعد اغتيال أبو عين على أيدي الاحتلال دون أن تنفذ ذلك، فيما تهربت من استحقاق وقفه بموجب اتفاقات المصالحة المتكررة.
وأشار القرا إلى أن السلطة لم توقف التنسيق الأمني خلال الحروب المتكررة على غزة، وحتى “لم تهدد بذلك”، لافتًا إلى أن “وظيفية وتركيبة السلطة قائمة على الوظيفة الأمنية، وهو ما اعترفت به قيادات في السلطة، ويعدّه عباس أمرًا مقدسًا، وهي الحقيقية الوحيدة”.
ويُذكر أن عباس قال خلال لقائه 300 “إسرائيلي” في مايو/ أيارالماضي، في رام الله “التنسيق الأمني مقدس، وسنستمر سواء اختلفنا أو اتفقنا في السياسة”.
حركة “حماس” التي تعد أكثر الفصائل الفلسطينية التي دفعت ثمن سياسة التنسيق الأمني منذ تأسيس السلطة، سارعت إلى الترحيب بقرار المجلس المركزي.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” موسى أبو مرزوق، في تصريح متقضب نشره، مساء الخميس (6-3)، على صفحته بموقع (فيسبوك): إن “العديد من قرارات المجلس المركزي جيدة وفي الاتجاه الصحيح، وحماس تستقبلها بإيجابية”.
وتعرض الآلاف من أعضاء حماس للاعتقال المتبادل في سجون السلطة والاحتلال؛ ضمن سياسة الباب الدوار على مدار السنوات الماضية، فيما تفاخر غير مرّة قادة السلطة بتقديم معلومات للاحتلال ساهمت في إحباط عمليات للمقاومة واعتقال مقاومين.
ورغم استبعاد العديد من الخبراء والباحثين لالتزام السلطة بوقف التنسيق الأمني بالشكل الذي نصّ عليه قرار المجلس المركزي، إلا أن ذلك لا يمنع طرح السيناريوهات المحتملة لما يمكن أن يحدث حال تحقق ذلك.
ويرى المدهون أن انعكاسات ذلك تتمثل في “عودة الانتفاضة والثورة والمواجهة مع الاحتلال”، مشددًا على أن عباس لا يقبل ذلك.
واستبعد أن تنهار السلطة بسبب القرار كأحد تداعيات الحصار المالي المتوقع اشتداده عليها، موضحاً أن “السلطة قادرة على تحمل الحصار المالي، والآن قوتها الدبلوماسية كبيرة لو استثمرت بشكل أمثل”.
وجمدت حكومة الاحتلال صرف أموال المقاصّة الفلسطينية منذ ثلاثة أشهر، الأمر الذي فاقم الأزمة المالية التي تواجهها السلطة وحدّ من قدرتها على دفع رواتب موظفيها، حيث صرفت خلال الشهرين الماضيين 60 % من الراتب فقط.
أما القرا فيرى أنه “حال صدق توجه السلطة نحو وقف التنسيق الأمني سيكون تطورًا كبيرًا، ويمكن أن يحدث أن تفقد السلطة آخر مقوماتها وهي دفع الرواتب”.
وأشار إلى أن الأمور قد تتطور إلى قيام الاحتلال بتولي السيطرة المباشرة على مقرات الأجهزة الأمنية أو بالتنسيق معها، تحسبًا لعودة الروح والحياة لفصائل المقاومة التي أنهكت على مدار السنوات الماضية بفعل سياسة التنسيق الأمني.
إلا أن موقف السلطة الرسمي وإجراءاتها الأمنية على أرض الواقع هما الحقيقة التي ينتظرها الجمهور الفلسطيني الذي تعوّد على تنكر قيادة هذه السلطة وأجهزتها الأمنية لكل الاتفاقات الفلسطينية والقرارات بما فيها قرارات أعلى محكمة قضائية فلسطينية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...