الخميس 09/مايو/2024

المرأة الفلسطينية في لبنان.. عطاء متواصل رغم صعوبة الحياة

المرأة الفلسطينية في لبنان.. عطاء متواصل رغم صعوبة الحياة

تشكل المرأة الفلسطينية نسبة 51% من المجتمع الفلسطيني في لبنان، وللمرأة الفلسطينية من خلال الدور الذي تخطى التوصيفات التقليدية للمرأة من أنها نصف المجتمع، وتفوّق على كافة أدوار أفراد المجتمع.

ونورد بعض الشهادات الميدانية لنكون أكثر دقة في توصيف الواقع، وتتفاوت الشهادات، ففاطمة (49 عاماً) مثلاً ترى أن المرأة الفلسطينية هي حبيسة الهموم، والمشاكل العائلية، فهي المسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة بالمنزل، ومطلوب منها تأمين كل متطلبات المنزل، وحتى لو كان لديها أولاد فهم لا يستطيعوا تقديم المساعدة لها لأنهم ببساطة لا يعملون، وهي التي تقوم بالعمل وتأمين المأكل والمشرب والملبس لهم، لذا يصبح للمرأة الفلسطينية  دوران دور الرجل ودور المرأة في آن معاً، وفق توصيف فاطمة.

أما هدى (61 عاماً)، صاحبة ميني ماركت فتشدد على أن “المرأة الفلسطينية” هي “امرأة مغلبة””  بمعنى أنها تتحمل فوق طاقاتها. فقد قُدر للمرأة الفلسطينية أن تتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية مع الرجل، وذلك نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يعيشها اللاجئون.  

أما بدر(28 عاماً)، مربية أطفال بروضة، فتختلف عن سابقاتها بتوصيف دور المرأة، وتعتبر أن للمرأة الفلسطينية دوراً مهماً وفعّالاً، فهي من خلال عملها تحاول أن تقدّم الأفضل للمجتمع وللقضية الأم فلسطين، وتعتبر أن عملها كمربية أطفال مهم في بناء وتنشئة جيل فلسطيني رائد، لأن هذه البراعم هي الأساس في ديمومة الحياة الفلسطينية وقضيتها.

وتكلمت إنعام، مديرة روضة أطفال داخل مخيم برج البراجنة، عن تجربتها بالعمل فقالت بأنها تقوم بدورين، دورها بالعمل هو تربية جيل فلسطيني يحب الوطن ويعشق القضية، وكذلك دورها بالمنزل اهتمامها بتربية ابنائها وترتيب حياتهم، والمرأة الفلسطينية في لبنان تأخذ دور الرجل أيضاً بسبب الأجور المتدنية الذي يتقاضاه العامل الفلسطيني، فيحتم على المرأة مشاركة ومساعدة الرجل.

وتشدد زهر عبد اللطيف، مسؤولة مركز بيت أطفال الصمود مخيم برج البراجنة، على الدور النضالي الذي تقوم به هذه المرأة، التي هي نصف المجتمع، وهي التي لا تفكر بأنانية، بل كل تفكيرها في بناء أسرتها ومجتمعها والحفاظ على قضيتها.

الوضع القانوني

وحول الوضع القانوني للمرأة الفلسطينية في لبنان يقول مدير مؤسسة “شاهد” لحقوق الإنسان الدكتور محمود حنفي أن المرأة الفلسطينية بالقانون الدولي واللبناني هي من الفئات الخاصة، ولكن القانون اللبناني لا يراعي هذا الشيء ولا يعاملها وفق هذا القانون، بل هو لا يميز بينها وبين الرجل بالتعامل، علماً أن لبنان وقّع اتفاقيات ومعاهدات خاصة بحقوق المرأة.

وتعتبر المرأة الفلسطينية أكثر الفئات تضررا من عدم العمل بهذا القانون، فهي تعاني الحرمان والقهر وذلك لاعتبارات نفسية وجسدية خاصة بالمرأة وتكوينها. مثلاً عندما يحرم القانون اللبناني الفلسطيني من التملك فهو يحرم المرأة الفلسطينية أيضاً، وعندما يحرم الفلسطيني من العمل فإنه يحرم المرأة الفلسطينية من العمل.

هذا فضلاً على أن المرأة التي تريد الالتحاق بعمل معين وتملك المؤهلات فإنها تُحرم من حقوقها وامتيازاتها، فهي لا تعمل بعقد عمل لأن قانون العمل اللبناني لا يمنح الفلسطيني عقد عمل، وتحرم من الضمان الاجتماعي، وتعويض نهاية الخدمة، والإجازات الطارئة، وهذا كله يؤثر على المرأة.

لهذا نرى أغلب النساء الفلسطينيات يعملن بأعمال شاقة ومخصصة للرجل أكثر، فعلى سبيل المثال تعمل النساء في منطقة جنوبي لبنان بالزراعة وأجرها لا يتخطى 12000 ليرة لبنانية لليوم الواحد (ثمانية دولارات).

وأيضا في حال أراد لبناني أن يتزوج من فلسطينية يخضع لعدة اجراءات معقدة  ليتم عقد القران ويوجد بعض الحالات يتم رفضها، وكذلك إذا أرادت امرأة لبنانية الزواج برجل فلسطيني فهي لا تمنح الجنسية لأبنائها، وهذا مخالف للقانون الدولي الذي أقر للمرأة أن تمنح  الجنسية لأبنائها اذا كان الأب من غير جنسية.

فيوجد في لبنان 5000 زوج فلسطيني من لبنانية ومعدل الأبناء لديهم بين 3 الى 4 أبناء، وبهذا يكون العدد 20000 طفل محرومين من جنسية والدتهم، وهذا لاعتبارات سياسية محضة.

وكل هذه التصرفات تؤثر سلبيا على المرأة الفلسطينية في لبنان، ولكن تبقى المرأة الفلسطينية هي المتحمل الأكبر للمسؤوليات رغم كل العوائق.

الآثار

يعتبر الدكتور حنفي أن الشخصية القانونية وحقوق الإنسان هما مترابطان ولا يمكن أن تكتمل الحقوق دون وجود هذه الشخصية.

لذا يحتم على القانون اللبناني أن يسمح لها بالعمل والتملك وحرية التنقل والحصول على بقية الحقوق المدنية المشرعة دولياً.

فالآثار سيئة جداً وهي آثار مباشرة وغير مباشرة، ومعظمها تصيب المرأة بالصميم نتيجة الحرمان، وعدم وجود نقابات تساعد في متابعة الملفات الخاصة باللاجئين وملف المرأة الفلسطينية بالذات.

وبسب  الوضع الإقتصادي السيء الذي يعاني منه اللاجئون الفلسطينون، وعدم تمكن الرجال من الزواج تصبح المرأة الفلسطينية عرضة للعنوسة.

فالمرأة الفلسطينية  تقوم بدور تربية الأبناء وتعمل خارج المنزل لتؤمن قوت العائلة وتناضل لإبراز قضيتها، وهذا يعتبر حملاً ثقيلاً عليها، ويجب أن تقوم بأعمال خفيفة.

وعلى رغم ذلك تبقى المرأة الفلسطينية مدرسة صبر ومدرسة بطولة، ومدرسة بالبقاء من خلال تنشئة جيل فلسطيني واعد، لأن هذا الشعب هو شعب حي، وما يبعث الحياة بهذا الشعب هي المرأة الفلسطينية، التي تبقى رمزاً بالماضي والحاضر.

كتب: حنين العبد – بيروت

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات